وهنا سؤال أطرحه على العلماء والمجامع الفقهية وهو هل يجوز للفقيه أن يجتهد بعقل أو علم غيره؟. ومما لايخفى على أحد أن للمجتهد شروطا لا يوجد منها أنه يجوز له أن يجتهد بعقل أو علم غيره.
وأعيد السؤال حتى يكون واضحا, هل يجوز للعالم أن يستعين بعالم فيزيائي ثم يجتهد برأي ذلك العالم الفيزيائي ويصدر حكما شرعيا على ذلك الأمر الذي لم يستوعبه ولم يتصوره تصورا كاملا وصحيحا ولا يستطيع أن يدركه بالحس والتجربة وإنما يدرك بالعلم الفيزيائي وخير مثال على هذا الحساب الفلكي. أما الذي يمكن إدراكه بالحس والتجربة مثل مواقيت الصلاة واتجاه القبلة فنستثنيه من السؤال.
أحسب أن مناقشة هذا الأمر يجب أن تسبق مناقشة الحساب الفلكي وغيره من القضايا المتعلقة بالعلم المادي وإلا سوف تكون الأحكام مضطربة. وكان أحرى بأن ينتظر علماؤنا حتى يجمع الفلكيون على رأي واحد, في الأقل, من قبل الخروج على الأمة بحكم شرعي.
وخلاصة القول إن العلة الحقيقية التي منعت الحساب الفلكي من تحقيق وسيلة أكمل وأوفى من الرؤية البصرية هي أن الشهر القمري الفلكي لايمكن أن يكون 29 يوما او30 يوما كما بينا من قبل وإنما يقصر إلى 29 يوما و 6 ساعات و35 دقيقة ويطول إلى 29 يوما 19 ساعة و55 دقيقة ومهما حاول الحساب الفلكي أن يجبر أيام الشهر القصير والطويل وما بينهما سلبا أو إيجابا إلى 29 يوما أو30 يوما لموافقة قول رسول الله –صلى الله عليه وسلم- فلن يصل إلى ذلك إلا بوسيلة ظنية توقع الأمة المسلمة في خلل واضطراب وتشتت وتفريق وتجعل من أبناء البلاد الواحدة بل المدينة الواحدة يصوم بعضهم ويفطر الآخرون. ثم إن محاولة الجبر لهذه الأشهر لكي تصبح إما 29 يوما أو 30 يوما ليس لها معادلة ثابتة ذلك أن ولادة الهلال تحدث في أوقات مختلفة من كل شهر ولذلك أصبح جبر كسر الشهر القمري عند القائلين بالحساب متكلفا ومعتمدا على القياس والعقول المتفاوتة والتي خرجت بنا عن كل معقول ومنقول.
ثم إن العلة الحقيقية في ثبوت الرؤية البصرية وعدم اضطرابها تكمن في ظنيتها ذلك أنها تجبر كسر الشهر القمري جبرا ظنيا طبيعيا معتمدا على نص نبوي كريم غير متكلف فيه ولا مجال فيه لإعمال القياس والعقول. واضيف ايضا أن هذه الظنية هي التي تجعل من من أبناء البلد الواحد يصوم جميعهم ويفطر جميعهم في يوم واحد ولولاها لوجب على أهل الشرق في نفس البلد أن يفطروا وعلى أهل الغرب أن يصوموا.
ـ[مصعب الجهني]ــــــــ[20 - 08 - 09, 09:43 م]ـ
مفهوم الأمة الأمية:
وكما مر بنا من قبل فإن القائلين بالحساب الفلكي احتجوا بقول رسول الله –صلى الله عليه وسلم- "إنا أمة أمية لا نكتب ولا نحسب الشهر هكذا وهكذا ... " فقالوا إن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- علل "أمره باعتماد رؤية الهلال رؤية بصرية لبدء الصوم والإفطار بأنه من أمة أمية لا تكتب ولا تحسب، فما من سبيل لديها لمعرفة حلول الشهر ونهايته إلا رؤية الهلال الجديد، ما دام الشهر القمري يكون تارة تسعة وعشرين وتارة ثلاثين. وهذا ما فهمه شراح الحديث من هذا النص."2
والقائلون بهذا القول جعلوا من أمة محمد –صلى الله عليه وسلم- أمتين, أمة أمية وأمة غير أمية. والسؤال الذي نطرحه الآن, هل كان الصحابة بعد بعثة رسول الله –صلى الله عليه وسلم- أميين؟ وهل ارتفعت الأمية عن المسلمين اليوم لأنهم أصبحوا يعرفون الحساب الفلكي؟. ثم نسال سؤالا آخر, هل يمكن أن يكون الخطاب في حديث رسول الله –صلى الله عليه وسلم- خاصا للأمة الأمية التي لاتعرف الحساب الفلكي؟ أما متى عرفت الحساب فيجوز لها تلغي هذا الحديث وتسقط اعتباره لأن المكلف به الأمة الأمية.
أقول وبالله التوفيق إن الأمي في معاجم اللغة كاللسان وغيره هو الذي لايكتب وتأتي بمعنى الذي على خلقة الأمة لم يتعلم الكتاب فهو على جبلته والأميون جمع أمي. ومعنى "إنا أمة أمية لانكتب ولا نحسب" أراد أنهم على أصل ولادة أمهم لم يتعلموا الكتابة والحساب فهم على جبلتهم الأولى. ومعنى الحديث "بعثت إلى أمة أمية" قيل للعرب الأميون لأن الكتابة كانت فيهم عزيزة أوعديمة. وقيل لسيدنا محمد –صلى الله عليه وسلم- , الأمي لأن أمة العرب لم تكن تكتب ولا تقرأ المكتوب, وبعثه الله رسولا وهو لايكتب ولا يقرأ من كتاب.
¥