تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أن يكون اعتكافه زيادة له في الخير وزيادة له في البر، وكل معتكف حقيق وواجب عليه أن يقف في آخر يوم من أيام اعتكافه فينظر إلى نفسه وينظر إلى قوله وعمله لكي يسأل ما الذي خرج منه من هذه العبادة فإن وجد أنه خرج بطاعة يحبها ويأنس بها ويشتاق إليها ويرتاح بالجد والاجتهاد فيها فليحمد نعمة الله عز وجلَّ عليه ويسأل الله الثبات، ومن هنا علينا أن ندرك أن الاعتكاف مدرسة للخير والبر يحبس وليّ الله المؤمن في بيت الله عز وجلَّ الذي ترى عينه فيه الراكع والساجد فينظر إلى هذا ساجداً بين يدي الله وينظر إلى هذا رافعاً كف الضراعة إلى الله وينظر إلى ثالث يتلو كتاب الله وينظر إلى رابع قد أقبل على نفسه يلومها في طاعة الله وجنب الله فعندها يطمئن قلبه وينشرح صدره في رفقة إيمانية ومجالس رمضانية مليئة بذكر الله مليئة بطاعة الله يصبح ويمسي بوجوه مشرقة من طاعة الله سبحانه وتعالى، كان الصحابة-رضوان الله عليهم- إذا أصبحوا من قيام الليل تلألأت وجوههم {سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُود} فهذه نعمة من الله عز وجلَّ على المعتكف، كل معتكف يريد أن يكون موفقاً في اعتكافه فليسأل الله وليدع قبل أن يدخل معتكفه أن يرزقه الله عز وجلَّ التوفيق، فالتوفيق أساس كل خير وأساس كل بر ومن وفق أصاب الخير؛ لأن الأمور كلها لا تكون بحول الإنسان وقوّته، ومن هنا كان - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يقول: {يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث أصلح لي شأني كله ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين}

فإذا دخل الإنسان إلى المسجد مفتقراً إلى رحمة الله ويقول يا رب أسألك التوفيق يا رب اسألك اعتكافاً يرضيك عني وأسألك ساعات ولحظات معمورة بذكرك وشكرك.

- ثانياً: من الأسباب التي تعين على الاجتهاد في الاعتكاف أن يستشعر نعمة الله- U- عليه كم من ميتٍ تمنى هذه العشرة التي هو فيها فحيل بينه وبين ما يشتهي، وكم من مريضٍ طريح الفراش طريح الفراش يتمنى العافية التي أنت فيها وكم من مشغول في تجارته وأمواله وأولاده شغل عن المكان الذي أنت فيه فاحمد الله عز وجلَّ أن هيأ لك ذلك ويسر لك ذلك فإذا دخلت بهذا الشعور تحس أن الله أنعم عليك وأن الله اختارك من بين الناس عندها تعرف قيمة هذا الاعتكاف.

- ثالثاً: إذا دخلت المعتكف تعلم أنه ليس لك من هذا الاعتكاف إلا ما قضيت في طاعة الله عز وجلَّ فليكن أنسك بالله عز وجلَّ أعظم من أنسك بالناس أي مُعْتَكِف هذا المعتكف الذي ينتقل من فلان إلى فلان أي معتكف هذا المعتكف الذي جعل اعتكافه زيارة الأصحاب والجلوس مع الأحباب والتفكه بالنكت والضحك في بيت الله عز وجلَّ لاهياً عن ذكر الله شاغلاً غيره عن طاعة الله عز وجلَّ أي اعتكاف لو جلس في بيته لكان خيراً له وللناس وخيراً لغيره أن لايشغلهم عن طاعة الله عز وجلَّ ومرضاة الله فعلينا أن نهيء أنفسنا لهذا.

ومن هنا أنبه على قضية صحبة الأحداث للاعتكاف في الحقيقة هذه الأزمنة إزدحمت المساجد وصعب جداً أن كل شخص يجرّ معه عشرين شاباً أحداثاً يأتي بهم إلى المسجد يعتكفون يضيّقون على من هو أحق وأجدر وأولى وأنا لا أشك - إن شاء الله - أن الإخوة يريدون الخير وأنهم يريدون تعويد هؤلاء الفتية على مرضاة الله ومحبة الله؛ لكن هذا سلاح ذو حدّين أنا أقول بالأخص في المسجد الحرام لأننا كلنا بدأنا نعاني والناس تشتكي من الضيق والزحام بل رأيت بعيني من هؤلاء الأحداث تصرفات لا تليق قد تؤدي بالأخيار وتسيئ بهم بأمور لا تليق بهم وقد يكون بينهم من هو ليس بالملتزم ذلك الالتزام المستقيم تلك الاستقامة فيجر إلى غيره تبعات لا تحمد عقباها، ومن هنا أرجو إعادة النظر لو أمكن أمثال هؤلاء أن يسحبوا إلى المساجد الأخر وأن لايعتكف في المسجد الحرام إلا أناس يعقلون معنى الاعتكاف وأناس فعلاً سبق أنا جئنا بهم فوجدنا فيهم الجد والاجتهاد والانضباط فهؤلاء أولى وأحق، أما أن يؤتى بهؤلاء الأحداث يشوشون ويضيقون على من هو أولى وأحق فهذا أمر أخشى أن يكون فيه إثم ووزر على الأسباب؛ لأن الإنسان التي يضر بالناس تعاطيها لاشك أنه يحمل الإسباب المسؤولية فعلى المربين والأساتذة - اسأل الله أن يعظم أجورهم وأن يجزل لهم المثوبة في الدنيا والآخرة - أن يحافظوا على أبناء المسلمين فوالله نغبطهم على هذه

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير