تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

- قال القرطبي رحمه الله: (أمر الله سبحانه وتعالى المؤمنين والمؤمنات بغض الأبصار عما لا يحل، فلا يحل للرجل أن ينظر إلى المرأة ولا المرأة إلى الرجل، فإن علاقتها به كعلاقته بها، وقصدها منه كقصده منها).

فهذه الآية مطلقة لم تقيد بشهوة أو بدونها.

2 - قال النبي r : ( لا ينظر الرجل إلى عورة الرجل، ولا المرأة إلى عورة المرأة، ولا يفضي الرجل إلى الرجل في ثوب واحد، ولا تفضي المرأة إلى المرأة في الثوب الواحد) رواه مسلم.

قال النووي رحمه الله في شرحه على مسلم 4/ 30: (فيه تحريم نظر الرجل إلى عورة الرجل والمرأة إلى عورة المرأة وهذا لا خلاف فيه، وكذلك نظر الرجل إلى عورة المرأة والمرأة إلى عورة الرجل حرام بالإجماع ونبه r بنظر الرجل إلى عورة الرجل على نظره إلى عورة المرأة وذلك بالتحريم أولى .... إلخ)

وهذا النهي مطلق لم يقيد بالشهوة.

وقال أيضاً رحمه الله في شرحه 2/ 50: (وأما نظر الرجل إلى المرأة فحرام في كل شيء من بدنها فكذلك يحرم عليها النظر إلى كل شيء من بدنه سواء كان نظرُهُ ونظرُهَا بشهوة أم بغيرها، وقال بعض أصحابنا لا يحرم نظرها إلى وجه الرجل بغير شهوة وليس هذا القول بشيء).

3 - عن جرير بن عبد الله رضي الله عنه قال: (سألت رسول الله r عن نظر الفجاءة فأمرني أن أصرف بصري) رواه مسلم.

قال المناوي في التيسير بشرح الجامع الصغير 1/ 320: ([اصرف بصرك] أي اقلبه إلى جهة أخرى إذا وقع على نحو أجنبية بلا قصد فإن صرفته لم تأثم وإن استدمت أثمت).

وهذا الحديث فيه الأمر بغض البصر عما لا يحل مطلقاً ولم يقيد بشيء.

4 - وحديث (المرأة عورة)، وحديث (إياكم والجلوس في الطرقات). كل هذه الأحاديث تأمر بغض البصر مطلقاً دون تقييد.

فالتقييد يحتاج إلى دليل خاص حتى يُقال به.

الوقفة الرابعة:

إن مما يدل على خطأ هذا القول وهو (تقييد تحريم النظر إلى الأجنبية بقيد الشهوة)، أن هذا القيد لا يجعل فرقاً بين المرأة الأجنبية وبين ذات المحرم كالأم والأخت، لأن هذا القيد ينطبق على الأم والأخت وكل ذات محرم فلا يجوز النظر إلى ذات محرم بشهوة ويجوز بغير شهوة، فصارت ذات المحرم في الحكم كالأجنبية لا فرق!

بل التقييد يلغي الفرق بين المرأة والرجل في مسألة النظر!! فإن من نظر إلى رجل سواءً كان أمرداً أو غيره بشهوة فإنه لا يجوز له فعل ذلك أيضاً، ولغير شهوة يجوز.

وعلى هذا فقد تساوى الجميع في هذه المسألة (بسبب هذا القيد) حيث يجوز النظر إليهم بدون شهوة ويحرم إذا كان بها!

وهذا مما يبين خطأ هذا القول ومخالفته.

قال النووي رحمه الله تعالى: (قال أصحابنا: النظر بالشهوة حرام على كل أحد غير الزوج والسيد حتى يحرم على الإنسان النظر إلى أمه وبنته بالشهوة، والله أعلم).

الوقفة الخامسة:

إننا إذا قلنا بجواز النظر إلى عورة المرأة الأجنبية كشعرها ونحرها وغيرهما بشرط عدم الشهوة، فإنه يلزمنا القول بجواز مشاهدة (العورات المغلظة) التي لا تثير الشهوة كذكر رجل أو غيره، لأن كلها عورات فيجوز النظر إليها إذا كان بغير شهوة.

ولا أظن أن أحداً سيقول بهذا؟؟!!

قد يعترض معترض فيقول: إن العورات المغلظة تختلف عن العورات الأخرى فلا يقاس بينهما.

فأقول: ما الدليل على التفريق؟ فإن الشرع قد أمر بستر الكل مغلظةً كانت أو مخففة؟ بل إن المخففة قد تكون أشد إثارة من المغلظة لأن النفوس تشمئز من منها في الغالب وتستقذرها!!

فإن قيل: إن العورات المغلظة مظنة للشهوة! أما المخففة فلا!

فنقول: هذا غير صحيح لأن الواقع بل والفطرة تثبت أن مشاهدة عورة رجل مغلظة أهون من مشاهدة نهد فتاة جميلة أو نحرها أو فخذها! مع أنها عورة مخففة!

الوقفة الخامسة:

قال الشيخ وفقه الله في سياق كلامه عن حكم مشاهدة المذيعات: (فبعض الأخطاء التي لا يوجد عليها نص خاص أو دليل خاص، ولكن تجد من داخلك شيء يقول لك: اترك هذا الأمر .. )

قلتُ: لا أظن أن الشيخ قد فاتته هذه النصوص الخاصة الصريحة -في مسألة النظر إلى الأجنبية- ولا أظنه تخفاه تصريحات الفقهاء في هذه المسألة.

لكن لعل الشيخ – وفقه الله- بنى قوله في هذه المسألة على ما يلي:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير