تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قال: فتهافتهم في التشبيه أحب إلينا من إغراقهم في التنزيه، لأن التشبيه يغمسهم في الإثبات، فيخافون ويرجون، والتنزيه يرمي بهم إلى النفي، فلا طمع ولا مخافة في النفي، ومن تدبر الشريعة، رآها غامسة للمكلفين في التشبيه بالألفاظ الظاهرة التي لا يعطي ظاهرها سواه، كقول الأعرابي: أويضحك ربنا؟ قال النبي صلى الله عليه وسلم: نعم فلم يكفهر لقوله، تركه وما وقع له.

قلت: قد صار الظاهر اليوم ظاهرين: أحدهما حق، والثاني باطل، فالحق أن يقول: إنه سميع بصير، مريد متكلم، حي عليم، كل شيء هالك إلا وجهه، خلق آدم بيده، وكلم موسى تكليما، واتخذ إبراهيم خليلا، وأمثال ذلك، فنمره على ما جاء، ونفهم منه دلالة الخطاب كما يليق به تعالى، ولا نقول: له تأويل يخالف ذلك.

والظاهر الآخر وهو الباطل، والضلال: أن تعتقد قياس الغائب على الشاهد، وتمثل البارئ بخلقه، تعالى الله عن ذلك، بل صفاته كذاته، فلا عدل له، ولا ضد له، ولا نظير له، ولا مثل له، ولا شبيه له، وليس كمثله شيء، لا في ذاته، ولا في صفاته، وهذا أمر يستوي فيه الفقيه والعامي، والله أعلم.

قال السلفي: سمعت ابن عقيل يقول: كان جدي كاتب بهاء الدولة بن بويه، وهو الذي كتب نسخة عزل الطائع، وتولية القادر، وهي عندي بخط جدي.

وقال أبو المظفر سبط ابن الجوزي: حكى ابن عقيل عن نفسه.

قال: حججت، فالتقطت عقد لؤلؤ في خيط أحمر، فإذا شيخ أعمى ينشده، ويبذل لملتقطه مائة دينار، فرددته عليه، فقال: خذ الدنانير، فامتنعت، وخرجت إلى الشام، وزرت القدس، وقصدت بغداد، فأويت بحلب إلى مسجد وأنا بردان جائع، فقدموني، فصليت بهم، فأطعموني، وكان أول رمضان، فقالوا: إمامنا توفي فصل بنا هذا الشهر، ففعلت، فقالوا: لإمامنا بنت، فزوجت بها، فأقمت معها سنة، وأولدتها ولدا ذكرا، فمرضت في نفاسها، فتأملتها يوما فإذا في عنقها العقد بعينه بخيطه الأحمر، فقلت لها: لهذا قصة، وحكيت لها، فبكت، وقالت: أنت هو والله، لقد كان أبي يبكي، ويقول: اللهم ارزق بنتي مثل الذي رد العقد علي، وقد استجاب الله منه، ثم ماتت، فأخذت العقد والميراث، وعدت إلى بغداد.

وحكى عن نفسه قال: كان عندنا بالظفرية دار، كلما سكنها ناس أصبحوا موتى، فجاء مرة رجل مقرئ، فاكتراها، وارتضى بها، فبات بها وأصبح سالما، فعجب الجيران، وأقام مدة، ثم انتقل، فسئل، فقال: لما بت بها، صليت العشاء، وقرأت شيئا، وإذا شاب قد صعد من البئر، فسلم علي، فبهت، فقال: لا بأس عليك، علمني شيئا من القرآن، فشرعت أعلمه، ثم قلت: هذه الدار، كيف حديثها؟ قال: نحن جن مسلمون، نقرأ ونصلي، وهذه الدار ما يكتريها إلا الفساق، فيجتمعون على الخمر، فنخنقهم، قلت: ففي الليل أخافك، فجيء نهارا، قال: نعم، فكان يصعد من البئر في النهار، وألفته، فبينما هو يقرأ، إذا بمعزم في الدرب يقول: المرقي من الدبيب، ومن العين، ومن الجن، فقال: أيش هذا؟ قلت: معزم، قال: اطلبه، فقمت وأدخلته، فإذا بالجني قد صار ثعبانا في السقف، فعزم الرجل، فما زال الثعبان يتدلى حتى سقط في وسط المندل، فقام ليأخذه ويضعه في الزنبيل، فمنعته، فقال: أتمنعني من صيدي؟! فأعطيته دينارا وراح، فانتفض الثعبان، وخرج الجني، وقد ضعف واصفر وذاب، فقلت: مالك؟ قال: قتلني هذا بهذه الأسامي، وما أظنني أفلح، فاجعل بالك الليلة، متى سمعت في البئر صراخا، فانهزم. قال: فسمعت تلك الليلة النعي، فانهزمت. قال ابن عقيل: وامتنع أحد أن يسكن تلك الدار بعدها.

أخبرنا إسحاق بن طارق، أخبرنا أبو البقاء يعيش، أخبرنا عبد الله بن أحمد الخطيب، أخبرنا علي بن عقيل الفقيه، أخبرنا أبو محمد الجوهري، أخبرنا القطيعي، حدثنا بشر بن موسى، حدثنا هوذة، حدثنا عوف، عن سعيد بن أبي الحسن قال: كنت عند ابن عباس، إذ أتاه رجل، فقال: إنما معيشتي من التصاوير، فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من صَوَّر صورة، عذبه الله يوم القيامة حتى ينفخ فيها، وليس بنافخ فيها أبدا.

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير