وما تضمنته هذه الفوائد فكله مستقبح ومستقذر عند أهل المدينة الإفرنجية ومن يتشبه بهم من جهال المسلمين وسفهائهم الذين هم اتباع كل ناعق فهم يستقذرون الأكل باليد ويستقذرون لعقها ويستقذرون لعق الصحفة ويستقذرون أكل اللقمة الساقطة. وهؤلاء عن سنن الأكل وآدابه بمعزل وقد قال النبي r: « من رغب عن سنتي فليس مني» متفق عليه من حديث أنس رضي الله عنه.
وكثير من المتشبهين بأعداء الله تعالى لم يقفوا عند حد الاستقباح والاستقذار للعمل بالسنة الثابتة في لعق الأصابع والصحفة بل أقدموا على إنكار الأحاديث الواردة في ذلك وزعموا أنها مكذوبة.
وقد تقدم ما ذكره الشيخ أحمد محمد شاكر عنهم. وهذا جراءة منهم قبيحة وكفى بذلك خذلانا لهم إذ قد جمعوا بين ثلاثة أمور منكرة:
أولها: الرغبة عن سنة رسول الله r.
وثانيها: التشبه بأعداء الله تعالى.
وثالثها: إنكار الأحاديث الصحيحة بمجرد الهوى والتشهي والاتباع
لأعداء الله تعالى وأعداء رسوله r وأعداء المؤمنين وما أشبه هؤلاء بالذين قال الله تعالى فيهم: âوَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ فِتْنَتَهُ فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا أُولَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ& aacute;.
الفائدة الخامسة: إثبات وجود الشياطين وأنهم يأكلون. وفي ذلك رد على من أنكر وجودهم كالفلاسفة ومن نحا نحوهم من ملاحدة الإفرنج وزنادقة هذه الأمة وما أكثرهم في زماننا لاكثرهم الله.
السادسة: جواز مسح اليد بالمنديل ونحوه بعد لعقها.
السابعة: استغفار القصعة لمن لحسها إن صح الحديث بذلك. وهذا مما لا ينكره مسلم. ونظير ذلك حنين الجذع اليابس شوقًا إلى رسول الله r وكذلك تسبيح الحصى في يده. ونظيره أيضًا قول الله تعالى: âوَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ& aacute;.
وقريب من ذلك قوله تعالى: âفَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالأرْضُ& aacute;.
وأما هديه r في الجلوس للأكل فقد كان يجلس مستوفزًا غير متمكن. وفي صحيح مسلم وسنن أبي داود وغيرهما عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال رأيت النبي r مقعيًا يأكل تمرًا.
وفي رواية لمسلم قال أتى رسول الله r بتمر فجعل النبي r يقسمه وهو محتفز يأكل منه أكلاً ذريعًا. وفي رواية أكلا حثيثًا.
قال الجوهري الإقعاء عند أهل اللغة أن يلصق الرجل إليتيه بالأرض وينصب ساقيه ويتساند إلى ظهره.
وفي الحديث أنه r أكل مقعيًا. وقال أيضًا ورأيته محتفزًا أي مستوفزًا.
وقال صاحب القاموس احتفز استوفز وتضام في جلوسه واستوى جالسًا على وركيه انتهى.
وفي سنني أبي داود وابن ماجه عن عبد الله بن بسر رضي الله عنه قال: كان للنبي r قصعة يقال لها الغراء يحملها أربعة رجال فلما أضحوا وسجدوا الضحى أتي بتلك القصعة يعني وقد ثرد فيها فالتفوا عليها فلما كثروا جثى رسول الله r فقال أعرابي: ما هذه الجلسة قال النبي r: « إن الله جعلني عبدًا كريمًا ولم يجعلني جبارًا عنيدًا» وذكر تمام الحديث. وهذا لفظ أبي داود.
ولفظ ابن ماجه قال: أهديت للنبي r شاة فجثى رسول الله r على ركبتيه يأكل فقال أعرابي ما هذه الجلسة فقال: «إن الله جعلني عبدًا كريمًا ولم يجعلني جبارًا عنيدًا» قال النووي: إسناده جيد. وقال الحافظ ابن حجر إسناده حسن. ونقل الحافظ عن ابن بطال أنه قال: إنما فعل النبي r ذلك تواضعًا لله تعالى.
وروى الإمام أحمد في الزهد عن الحسن مرسلا قال كان رسول الله r إذا أتى بطعام أمر به فألقي على الأرض وقال: «إنما أنا عبد آكل كما يأكل العبد وأجلس كما يجلس العبد».
وروى أبو داود وابن ماجه في سننيهما والحاكم في مستدركه عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: «نهى رسول الله r أن يأكل الرجل وهو منبطح على وجهه» هذا لفظ ابن ماجه.
وفي رواية أبي داود والحاكم «وهو منبطح على بطنه» قال الحاكم صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه ووافقه الذهبي في تلخيصه.
وروى الإمام أحمد والشيخان وأبو داود الطيالسي والدارمي وأهل السنن إلا النسائي عن أبي جحيفة رضي الله عنه قال: قال رسول الله r: « إني لا آكل متكئًا».
¥