فما علم حسنه أو قبحه بأدلة الشرع فإن ذلك ينفع ولا يضر، وسواء كان في نفس الأمر حقًا أو باطلًا، فما علم أنه باطل موضوع لم يجز الالتفات إليه؛ فإن الكذب لا يفيد شيئًا، وإذا ثبت أنه صحيح أثبتت به الأحكام، وإذا احتمل الأمرين روي لإمكان صدقه ولعدم المضرة في كذبه، وأحمد إنما قال: إذا جاء الترغيب والترهيب تساهلنا في الأسانيد، ومعناه: أنا نروي في ذلك بالأسانيد، وإن لم يكن محدثوها من الثقات الذين يحتج بهم. وكذلك قول من قال: يعمل بها في فضائل الأعمال، إنما العمل بها العمل بما فيها من الأعمال الصالحة، مثل: التلاوة والذكر والاجتناب لما كره فيها من الأعمال السيئة.
ونظير هذا قول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه البخاري عن عبد الله بن عمرو: (بَلِّغوا عني ولو آية، وحدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج، ومن كذب على متعمدًا فليتبوأ مقعده من النار) مع قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: (إذا حدثكم أهل الكتاب فلا تصدقوهم ولا تكذبوهم)، فإنه رَخَّصَ في الحديث عنهم، ومع هذا نهى عن تصديقهم وتكذيبهم، فلو لم يكن في التحديث المطلق عنهم فائدة لما رخص فيه وأمر به، ولو جاز تصديقهم بمجرد الإخبار لما نهى عن تصديقهم، فالنفوس تنتفع بما تظن صدقه في مواضع.
فإذا تضمنت أحاديث الفضائل الضعيفة تقديرًا وتحديدًا مثل صلاة في وقت معين بقراءة معينة أو على صفة معينة لم يجز ذلك؛ لأن استحباب هذا الوصف المعين لم يثبت بدليل شرعي، بخلاف ما لو روي فيه من دخل السوق فقال: لا إله إلا الله كان له كذا وكذا! فإن ذكر الله في السوق مستحب لما فيه من ذكر الله بين الغافلين كما جاء في الحديث المعروف: (ذاكر الله في الغافلين كالشجرة الخضراء بين الشجر اليابس).
فأما تقدير الثواب المروي فيه فلا يضر ثبوته ولا عدم ثبوته، وفي مثله جاء الحديث الذي رواه الترمذي: (من بَلَغه عن الله شيء فيه فضل فعمل به رجاء ذلك الفضل أعطاه الله ذلك وإن لم يكن ذلك كذلك).
فالحاصل أن هذا الباب يروي ويعمل به في الترغيب والترهيب لا في الاستحباب، ثم اعتقاد موجبه وهو مقادير الثواب والعقاب يتوقف على الدليل الشرعي.)
اللهم أحفظ شيخنا عيسى السعدي
اللهم بارك في عمره
اللهم بارك في علمه وعمله
اللهم انفعنا به
اللهم فرج همه وعافه من كل أذى وسوء يارب العالمين
ـ[أيمن بن خالد]ــــــــ[15 - 10 - 09, 04:02 م]ـ
شيخنا الجليل العالم د. عيسى السعدي حفظه الله وأمد في عمره ونفعنا بعلمه ... آمين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اسأل الله أن يحفظكم أيها العالم الجليل ويعظم لك الأجر على بذلكم وصبركم على المتعلمين وأذى التعليم.
.
فالحاصل أن هذا الباب يروي ويعمل به في الترغيب والترهيب لا في الاستحباب، ثم اعتقاد موجبه وهو مقادير الثواب والعقاب يتوقف على الدليل الشرعي.)
اللهم أحفظ شيخنا عيسى السعدي
اللهم بارك في عمره
اللهم بارك في علمه وعمله
اللهم انفعنا به
اللهم فرج همه وعافه من كل أذى وسوء يارب العالمين
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
حفظكم الله ورعاكم "كفّيت ووفّيت"
أرجوا أن تكون كليماتك المختصرة قد أوضحت ما جاهدت أن أبينه من البداية، لكن قصوري في تبيان مقصدي حال في توصيل المعلومة على حقيقتها.
حفظ الله الشيخ عيسى ونفعنا الله بعلمه
ـ[أحمد الأقطش]ــــــــ[15 - 10 - 09, 05:32 م]ـ
إذن أنت تقول لا بد من شرطين لإعتبار الخبر من الإسرائيليات، ولك أن تصححني إن أخطأت:
1) أن لا يكون في السند كذاب أو وضاع في الجزء الأول من السند
2) أن يثبت أنّ هذا الخبر من الإسرائيليات، وهذا متعلق بالشرط الأول.
مَن أسند فقد أحال، فإذا بطل الإسنادُ بطلت الإحالةُ. لأن الخبرَ إذا جاء به راوٍ وضّاعٌ مشهورٌ بالكذب على أحد الصحابة أو التابعين عمداً ونصَّ الأئمةُ على ذلك، فكيف أنسبُ هذا الخبرَ أو الأثرَ إلى ذاك الصحابيّ أو التابعيّ المُفترَى عليه! الكذبُ والوضعُ يُبطل السندَ، أفلا يُبطل المتنَ أيضاً حتى ولو في فضائل الأعمال؟ هذه نقطة خلاف جوهرية بيني وبينك.
¥