تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[الحكم على مقولة: (الله بالعين ما شفناه وبالعقل عرفناه)]

ـ[عبدالله المحمدي]ــــــــ[10 - 10 - 09, 02:46 م]ـ

السؤال: ما حكم قول: (الله ما شفناه بالعقل عرفناه)؟

الجواب:

الحمد لله

هذه الكلمة تحتوي على مسألتين: الأولى حق، لا ريب فيها، والثانية: فيها جزء من الحقيقة، وليست الحقيقة كاملة.

وبيان ذلك:

1. أما المسألة الأولى: فهي قولهم "الله ما شفناه" – أي: ما رأيناه -: فهذا حق؛: لأنه من عقيدة أهل السنة والجماعة أن الله لا يراه أحد في الدنيا؛ وإنما تكون رؤيته في الآخرة، بعد الموت، ففي صحيح مسلم (7540) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (تَعَلَّمُوا أَنَّهُ لَنْ يَرَى أَحَدٌ مِنْكُمْ رَبَّهُ عَزَّ وَجَلَّ حَتَّى يَمُوتَ).

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:

ولهذا اتفق سلف الأمة، وأئمتها، على أن الله يُرى في الآخرة، وأنه لا يَراه أحدٌ في الدنيا بعينه.

"مجموع الفتاوى" (2/ 230).

2. وأما المسألة الثانية: وهي قولهم " بالعقل عرفناه ": فهي تمثِّل جزء من الحقيقة؛ لأن دلائل معرفة الله متنوعة، منها الفطرية، والعقلية، والشرعية، والحسية.

فوجود الله تعالى معروف بالعقل.

ومن الأدلة العقلية التي يستند عليها العلماء في إثبات وجود الله تعالى: أن كل سبب لا بد له من مسبِّب , وكل محدَث - بالفتح - لا بد له من محدِث - بالكسر -، وهذا دليل عقلي.

وقد أمر الله تعالى بالتفكر في خلق السماء، والأرض , وهذا التفكر إنما يتم بالعقل، قال تعالى: (أَوَلَمْ يَنْظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ) الأعراف/185، وقال تعالى: (أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ مَا خَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ) الروم/8.

ومن ذلك قول الأعرابي: البعرة تدل على البعير، وآثار السير تدل على المسير، فأرض ذات فجاج، وسماء ذات أبراج: ألا تدل على اللطيف الخبير؟!.

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:

أما إثبات الصانع: فطرُقه لا تحصى بل الذي عليه جمهور العلماء أن الإقرار بالصانع فطري، ضروري، مغروز في الجِبِلَّة، ولهذا كانت دعوة عامَّة الرسل إلى عبادة الله وحده لا شريك له، وكان عامَّة الأمَّة مقرين بالصانع، مع إشراكهم به بعبادة ما دونه، والذين أظهروا إنكار الصانع - كفرعون - خاطبتهم الرسل خطاب مَن يعرف أنه حق، كقول موسى لفرعون (لَقَدْ عَلِمْتَ مَا أَنْزَلَ هَؤُلاءِ إِلَّا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ بَصَائِرَ) الإسراء/102، ولما قال فرعون: (وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ) الشعراء/23، قال له موسى: (رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ * قَالَ لِمَنْ حَوْلَهُ أَلا تَسْتَمِعُونَ * قَالَ رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ * قَالَ إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ * قَالَ رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ) الشعراء/24 – 28.

"منهاج السنة" (2/ 270).

وكون الله تعالى موصوفاً بكل كمال، ومنزهاً عن كل نقص معروف أيضاً بالعقل.

ولكن هذه المعرفة معرفة إجمالية , وأما المعرفة التفصيلية: فلا تتم إلا بالشرع، فبه تُعرف أسماؤه تعالى الحسنى، وصفاته العلى.

وقد سئل الشيخ عبد الرحمن البرَّاك حفظه الله:

ما مدى جواز قول القائل: " عرفْنا ربَّنا بالعقل تفصيلاً "؟ وجزاكم الله خيراً.

فأجاب:

" الحمد لله، وبعد:

لقد فطر الله عباده على معرفته، فإن الإنسان بفطرته يَعلم أن كل مخلوق لا بد له من خالق، وأن المُحدَث لا بد له من مُحدِث، وقد ذكر الله الأدلة الكونية من آيات السماوات والأرض على وجوده، وقدرته، وعلمه، وحكمته، ولهذا يذكِّر الله عباده بهذه الآيات، وينكر على المشركين إعراضهم عنها، قال تعالى: (وَكَأَيِّنْ مِنْ آيَةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ) يوسف/ 105.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير