تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[زكاة الفطر وصلاة العيد - الشيخ صلاح البدير]

ـ[أبو عبد الله مصطفى]ــــــــ[03 - 10 - 09, 07:20 ص]ـ

[زكاة الفطر وصلاة العيد - الشيخ صلاح البدير]

خطبة المسجد النبوي - 28 رمضان 1430 هـ

الحمد لله الرحيم الرحمن العظيم المنان، العلي القوي السلطان، أحمده وما أقضي بالحمد حقا، وأشكره ولم يزل للشكر مستحقا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، المالك للرقاب رِقا، وأشهد أن نبينا وسيدنا محمداً عبده ورسوله .. أشرف الخلائق خَلقاً وخُلُقا، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه الذين حازوا الفضائل سبقا وسلم تسليماً يدوم ويبقى.

أما بعد:

فيا أيها المسلمون اتقوا الله؛ فإن تقواه أفضل مكتسب وطاعته أعلى نسب {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ} [آل عمران: 102].

أيها المسلمون:

هذا رمضان قد دنا رحيله، وأزف تحويله؛ فهنيئاً لمن زكت فيه نفسه، ورق فيه قلبه، وتهذبت فيه أخلاقه، وعظُمت للخير فيه رغبته، هنيئاً لمن كان رمضان عنوان توبته، وساعة إيابه وعودته ولحظة رجوعه واستقامته، هنيئاً لمن غُفرت فيه زلته، وأُقيلت فيه عثرته، ومُحيت فيه خطيئته، وعفا عنه العفوُّ الكريم، وصفح عنه الغفور الرحيم، هنيئاً لمن حقق جائزته ونال غنيمته، فأُعتقت رقبته، وفُكَّ أسره، وفاز بالجنة وزُحزح عن النار .. جعلنا الله وإياكم منهم، ويا ضيعة من قطعه غافلاً ساهيا، وطواه عاصياً لاهيا، وبدده متكاسلاً متثاقلاً متشاغلاً.

يا من ألهته نفسه وأغواه شيطانه وأغواه قرناؤه، هذا شهر رمضانَ قد قارب الزوال، وأذن بساعة الانتقال؛ فاستدرك ما بقي منه قبل تمامه، وتيقظ بالإنابة قبل ختامه، وبادر بالتوبة قبل انصرامه، فكم متأهبٍ لفطره صار مرتهناً في قبره، وكم من أعد طياب لعيده جُعل في تلحيده، وكم من خاط ثياباً لتزينه صارت لتكفينه .. كم من لا يصوم بعده سواه، يا من قمتم وصمتم بُشراكم رحمةٌ ورضوان، وعتقٌ وغفران؛ فربكم رحيم كريم، جوادٌ عظيم لا يضيع أجر من أحسن عملاً، فأحسنوا به الظن واحمدوه على بلوغ الختام، وسلوه قبول الصيام والقيام.

راقبوه بأداء حقوقه واستقيموا على عبادته، واستمروا على طاعته فشهركم قد ودع وحان الفراق، فيا شهر البركة ..

يا شهر البركة غيرَ مودَّعٍ سنودعك وغير مقليٍّ سنفارقك

ولا ندري أتعود علينا؟ أم تخترمنا المنونُ فلا تعود علينا؟

سلام عليك يا شهر الصيام والقيام. سلام عليك يا شهر الصيام والقيام. سلام عليك يا شهر التلاوة والقرآن. سلام عليك يا شهر البركة والإحسان. سلام عليك يا شهر التجاوز والغفران. سلام عليك يا شهر التحف والغفران.

تفيض عيوني بالدموع السواكب ومالي لا أبكي على خير ذاهبِ

على أشرف الأوقات لمَّا غبنتها بأسواق غبن بين لاهٍ ولاعبِ

على أنفَس الساعات لمَّا أضعتها وقضيتها في غفلة ومعاطفي

على صرفي الأيام في غير طائنا ولا نافع من فعل فضل وواجبِ

إليه مآبي وهو حسبي وملجئي ولي أمل في عطفه غير خائبِ

وأسأله التوفيق فيما بقي لِمَا يحب ويرضى فهو أسمى المطالبِ

وأن يتغشانا بعفوٍ ورحمة وفضل وإحسان وسترِ المعائبِ

أيها المسلمون:

ومن لطيف حكمة الله - عز وجل - وتمام رحمته وكمال علمه، وجميل عفوه وإحسانه أن شرع زكاة الفطر عند تمام عدة الصيام؛ طُهرةً للصائم من الرفث واللغو والمأثم، وجبراً لما نقص من صومه، وطُعمة للمساكين، ومواساةً للفقراء، ومعونة لذوي الحاجات، وشكراً لله على بلوغ نهاية الشهر الكريم .. فعن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: "فرض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - زكاةَ الفطر؛ طهرة للصائم من اللغو والرفث، وطعمة للمساكين .. من أداها قبل الصلاة فهي زكاة مقبولة، ومن أداها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات"، أخرجه أبو داود وابن ماجه.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير