تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

2 - عن زيد بن أسلم عن أخيه خالد: أن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- أفطر في رمضان في يوم ذي غيم، ورأى أنه قد أمسى وغابت الشمس، فجاءه رجل فقال: يا أمير المؤمنين قد طلعت الشمس، فقال عمر: الخَطْب يسير، وقد اجتهدنا. مالك في الموطأ.

قال مالك والشافعي: الخطب يسير – يعني قضاء يوم مكانه. وقد رواه حنظلة قال: كنت عند عمر -رضي الله عنه- في رمضان فأفطر وأفطر الناس، فصعد المؤذن ليؤذن، فقال: أيها الناس، هذه الشمس لم تغرب، فقال عمر: من كان أفطر فليصم يوماً مكانه. البيهقي وغيره.

وقال العيني: وعن عمر بن الخطاب روايتان في القضاء، وعن عمر أنه قال: من أكل فليقض يوماً مكانه. رواه الأثرم.

وذكر ابن بطال في شرحه على البخاري أن الرواية بالقضاء عن عمر جاءت من رواية أهل الحجاز وأهل العراق.

وأما ما أخرجه عبدالرزاق من أن عمر قال: والله لا نقضيه، والله ما تجانفنا لإثم. فقد قال البيهقي:

(وكان يعقوب بن سفيان الفارسي يحمل على زيد بن وهب بهذه الرواية المخالفة للروايات المتقدمة ويعدها مما خولف فيه، وزيد ثقة إلا أن الخطأ غير مأمون).

ورجح البيهقي اللفظ الذي جاء عن عمر: (الخطب يسير، نقضي يوماً).

وقال: (وفي تظاهر هذه الروايات عن عمر رضي الله عنه في القضاء دليل على خطأ رواية زيد بن وهب في ترك القضاء).

ولكنَّ ابن القيم -رحمه الله- رد كلام البيهقي -رحمه الله- بقوله: (وفيما قاله نظر،فإن الرواية لم تتظاهر عن عمر بالقضاء،وإنما جاءت من رواية علي بن حنظلة عن أبيه،وكان أبوه صديقا لعمر،فذكر القصة وقال فيها: " من كان أفطر فليصم يوما مكانه " ولم أر الأمر بالقضاء صريحا إلا في هذه الرواية وأما رواية مالك فليس فيها ذكر للقضاء ولا لعدمه،فتعارضت رواية حنظلة ورواية زيد بن وهب،وتفضلها رواية زيد بن وهب بقدر ما بين حنظلة وبينه من الفضل. وقد روى البيهقي بإسناد فيه نظر عن صهيب: أنه أمر أصحابه بالقضاء في قصة جرت لهم مثل هذه. فلو قدر تعارض الآثار عن عمر لكان القياس يقتضي سقوط القضاء،لأن الجهل ببقاء اليوم كنسيان نفس الصوم،ولو أكل نسيا لصومه لم يجب عليه قضاؤه والشريعة لم تفرق بين الجاهل والناسي،فإن كل واحد منهما قد فعل ما يعتقد جوازه وأخطأ في فعله،وقد استويا في أكثر الأحكام وفي رفع الآثار فما الموجب للفرق بينهما في هذا الموضع؟ وقد جعل أصحاب الشافعي وغيرهم الجاهل المخطئ أولى بالعذر من الناسي في مواضع متعددة. وقد يقال إنه في صورة الصوم أعذر منه،فإنه مأمور بتعجيل الفطر استحبابا،فقد بادر إلى أداء ما أمر به واستحبه له الشارع فكيف يفسد صومه؟ وفساد صوم الناسي أولى منه،لأن فعله غير مأذون له فيه،بل غايته أنه عفو،فهو دون المخطئ الجاهل في العذر).

وابن تيمية -رحمه الله- يقول عن عدم القضاء: (وهو الثابت عن عمر، وقال به طائفة من السلف والخلف).

فدل على الاختلاف على عمر، وإن كانت الرواية الأشهر عنه: القضاء.

3 - القياس على ما إذا غُمَّ الهلال فأفطرواْ، ثم تبين لهم أنه أول أيام رمضان، أن عليهم القضاء، وحكي اتفاقاً.

4 - أنه لا يشبه الناسي؛ إذ كان بإمكانه التحرز بأن يمسك إلى أن يعلم، فأصبح مفطراً بفعله ولم يسقط عنه القضاء.

قال ابن القيم في "تهذيب السنن": (ولو قد تعارض الآثار عن عمر لكان القياس يقتضي سقوط القضاء؛ لأن الجهل ببقاء اليوم كنسيان نفس الصوم، ولو أكل ناسياً لصومه لم يجب عليه قضاؤه، والشريعة لم تفرق بين الجاهل والناسي؛ فإن كل واحد منهما فعل ما يعتقد جوازه وأخطأ في فعله، فهذا أطعمه الله وسقاه بالنسيان، وهذا أطعمه الله وسقاه بإخفاء النهار).

قلت: هذا القياس على الناسي هو قياس مع الفارق كما بينا؛ فمسألتنا ليست في جاهلٍ بالحكم، بل جاهلٍ بالزمن قادر على التحرز.

5 - أن ما استدل به المسقطون للقضاء من عمومات دالة على نفي الإثم والمؤاخذة .. كقول الله تعالى: {ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا}، وحديث: (رُفِع عن أمتي الخطأ والنسيان) لا تنهض للدلالة على إسقاط القضاء.

ولا شك أن المخطئ تلحقه غرامات المتلفات وتلزمه الكفارات في الشرع، فقاتل الخطأ تلزمه الكفارة مثلاً ..

قال الحافظ ابن رجب -رحمه الله- في "جامع العلوم والحِكَم":

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير