أخي الحبيب .. المناط الذي اعتمدناه مدرَك بلا شك، ولكنك تعلم أنه لا أحد يستطيع أن يعرف هل وصلت السمسمة أو القطرة أو الرذاذ للمعدة أم لا ..
فهذا اعتراض مني على كلامكم في اعتبار الوصول للمعدة مناطاً، ولا يرد على قولي مثلُ هذا.
قلتَ حفظك الله:
(فمجاوزته الحلق مناط كونه مفسداً للصوم).
وأقول: في مسألة (دواء الفم) المناط عينُه متحقِّق.
إذا لم يكن سبيل إلى إدراك أنه قد جاوز الحلق والعلم بذلك فكيف يكون مثيله؟! وليس الأمر في البخاخ على هذا النحو.
.................................................. .............
قلتَ حفظك الله:
(أولاً: حديث لقيط بن صبِرة يفيد أن الماء النافذ إلى الجوف عن قصد مفطر، وهذا في معنى الأكل والشرب .. ولا أدري كيف أخرجتم البخاخ عن كونه في معناهما، مع أنه أولى بهذا من المبالغة في الاستنشاق؟!
شيخنا: لا يخفى عليك أنّ مقصود أهل العلم بما كان بمعناهما (أعني: الأكل والشُّرب) أنه يُغني عنهما في سدّ حاجة الإنسان التي بها قوامُ بدنِه ودوام حياته، فهل (البخّاخ) بمعناهما؟!
بطبيعة الحال: لا.
ولا إخال أحداً يمكنُهُ ادِّعاء ذلك.
وعليه فاستغرابُك محلُّ استغراب.
وقياسُك البخّاخ على الماء الدّاخل مع الأنف قياسٌ مع فوارق، فلا يصحّ.
هو ليس قياساُ، بل هو أولى بالحكم بالفطر به من الماء الداخل مع الأنف.
وفقك الله
وهذا الكلام غير صحيح: (لا يخفى عليك أنّ مقصود أهل العلم بما كان بمعناهما (أعني: الأكل والشُّرب) أنه يُغني عنهما في سدّ حاجة الإنسان التي بها قوامُ بدنِه ودوام حياته)
هذا ليس هو مقصود ((العلماء)) .. هذا رأي لبعض العلماء
وأنا لا أقول به ولا أرتضيه .. لأنه مخالف لحديث لقيط، فهل مجرد الماء المتسرب بسبب المبالغة في الاستنشاق يغني عن الطعام والشراب ويحصل به ما ذكرت؟!
.................................................. .............
قلتَ حفظك الله:
(ثانياً: لا فرق في الإفطار بين القليل والكثير مما كان أكلاً أو شرباً أو في معناهما عند عامة أهل العلم، فالقول فيمن ابتلع سمسمة فجاوزت حلقه أنه مفطر .. ووصول شيء من هذا الدواء ثابت طباً (.
شيخنا: الجواب عن هذا من وجهين:
الوجه الأوّل: أنّا لا نسلِّم بأنّ (رذاذ البخَّاخ) يُعَدُّ أكلاً أو شُرباً أو في معناهما لا شرعاً ولا عُرفاً ولا طبّاً.
الوجه الثاني: إذا كنتَ لا تفرِّق بين القليل والكثير ـ هكذا بإطلاق ـ وتُعلِّق الوصول بالثبوت طبّاً فلماذا لا تقول بفطر مَن استعمل (دواء الفمِ) على نحو ما صوّرتُ لك في مشاركتي السّابقة؟
فإن قلتَ: ثمّة فوارق.
أجبنا بالمنع من التسليم لك بصحّة هذه الفوارق على ما سبق.
الوجه الأول سبق الجواب عنه، وأنه مخالف لحديث لقيط، وأما الثاني فأقول به لو علم أنه داخل أو أدرك ذلك ..
والثاني أقول بالفطر به إن كان قد تيقن مجاوزة شيء من الدواء حلقَه.
