لدي صديق كان يقود سيارته وبجانبه زوجته، وفجأة صدمتهم سيارة من ناحية زوجته مما أدى إلى وفاتها في الحال، مع العلم بأن سرعته لم تتجاوز 50 كم في الساعة، وأن سبب الحادث صاحب تلك السيارة التي صدمتهم. فهل على صديقي كفارة ارتكاب القتل الخطأ؟.
الحمد لله
إذا كان صديقك لم يخطئ، ولم يتسبب في الحادث بوجهٍ ما، فليس
عليه شيء، لا الدية ولا الكفارة، وتكون الكفارة على السائق الآخر المخطئ، والدية
على عاقلته (كأبيه، وأعمامه وإخوانه وأبنائهم)، وإن اشتركا في الخطأ فالدية على
عاقلتهما معاً، (كلٌّ حسب نسبة خطئه) وعلى كل واحد منهما كفارة كاملة.
قال ابن قدامة رحمه الله في "المغني" (12/ 226):
" ومن شارك في قتل يوجب الكفارة , لزمته كفارة , ويلزم كلَّ واحد
من شركائه كفارة. هذا قول أكثر أهل العلم , منهم الحسن , وعكرمة , والنخعي ,
والثوري , ومالك , والشافعي , وأصحاب الرأي " انتهى.
والخطأ الذي يمكن وقوعه في هذا له ثلاثة أسباب رئيسة:
إما أن يكون بسبب الإهمال في صيانة السيارة، كالفرامل ونحوها.
وإما أن يكون بسبب حال السائق، كما لو قاد السيارة وهو محتاج
إلى النوم، أو مشغول بشيءٍ ما عن كمال التحكم في السيارة.
وإما أن يكون بسبب مخالفة أنظمة المرور وقواعد السير.
ويرجع في تحديد الخطأ ونسبته إلى أهل العلم والخبرة بذلك.
وذكر الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في رسالته " أحكام حوادث
السيارات " أنه إذا حصلت إصابة في أحد الركاب الذين ركبوا مع السائق باختيارٍ منهم
، لا يخلو الحادث من أربع حالات:
الحال الأولى:
أن يكون بتَعَدٍّ من القائد، وذلك على سبيل التمثيل لا الحصر،
مثل: أن يسرع بالسيارة سرعةً تكون سبباً للحادث، أو يضرب على الفرامل بقوة لغير
ضرورة فيحصل الحادث بذلك التعدي.
الحال الثانية:
أن يكون بتفريطٍ من القائد، والفرق هو أن التعدي فعل ما لا يسوغ
، والتفريط ترك ما يجب، وذلك على سبيل التمثيل لا الحصر: مثل أن يتهاون في غلق
الباب أو في تعبئة العجلات أو في إصلاح شيء يحتاج إلى إصلاح، فيحصل الحادث بهذا
التهاون.
ففي هاتين الحالين يترتب وجوب الكفارة على القائد وهي: عتق رقبة
لكل نفس آدمي معصوم مات به، فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين لا يفطر فيهما إلا
بعذر شرعي من سفر أو مرض أو نحوهما، ويترتب أيضاً ضمان ما تلف من الأموال على
القائد، وضمان دية النفوس على عاقلته.
الحال الثالثة:
أن يكون بتصرف من القائد يريد به السلامة من الخطر، وذلك على
سبيل المثال لا الحصر: مثل أن يقابله ما يخشى الضرر باصطدامه به، أو يخرج عليه من
اليمين أو الشمال على وجه لا يتمكن فيه من الوقوف فينحرف ليتفادى الخطر فيحصل
الحادث.
الحال الرابعة:
أن يكون بغير سبب منه، وذلك على سبيل التمثيل لا الحصر: مثل أن
ينفجر إطار عجلة السيارة، أو يهوي به جسر لم يتبين عيبه.
ففي هاتين الحالين لا يترتب عليه شيء من وجوب كفارة أو ضمان،
لأنه في الأولى أمين قائم بما يجب عليه من محاولة تلافي الخطر، فهو محسن، وما على
المحسنين من سبيل، وفي الثانية أمين لم يحصل منه تعد ولا تفريط، فلا شيء عليه
لأنه لم يكن منه تسبب في هذا الحادث " انتهى باختصار وتصرف يسير.
تم نشر هذه الرسالة في الجريدة الرسمية لجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية في
عددها الصادر يوم الاثنين 20 / شعبان 1409 هـ.
وسئل الشيخ ابن باز رحمه الله تعالى: عن رجل انقلبت به السيارة
فماتت زوجته، فهل عليه كفارة أو لا؟
فأجاب:
" إذا كنت ما فرطت في سيرك ولا في شيء من متطلبات سيارتك، وأن
الحادث حصل ووضْعُ سيارتِك وسَيْرِك وصحتك عادي، فلا شيء عليك لعدم ثبوت تسببك في
الحادث، أما إن كان الواقع تسبب عن شيء مما ذكر فعليك الكفارة، وهي عتق رقبة
مؤمنة، فإن لم تجد فصيام شهرين متتابعين، لقوله تعالى: (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ
أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلا خَطَأً وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ
رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلا أَنْ يَصَّدَّقُوا
فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ
مُؤْمِنَةٍ وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ فَدِيَةٌ
مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ
فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِنَ اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ
عَلِيمًا حَكِيمًا) النساء/92. ولا يجزيء في ذلك الإطعام،
وبالله التوفيق " انتهى.
ـ[أبو أنس الشهري]ــــــــ[08 - 10 - 09, 01:18 م]ـ
إنما هذا العلم دين فانظروا عمن تأخذون دينكم ليس كل إمام مسجد عالم وليس كل متخرج من الكليات الشرعية عالم وليس من ألقى كلمة أو محاضرة عالم
¥