10. ثم ماذا يقول القائلون بالحساب متى علموا أن دراسة مقارنة استندت عليها الإليسكو اظهرت أن نسبة الأمية في العالم العربي ستصبح الأولى في العالم بعد أن كانت الثانية بعد افريقيا وليس هذا فحسب بل إن متوسط عدد الأميين في العالم العربي اقترب من ضعف المتوسط العالمي. وكيف لو علموا أن نسبة العاملين في البحث العلمي في العالم العربي لاتتجاوز 300 عالم لكل مليون عربي بينما هي في أمريكا تتجاوز 4000 وفي أوربا تزيد عن 2000 وكيف لو علموا أيضا أن عدد الكتب المنشورة في العالم العربي أقل من ثلث الكتب المنشورة في إسرائيل على الرغم من أن اليهود في فلسطين 7 ملايين والعالم العربي تجاوز مليون. وإنه ليجوز لنا بعد هذا كله أن نسأل بعد هذه الأمية التي لاتعادلها أمية في العالم هل يعتبرنا القائلون بالحساب غير أميين وتصبح علة الأمية مرتفعة عنا.
ومن هنا يتبين لنا أن قول رسول الله –صلى الله عليه وسلم- "إنا أمة أمية لانكتب ولا نحسب الشهر هكذا وهكذا" أنه يجب أن نكون على الحالة التي خرجنا عليها من بطون أمهاتنا في عدم معرفة الكتابة والحساب حيال صومنا وفطرنا.
كما أن تعليل النصوص الشرعية بهذه الطريقة يجيز لمن يريد من أهل الهوى أن يجعل من بعضها خاصا بفترة النبوة دون غيرها ليهدم ماأراد من اصول الدين وفروعه. ولن يعدم صاحب الهوى قرينة يتأولها للوصول إلى مايريد وهذا يفتح المجال لكل متلاعب وعابث يريد أن يعبث في هذا الدين والذي يقول بتعليل النصوص بهذه الطريقة كأنه ينفي شمول هذا الدين وصلاحه لكل زمان ومكان.
كيف نحسن الرؤية؟:
من خلال دراسة قام بها الدكتور الفاضل أيمن كردي, أستاذ الفلك في جامعة الملك سعود, قارن فيها بين الرؤية البصرية والحساب الفلكي بين عام 1400هـ وعام 1422هـ وجد أنه:
1. تطابقت الرؤية مع الحساب 14 مرة من حيث وجود الهلال.
2. تطابقت الرؤية مع الحساب 24 مرة من حيث عدم وجود الهلال.
3. لم تتطابق الرؤية مع الحساب 18 مرة حيث تم التبليع بالرؤية مع عدم ولادة الهلال فلكيا.
4. لم تتطابق الرؤية مع الحساب مرتين حيث ولد الهلال فلكيا ولم يتم التبليغ.
وخلصت الدراسة إلى أن نسبة التطابق بين الحساب الفلكي والرؤية هي 67%.
ومن خلال دراسة الدكتور أيمن كردي أرى أن التطابق بين الرؤية والحساب الفلكي كبير متى قسناه بما سخرناه وقدمناه للرؤية البصرية.
والذي أراه أنه يمكننا زيادة نسبة التطابق بين الرؤية والحساب إلى نسبة قد تصل إلى التطابق التام بينهما ومن أجل تحقيق ذلك أقترح:
1. إنشاء معهد يشرف عليه مجلس القضاء الأعلى أو إحدى جامعات المملكة لتعليم الرؤية البصرية على أصول علمية غير قابلة للجدل ولا يقبل في هذا المعهد إلا من يوثق في ديانته وعقله وبصره. ذلك أن المحتسبين الثقات في طريقهم إلى الانقراض ولا يمكن التعويل على محتسبين قد يبلغون عن الرؤية وقد لايبلغون.
2. تكوين فريق من الأساتذة المختصين في الفلك من أجل عمل دراسة ميدانية تمسح المملكة بحثا عن أفضل المواقع لرصد الأهلة.
3. إنشاء عدد كبير من المراصد في الأماكن التي يحددها الفريق يعمل فيها خريجوا المعهد الفلكي.
أظن أننا متى قمنا بذلك سوف تقترب الرؤية من اليقين وسوف نضمن بإذن الله أن صيامنا وفطرنا في غاية التثبت والدقة ذلك أنه كلما ازداد عدد الراصدين كلما قل الخطاء وسوف نضمن بعد ذلك عدم التزوير والكذب في الرؤية من أجل مصلحة دنيوية كما يقول الشيخ مصطفى الزرقا رحمه الله.
وأتمنى أن تقوم البلاد المسلمة جميعها بعمل هذا حتى نصل إلى وحدة في صيامنا وفطرنا.
وكما بينا من قبل أن السبب في تمسك القائلين بالحساب هو دقته العالية في حساب الاقتران, فمتى ما قمنا بما اقترحته سوف نصل بإذن الله إلى درجة عالية من الدقة والضبط للرؤية يرتضيها القائلون بالحساب وبذلك نبتعد عن الحساب الفلكي واضطرابه الكبير والله ولي التوفيق.
(*) قسم الهندسة النووية ـ جامعة الملك عبد العزيز
1. الشيخ يوسف القرضاوي, "الحساب الفلكي وإثبات أوائل الشهور",
2. الشيخ مصطفى الزرقا, " لماذا الاختلاف حول الحساب الفلكي؟ ",
. الدكتور محمد بخيت المالكي "ملاحظات على أسباب الاختلاف بين الرؤية الشرعية والحساب الفلكي لهلال الشهر الإسلامي" مجلة السنة, العدد 101, رمضان 1421هـ.