قال النووي في الأذكار (ص333): " وهذا مما عمل العلماء والأخيار به، فشربوه لمطالب لهم جليلة فنالوها، قال العلماء: فيُستحب لمن شربه للمغفرة، أو للشفاء من مرض ونحو ذلك، أن يقول عند شربه: اللهم إنه بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((ماء زمزم لما شُرِبَ له)) اللهم وإني أشربه لتغفر لي ولتفعل بي كذا وكذا فاغفر لي أو افعل، أو: اللهم إني أشربه مستشفيا به فاشفني، ونحو هذا، واللّه أعلم ".
وممن عمل بهذا عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فقد روي عنه أنه لما شرب زمزم دعا بقوله: اللهم إني أشربه لظمأ يوم القيامة، و جاء مثله عن عبد الله بن المبارك، قال المنذري في الترغيب والترهيب (2/ 136): "رواه أحمد بإسناد صحيح".
وقال ابن عباس رضي اله عنهما عند شربها: (اللهم أسألك علما نافعا، ورزقا واسعا، وشفاء من كل داء) أخرجه الحاكم في المستدرك (1739).
وقال ابن حجر في جزء له في حديث ((ماء زمزم لما شرب منه)): " واشتهر عن الإمام الشافعي أنه شرب زمزم للرمي، فكان يصيب من كل عشرة تسعة.
وشربه الحاكم أبو عبد الله لحسن التصنيف، ولغير ذلك، فصار أحسن أهل عصره تصنيفا.
ولا يحصى كم شربه من الأئمة لأمور نالوها، وقد ذكر لنا الحافظ زين الدين العراقي أنه شربه لشيء فحصل له، وأنا شربته مرة وسألت الله وأنا حينئذ في بداية طلب الحديث أن يرزقني حالة الذهبي في حفظ الحديث، ثم حججت بعد مدة تقرب من عشرين سنة، وأنا أجد من نفسي المزيد على تلك المرتبة، فسألته رتبة أعلى منها، فأرجو الله أن أنال ذلك ... " اهـ.
وذهب طائفة من أهل العلم إلى أن الحديث ليس على عمومه في كل المطالب، إنما هو في المطالب المتعلقة بالبدن، من إزالة العطش والجوع والسقم، ونحو ذلك، وأما الأمور المعنوية التي لا اتصال لها بالبدن، فإن في شمول عموم الحديث لها ترددا.
والذي يظهر أن عموم الحديث يشمل المطالب المتعلقة بالبدن وغيرها، ولا شك أن ماء زمزم مبارك على شاربه، كما جاء في صحيح مسلم (2473) عن عبدالله بن الصامت عن أبي ذر رضي الله عنه أنه مكث ثلاثين يوما في بئر زمزم ليس له طعام إلا ماء زمزم، حتى سمن، فلما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إنها مباركة، إنها طعام طعم)).
وأما صفة حصول ذلك، فقد سبق من النقول السابقة، ما يفهم منه أن ما ذُكِر في الحديث يُدرك بالنية مع الدعاء، وبهذا قال جماعة من العلماء.
وظاهر الحديث أن المطالب تحصل بمجرد النية عند الشرب، وهو قول طائفة من أهل العلم، ويشهد لهذا حديث أبي ذر السابق، فإنه حصل له الشِّبَعُ والسِّمَنُ بشرب زمزم دون أن يذكر دعاء، فالذي يظهر أن النية كافية في حصول المطلوب، وأن الدعاء زيادة في التأكيد، وليس من لازم حصول المطلوب.
أخوكم/ د. خالد المصلح
11/ 3/1429هـ
منقول
ـ[ربى الجزائرية]ــــــــ[12 - 10 - 09, 03:49 ص]ـ
شرب زمزم بنية الزواج ونحو ذلك
السؤال:
فضيلة الشيخ، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، في الحديث عن فضل ماء زمزم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ماء زمزم لما شُرِبَ له، إن شربته تستشفي شفاك الله، وإن شربته لشبعك أشبعك الله، وإن شربته لقطع ظمئك قطعه الله، وإن شربته مستعيذاً أعاذك الله))؛ ومن دعاء ابن عباس عند شرب ماء زمزم (اللهم إني أسألك علماً نافعاً، ورزقاً واسعاً، وشفاءً من كل داء) رواه الحاكم، فما صحة الحديث؟
الجواب:
بسم الله الرحمن الرحيم
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، أما بعد ..
فإجابة هن سؤالك نقول:
روى أحمد (14892) وابن ماجة (3062) والبيهقي (9442) وغيرهم، عن عبد الله بن المؤمل عن أبي الزبير عن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ماء زمزم لما شرب له)) وقال البيهقي: تفرد به عبد الله بن المؤمل، وصححه بعض أهل العلم؛ لكون عبد الله قد توبع، منهم ابن عيينة، وقد حسنه الحافظان ابن القيم وابن حجر.
قال الشوكاني في نيل الأوطار (8/ 51): " فيه دليل على أن ماء زمزم ينفع الشارب لأي أمر شربه لأجله، سواء كان من أمور الدنيا أو الآخرة؛ لأن (ما) في قوله: (لما شرب له) من صيغ العموم ". وقد ذهب لهذا جملة من العلماء، منهم مجاهد حيث قال: إن شربته تستشفي به شفاك الله، و إن شربته مستعيذا أعاذك الله، وإن شربته ليقطع ظمأك قطعه.
¥