وقد دلت الأحاديث الصحيحة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أن هذه الليلة متنقلة في العشر، وليست في ليلة معينة منها دائمًا، فقد تكون في ليلة إحدى وعشرين، وقد تكون في ليلة ثلاث وعشرين، وقد تكون في ليلة خمس وعشرين، وقد تكون في ليلة سبع وعشرين وهي أحرى الليالي، وقد تكون في تسع وعشرين، وقد تكون في الأشفاع. فمن قام ليالي العشر كلها إيمانًا واحتسابًا أدرك هذه الليلة بلا شك، وفاز بما وعد الله أهلها) [2] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=26#_ftn2) .
رابعاً / عنايته الخاصة صلى الله عليه وسلم بأهله:
ثبت في الصحيحين، قول أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها: (كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخلت العشر أحيا ليله وأيقظ أهله وشد مئزره (، وهذه العناية منه صلى الله عليه وسلم بإيقاظ أهله رضوان الله عليهم لها دلالتها البالغة، مع شده لمئزره واعتزاله النساء – ليتفرغ للعبادة والطاعة.
إن هذه العناية بأمر الزوجة والأهل والأولاد تجعل من البيت المسلم يعيش في روحانية رمضان هذا الشهر الكريم، فعندما يقبل الأب والأم والأبناء والبنات على الصلاة والعبادة والذكر وقراءة القرآن، ولنحفزهم على ذلك الخير فمن دعا إلى هدى كان له من الخير والأجر مثل أجور من اتبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئاً.
نقل الإمام ابن رجب الحنبلي رحمه الله في لطائف المعارف، عن الإمام سفيان الثوري رحمه الله قال: أحب إلي إذا دخل العشر الأواخر أن يتهجد بالليل ويجتهد فيه، وينهض أهله وولده إلي الصلاة إن أطاقوا ذلك.
خامساً / اعتكافه صلى الله عليه وسلم:
الاعتكاف هو لزوم المسجد بنية مخصوصة، لطاعة الله تعالى: وهو سنة مؤكدة عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال الزهري رحمه الله: (عجباً للمسلمين! تركوا الاعتكاف، مع أن النبي صلى الله عليه وسلم، ما تركه منذ قدم المدينة حتى قبضه الله عز وجل).
فعن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان حتى توفاه الله عز وجل ثم اعتكف أزواجه من بعده. رواه البخاري ومسلم.
المعتكف ذكر الله أنيسه، والقرآن جليسه، والصلاة راحته، ومناجات ربه متعته، والدعاء والتضرع لذته، ويكون بذلك قريباً من ربه، قريباً من تحقيق قيام ليلة القدر إيماناً واحتساباً، اضافة إلى الأجور الكبيرة المترتبة على التزامه للمسجد، من استغفار الملائكة له، وانتظاره الصلاة بعد الصلاة، وإدراكه لتكبيرة الإحرام، وتلاوته وسماعه للقرآن، وقيامه لليل،
ففي الاعتكاف حفظ لوقت المسلم ومساعدة له على عمارته بالمفيد من الأعمال الصالحة، وتربية له على العبادة والطاعة، وتعلق لقلبه بالمسجد وهو مما يحب الله، وطمأنينة للنفس وتزكية لها، وزيادة في إيمانيه وقربه من الله، أضف إلى مايحصل للمعتكف من الابتعاد عن الشواغل والصوارف التي تشغل الإنسان عن العبادة، وتصرفه عنه.
اللهم تقبل صيامنا وقيامنا، وبلغنا ليلة القدر، وأعنا على قيامها ايماناً واحتساباً.
[1] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=26#_ftnref1) من كلام سماحة الشيخ الدكتور / عبد الله بن جبرين رحمه الله.
[2] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=26#_ftnref2) من كلام سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله.