تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وإن كانت الحاجة في الولاية إلى الأمانة أشد قدم الأمين مثل حفظ الأموال ونحوها فأما استخراجها وحفظها فلا بد فيه من قوة وأمانة فيولي عليها شاد قوي يستخرجها بقوته وكاتب أمين يحفظها بخبرته وأمانته وكذلك في إمارة الحرب إذا أمر الأمير بمشاورة أولي العلم والدين جمع بين المصحلتين وهكذا في سائر الولايات إذا لم تتم المصلحة برجل واحد جمع بين عدد فلا بد من ترجيح الأصلح أو تعدد المولى إذا لم تقع الكفاية بواحد تام

ويقدم في ولاية القضاء الأعلم الأورع الأكفأ فإن كان أحدهما أعلم والآخر أورع قدم - فيما قد يظهر حكمه ويخاف فيه الهوى - الأورع وفيما يدق حكمه ويخاف فيه الاشتباه: الأعلم ففي الحديث عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال: [إن الله يحب البصر النافذ عند ورود الشبهات ويحب العقل عند حلول الشهوات]

ويقدمان على الأكفأ إن كان القاضي مؤيدا تأييدا تاما من جهة والي الحرب أو العامة

ويقدم الأكفأ إن كان القضاء يحتاج إلى قوة وإعانة للقاضي أكثر من حاجته إلى مزيد العلم والورع فإن القاضي المطلق يحتاج أن يكون عالما عادلا قادرا بل وكذلك كل وال للمسلمين فأي صفة من هذه الصفات نقصت ظهر الخلل بسببه والكفاءة: إما بقهر ورهبة وإما بإحسان ورغبة وفي الحقيقة فلا بد منهما

وسئل بعض العلماء: إذا لم يوجد من يولي القضاء إلا عالم فاسق أو جاهل دين فأيهما يقدم؟ فقال: إن كانت الحاجة إلى الدين أكثر لغلبة الفساد قدم الدين وإن كانت الحاجة إلى الدين أكثر لخفاء الحكومات قدم العالم وأكثر العلماء يقدمون ذا الدين فإن الأئمة متفقون على أنه لا بد في المتولي من أن يكون عدلا أهلا للشهادة واختلفوا في اشتراط العلم: هل يجب أن يكون مجتهدا أو يجوز أن يكون مقلدا أو الواجب تولية الأمثل فالأمثل كيفما تيسر؟ على ثلاثة أقوال وبسط الكلام على ذلك في غير هذا الموضع

ومع أنه يجوز تولية غير الأهل للضرورة إذا كان أصلح الموجود فيجب مع ذلك السعي في إصلاح الأحوال حتى يكمل في الناس ما لا بد منه من أمور الولايات والإمارات ونحوها كما يجب على المعسر السعي في وفاء دينه وإن كان في الحال لا يطلب منه إلا ما يقدر عليه وكما يجب الاستعداد للجهاد بإعداد القوة ورباط الخيل في وقت سقوطه للعجز فإن ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب بخلاف الاستطاعة في الحاج ونحوها فإنه لا يجب تحصيلها لأن الوجوب هناك لا يتم إلا بها).

مجموع الفتاوى (28/ 254 - 259).

قال الباحث:

كأن شيخ الإسلام يعيش في زماننا ويتكلم عن أحوالنا، كلام يُكتب بماء الذهب يا شيخ الإسلام، فقه غزير يا شيخ الإسلام.

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير