وهو أن النظر إلى الأجنبية (في الخيال والصورة) لم ترد فيه نصوص تخصه فيكون حكمه حكم الصور العامة، لأن الأدلة جاءت في غض البصر عن الصور الحقيقة لا عن الصور الخيالية (كالصور الفوتوغرافية والفيديو وغيرها). (تنبيه: هذا تخمين مني وظن، وإلا فإن الشيخ لم يفصل في المسألة).
فأقول:
قد ذكر ذلك بعض فقهاء الشافعية رحمهم الله حيث قالوا: (بأن النظر إلى المرأة الأجنبية عن طريق المرآة أو الماء يجوز إذا لم يكن بشهوة معللين بأنه لم يرها حقيقة وإنما رأى مثالها).
قال في إعانة الطالبين 3/ 301: (ولا يحرم نظره لها [أي المرأة الأجنبية] في نحو مرآة كماء وذلك لأنه لم يرها فيها وإنما رأى مثالها.)
وقد احتج بهذا بعض المعاصرين بأن النظر إلى الأجنبية من خلال الصور والإعلام يجوز إذا كان لغير شهوة لأنه نظر إلى الخيال والمثال لا إلى الحقيقة.
فأقول: إن هذا الكلام فيه نظر لأمور:
الأمر الأول: أنه قد جاء في البخاري عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أن النبي rقال: (لا تباشر المرأة المرأة، فتنعتها لزوجها كأنه ينظر إليها).
قال ابن حجر رحمه الله في فتح الباري 15/ 56: (قال القابسي: هذا أصل لمالك -رحمه الله- في سد الذرائع، فإن الحكمة في هذا النهي خشية أن يُعجب الزوج الوصف المذكور فيفضي ذلك إلى تطليق الواصفة أو الافتتان بالموصوفة).
فهنا قد نهى النبي r عن وصف المرأة للرجل – مع أن الوصف ليس بنظر أصلاً إنما هو تفكير-كل هذا خشية أن يفتتن بها، فما بالك بالصورة فإنها أشد من الوصف بلا شك فهي تحرم من باب أولى!!
الأمر الثاني: أن التفريق في مسألة النظر بين الحقيقة والخيال (الصورة) تفريقٌ في أمرٍ غير مؤثر، لأن من العلل التي مُنِع من أجلها النظر إلى الأجنبية هو الافتتان بها، وهذه العلة موجودة في النظر إلى الأجنبية في الحقيقة أو في الخيال (الصورة)، بل قد تكون المرأة في الصورة أجمل من الحقيقة وهذا أمر واقع لا شك فيه، لاسيما بعد التقنية الحديثة وفنون التصوير!!
فإن قال قائل: إن مشاهدة الأجنبية في (الصورة) ليست مثل مشاهدتها حقيقة في الشارع أو في المدرسة أو غيره لأنه إن شاهدها في الحقيقة قد يطمع بها ما لا يطمع بمن شاهدها في الصورة!!
فنقول: إن هذا منقوض بمشاهدة الرجل إلى (صورة) جارته الأجنبية عنه، فإنه سوف يطمع بها لقربها منه مع كونه رأى صورتها ولم يرها حقيقة!! فهل يُباح له نظرها مع الخوف أنه سيطمع بها؟
ويلزم من هذا القيد (وهو عدم الطمع بها) جواز مشاهدة عورة الأجنبية (في الحقيقة وليس في الصورة) إذا كانت أميرة أو وزيرة مثلاً، لأنه لا يمكن أن يطمع بها أحد من عامة الناس!
وهذا لا يقول به أحد.
الأمر الثالث: يلزم من القول بأن الأدلة الآمرة بغض البصر هي متعلقة بالحقيقة لا بالخيال (الصورة) لذلك فهي لا تشمل الصور، يلزم منه إباحة النظر للصور ولو بشهوة!! لأن الأدلة التي استنبطنا منها تحريم النظر لأي شيء بشهوة هي نفسها أيضاً متعلقة بالحقيقة لا بالخيال (الصورة)!! ولم يأتِ دليل خاص بمنع التشهي بالخيال (الصورة)؟
وعلى هذا اللازم فإنه يكون النظر إلى الأفلام الجنسية مباحاً لأنه نظر إلى صورة لا إلى حقيقة. وهذا لا يقول به أحد إلا (حزب التحرير) فيما أعلم!
الأمر الرابع: أنه يلزم من هذا القول وهو التفريق بين النظر إلى الصورة والنظر إلى الحقيقة هو أن الذين يذهبون إلى صالات المسارح لحضور مسرحية فيها متبرجات أو حفلة لأحد المغنيات أن بعضهم آثم والآخر ليس عليه شيء!! فالذين شاهدوا الممثلة أو المغنية (بغير شهوة) حقيقةً لا عن طريق التصوير فهؤلاء آثمون لأنهم نظروا إلى عورة أجنبية حقيقة، أما الذين شاهدوها (بغير شهوة) عن طريق الشاشات التي في الصالات الخلفية للمسارح فهؤلاء ليس عليهم شيء لأنهم نظروا إلى الصورة ولم ينظروا إلى الحقيقة .. وهذا لا أظن أن أحداً يقول به، لأنه تفريق بين متماثلين، والشريعة لا تأتِ بمثل هذا!!!
الأمر الخامس: قد يُقال بأنه يلزم من التفريق بين حقيقة الشيء وخياله، جواز سماع الموسيقى والغناء عن طريق الأشرطة لأنه خيال وليس بصوت حقيقي!! والأدلة متعلقة بالحقيقة لا بالخيال؟!
¥