تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

3. ليس من المعقول أن يختص رسول الله –صلى الله عليه وسلم- جماعة من أمته دون جماعة في حديث عن ركن من أركان الإسلام وكأن الجماعات الأخرى من أمته غير معنية بهذا الركن.

4. لقد بينا أيضا معنى الأمية الخاص وهو عدم معرفة الكتابة ولا علاقة للأمية من بعيد أو قريب بالحساب ذلك أنني لم أجد تعريفا للأمية فيما أطلعت عليه من كتب اللغة والتفسير يدل على أن من لايعرف الحساب أمي, إذن, لماذا ذكر رسول الله –صلى الله عليه وسلم- الحساب؟. والذي أعتقده أن الإنسان يخرج من بطن أمه غير حاسب ولا كاتب ولكنه يتعلم الحساب من خلال بيئته ذلك أنه يحتاج إلى البيع والشراء وعد الأشياء وتلك مهارة يكتسبها من غير معاناة ومشقة ومن هنا ترتفع أمية الحساب عن كل إنسان بعد مدة من ولادته. أما أمية الكتابة فتبقى ملازمة للإنسان حتى يتعلم الكتابة. ومن هنا يتبين لنا أن ذكر رسول الله –صلى الله عليه وسلم- للحساب, مع علمه أن الأمة حاسبة, تأكيد على أنه يجب علينا أن نبقى بخصوص دخول الأشهر القمرية على الحال التي ولدتنا عليها أمهاتنا.

5. كما أن المتأمل في الحديث يجد أن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- قال "لانكتب ولا نحسب" بالنون وليس بالتاء ولو كان الحديث لاتحسب ولا تكتب لعاد الضمير على الأمة وفي هذا إشارة إلى نفي الأمية عن الأمة.

6. ثم إن الحديث فيه حساب وإلا كيف عرف أصحاب رسول الله –صلى الله عليه وسلم- رضي الله عنهم أن الشهر 29 يوما أو 30 يوما. كما أن الأمة في عهد رسول الله –صلى الله عليه وسلم- تعرف الحساب ودليل ذلك أن الناس في عهده –صلى الله عليه وسلم- كانوا يتبايعون بالدرهم والدينار ولو لم يكونوا يعرفون الحساب لما تبايعوا. والأعظم من ذلك معرفتهم بعلم الفرائض والذي هو في غاية التعقيد ويحتاج إلى معرفة السدس والربع وعلم الزكاة كربع العشر وما سواه. وقول رسول الله –صلى الله عليه وسلم- أفرضكم زيد فيه دلالة على أنه يوجد من الصحابة من يعرف هذا العلم غير زيد وبقيت الأمة بعده صلوات الله وسلامه عليه عالمة بعلمي الفرائض والزكاة فمامن فقيه مر على هذه الأمة إلا ويعرف هذين العلمين معرفة وافية. كما أن العرب في أيام الجاهلية كانت تعرف الحساب وتعد الشاء والنوق والإبل والنجوم.

7. ثم لو فرضنا أن عدم معرفة الحساب أمية, ما الحساب الذي ترتفع به الأمية عن الأمة؟ هل هو حساب جدول الضرب أو حساب الفرائض أو حساب الفلك. والحساب أنواع كثيرة جدا فمنه الجبر والجبر ينقسم إلى خطي وغير خطي ومنه الهندسة الفراغية وحساب المثلثات و المعادلات التفاضلية الخطية وغير الخطية و الفئات والحساب المالي والاقتصادي والهندسي والإحصاء والتحليل العددي وكثير مما لانستطيع بسطه إلا في كتاب مستقل. ونسأل القائلين بالتعليل, أي حساب ترتفع به الأمية عن الأمة؟ وهل يجب على الأمة جميعها أن تكون عالمة بجميع أنواع الحساب حتى ترتفع عنها الأمية؟ أم يكفي علمها ببعض أنواعه وإذا كان لايجب على الأمة جميعها أن تكون عالمة بالحساب فما هو الحد الأدنى للعالمين به حتى ترتفع عن الأمة الأمية.

8. ثم هل الأمية محصورة بعدم معرفة الحساب والكتابة أم أنها تتعدى إلى غيرها مما لاتعرفه الأمة اليوم من صناعة سيارات وطائرات وصواريخ فمتى قسنا أمتنا اليوم بباقي الأمم سوف نحكم عليها بالجهل لا بالأمية فحسب لعدم إحاطتها بكثير مما يحيط به الغرب.

9. وإذا كانت معرفة فئة قليلة من الأمة بالحساب الفلكي ترفع عن الأمة المسلمة الأمية فإن معرفة بعض الصحابة بالكتابة والحساب ترفع عن صحابة رسول الله –صلى الله عليه وسلم- الأمية أيضا. ولا يخالجني شك أن نسبة الكاتبين الحاسبين من الصحابة أكثر بكثير من نسبة العارفين بالحساب الفلكي من الأمة المسلمة اليوم.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير