• ههنا نقل عن الشيخ الإمام شمس الدين ابن القيِّم رحمه الله فيه رد على بعض الناس؛ من المقلِّدة المتمذهبين؛ قال رحمه الله في إعلام الموقِّعين عن رب العالمين (4/ 261 - 263):
• ((القول في التمذهب بمذهب معين: وهل يلزم العامي أن يتمذهب ببعض المذاهب المعروفة أم لا؟
• فيه مذهبان: أحدهما: لا يلزمه.
• وهو الصواب المقطوع به؛ إذ لا واجب إلا ما أوجبه الله ورسوله، ولم يوجب الله ولا رسوله على أحد من الناس أن يتمذهب بمذهب رجل من الأمة؛ فيقلده دينه دون غيره، وقد انطوت القرون الفاضلة مبرَّأة مبرا أهلها من هذه النسبة.
• بل لا يصح للعامي مذهب، ولو تمذهب به؛ فالعامي لا مذهب له؛ لأنَّ المذهب إنما يكون لمن له نوع نظر واستدلال، ويكون بصيراً بالمذاهب على حسبه.
• أولمن قرأ كتاباً في فروع ذلك المذهب، وعرف فتاوي إمامه وأقواله.
• وأما من لم يتأهَّل لذلك ألبتة؛ بل قال: أنا شافعي أوحنبلي أوغير ذلك لم يصر كذلك بمجرد القول، كما لو قال: أنا فقيه أونحوي أوكاتب لم يصر كذلك بمجرد قوله.
• يوضحه أنَّ القائل: إنه شافعي أومالكي أوحنفي يزعم أنه متَّبع لذلك الإمام سالك طريقه، وهذا إنما يصح له إذا سلك سبيله في العلم والمعرفة والاستدلال؛ فأما مع جهله وبعده جداً عن سيرة الإمام وعلمه وطريقه = فكيف يصح له الانتساب إليه؟ ! إلا بالدعوى المجردة، والقول الفارغ من كل معنى!!
• والعامي لا يتصوَّر أن يصحَّ له مذهب، ولو تصور ذلك لم يلزمه، ولا لغيره.
• ولا يلزم أحدا قط أن يتمذهب بمذهب رجل من الأمة؛ بحيث يأخذ اقواله كلها، ويدع أقوال غيره.
• وهذه بدعة قبيحة حدثت في الأمة لم يقل بها أحد من أئمة الإسلام، وهم أعلى رتبة، وأجلُّ قدراً، وأعلم بالله ورسوله من أن يلزموا الناس بذلك.
• وأبعد منه قول من قال: (يلزمه أن يتمذهب بمذهب عالم من العلماء).
• وأبعد منه قول من قال: (يلزمه أن يتمذهب بأحد المذاهب الأربعة).
• فيالله العجب ماتت مذاهب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومذاهب التابعين، وتابعيهم، وسائر أئمة الإسلام، وبطلت جملة؛ إلا مذاهب أربعة أنفس فقط من بين سائر الامة والفقهاء؟!!
• وهل قال ذلك أحد من الائمة، أودعا إليه، أودلَّت عليه لفظه واحدة من كلامه عليه؟!
• والذي أوجبه الله تعالى ورسوله على الصحابة والتابعين وتابعيهم = هو الذي أوجبه على من بعدهم إلى يوم القيامة؛ لا يختلف الواجب ولا يتبدَّل، وإن اختلفت كيفيته أوقدره؛ باختلاف القدرة والعجز، والزمان والمكان والحال، فذلك أيضا تابع لما أوجبه الله ورسوله.
• ومن صحح للعامي مذهباً قال: هو قد اعتقد أن هذا المذهب الذي انتسب إليه هو الحق؛ فعليه الوفاء بموجب اعتقاده؟!!
• وهذا الذي قاله هؤلاء لو صحَّ للزم منه تحريم استفتاء أهل غير المذهب الذي انتسب إليه، وتحريم تمذهبه بمذهب نظير إمامه، أوأرجح منه، أوغير ذلك من اللوازم؛ التي يدل فسادها على فساد ملزوماتها!
• بل يلزم منه أنه إذا راى نصَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم، أوقول خلفائه الأربعة مع غير إمامه أن يترك النص وأقوال الصحابة، ويقدِّم عليها قول من انتسب إليه؟!!
• وعلى هذا فله أن يستفتى من شاء من أتباع الائمة الأربعة وغيرهم، ولا يجب عليه، ولا على المفتى أن يتقيَّد بأحد من الأئمة الأربعة ((بإجماع الامة)).
• كما لا يجب على العالم أن يتقيد بحديث أهل بلده أوغيره من البلاد؛ بل إذا صح الحديث وجب عليه العلم به؛ حجازياً كان، أوعراقياً، أوشامياً، أومصرياً، أويمنياً.
• وكذلك لا يجب على الانسان التقيُّد بقراءة السبعة المشهورين باتفاق المسلمين؛ بل اذا وافقت القراءة رسم المصحف الإمام، وصحَّت في العربية، وصحَّ سندها = جازت القراءة بها، وصحَّت الصلاة بها اتفاقاً.
• بل لو قرأ بقراءة تخرج عن مصحف عثمان، وقد قرأ بها رسول الله صلى الله عليه وسلم والصحابة بعده = جازت القراءة بها، ولم تبطل الصلاة بها؛ على أصح الأقوال.
• والثاني: تبطل الصلاة بها.
• وهاتان روايتان منصوصتان عن الامام احمد.
¥