ثم إنك قلتَ (ووصول شيء من هذا الدواء ثابت طباً)
فعلّقتَه هنا على الثبوت الطّبّي في حين أنك في مسألة (دواء الفم) لم تعلِّقْه على المناطِ نفسِه الذي هو الثبوتُ الطّبّي، بل جعلتَ المناط (إدراكَ الصّائمين)، مع أنّ توحيد المناط واجب في المسألة ونظائرها، وهذا ـ كما لا يخفى على شريفِ علْمِكم ـ تحكُّمٌ أو غفلة أعاذني الله وإياكَ منهما.
هذا -سددك الله- مكرر، وقد سبق الجواب عنه.
.................................................. ...............................
قلتَ حفظك الله:
(ثالثاً: دخول رذاذ البخاخ من الفم إلى الحلق مقصود للتداوي، وأما ما ذكرت من استنشاق رائحة البنزين ورطوبة الهواء فأمر يشق دفعه بلا نزاع، وهي في الحكم كغبار الطريق وغربلة الدقيق ونحوهما .. ثم إن صاحبها لم يقصد إدخالها إلى ما وراء حلقه).
شيخنا الفاضل:
اسمح لي أن ألفتَ انتباهك قد لا يكون ضرورياً، ولكن لا بأس من ذكره ـ وهو أنك قلتَ هنا: (دخول رذاذ البخاخ من الفم إلى الحلق مقصود للتداوي)، وقلتَ (ثم إن صاحبها لم يقصد إدخالها إلى ما وراء حلقه).
مع أنك في مشاركةٍ سابقة عِبتَ عليَّ ـ ثمّ على أبي الوليد التويجري ـ التفريقَ بـ (اختلاف القصد)، وأشرتَ بأنّ هذا التفريق بالقصد: (لا يقول به فقيه!)
وأُراك الآن قد رجعتَ إلى التعليلِ به!
تنبه -بارك الله فيك- إلى أنني لم أعب مجرد تعليق الحكم بالقصد ..
أنا عبتُ أمراً آخر لا يقول به فقيه حقاً ..
وهو أن عمراً أدخل شيئاً إلى حلقه لكنه لا يريد أن يصل إلى معدته
وزيد قام بنفس الفعل لكنه يريد أن يصل إلى معدته
فيفطر الثاني -عند الفاضل أبي معاذ- ولا يفطر الأول!!!
هل تصورت فساد هذا القول أخي المبارك؟
قلت حفظك الله:
(وأما ما ذكرت من استنشاق رائحة البنزين ورطوبة الهواء فأمر يشق دفعه بلا نزاع)
شيخنا: التعليل بمشقّة الدّفع متحقِّق في (رذاذ البخّاخ) أيضاً، ولا أظنّ أن هناك من ينازع في ذلك.
بل لا مشقة في دفعه .. كمن يضع مضخة دفع قوية في فمه باختياره وهو عالم بشأنها ثم لا يتمكن من منع وصول ذلك إلى حلقه لقوة دفع الماء .. هل أفسد صومه؟ نعم أفسده بلا شك.
ومن كان محتاجاً لليخاخ أجزنا له الفطر ذلك اليوم لأنه في حكم المريض.
قلتَ حفظك الله:
(ثم إن صاحبها لم يقصد إدخالها إلى ما وراء حلقه).
وكذلك نقول في (رذاذ البخّاخ) فإنّ صاحبَه لم يقصد إدخاله إلى ما وراء حلقه.
بل قصد -أيها الفاضل- أن يزيل تلك الأزمة بإدخاله إلى ما وراء حلقه .. ولك أن ترجع لفتوى دار الإفتاء المصرية ليتضح لك مرادهم بهذا التعبير.
وأخيراً ... أرجو أن يتسع صدرك ـ شيخَنا الكريم ـ لأمثالي من المبتدئين، فمنكم نتعلّم.
وأنا أتعلم من أدبكم، ومحاورتكم. وحياكم الله إخوة أحبة.
وفقك الله أخي الكريم
¥