[إلى كل معلم لكتاب الله]
ـ[هيفاء الحواس]ــــــــ[12 - 10 - 09, 02:42 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
لقد سمع المسلمون الأوائل كلام الله في كتابه , وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم لا كما يسمع الناس اليوم، ولكن كما يتلقون الحكم النافذ المقضيّ , ولم يجدوا فيه البلاغة وحدها؛ بل روعة أمر السماء في بلاغة , واتصلوا بنبيّهم , ثم بعضهم ببعض , لا كما يتصل إنسان بإنسان؛ بل كما تتصل الأمواج بقوة المدّ , ثم كما يمد بعضها بعضًا في قوة واحدة.
لقد رأوا في إرادة النبي صلى الله عليه وسلم النقطة الثابتة فيما يتضارب من خيالات النفس , فكانوا أكبر علماء الأخلاق على الأرض , لا من كتب، ولا علم، ولا فلسفة؛ بل من قلب نبيّهم وَحْدَه.
لقد رسّخ النبي في نفوس أصحابه حقيقة ألا وهي:
إن الفضائل كلها واجبة على كل مسلم لنفسه، كما أنّها واجبة لكل مسلم على غيره.
فلا تكون في الأمة إلا إرادة واحدة متعاونة تجعل المسلم روح أمته، تعمل به أعمالها هي لا أعماله وحده، ولن يكون الإسلام صحيحاً تاماً حتى يجعل حامله مثلاً من نبيّه صلى الله عليه وسلم، لا يضطرب من شيء، وكيف يضطرب ومعه الاستقرار؟
لا يخاف من شيء، وكيف يخاف ومعه الطمأنينة؟
لا يخشى مخلوقًا وكيف يخشى ومعه الله؟
قوة الأفراد في تمسكهم بالأخلاق:-
قال وتر: ليست سعادة الدول بوفرة إيرادها , ولا بقوة حصونها , ولا بجمال مبانيها , وإنما سعادتها بكثرة المهذبين من أبنائها , وعلى مقدار الرجال ذوي التربية والأخلاق منها، وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: (تعلموا العلم , وتعلموا للعلم السكينة، والوقار والحلم)،
وقال العالم الأخلاقي صمويل: (إن العلم يجب اقترانه بالخير فرب عالم أقل من جاهل أمانة،وفضيلة، وأخلاقًا، وعملاً بالواجب)،
ويقول الشيخ العلامة محمد الخضر حسين: إن المؤمن الذي يرجو الحق، ويعيش له، ويعد نفسه لإعلائه، ونصرته يجب أن يكون من أبعد الناس عن الوهن في سبيله، ويقول: إن الأمة الضعيفة المستكينة لا تستحق الحياة, وهي لا تقوى، ولا ترتقي، ولاتعتز إلا إذا شاع في أفرادها ولاسيما شبابها ـ خصوصًا المثقفين منهم ـ خلق الصدق , ومحبة الحق , وتوطين النفس عل نصرته , والصراحة فيه والدفاع عنه.
ومن هذا الخُلق يوّلد الجيش الباسل الذي لا يُغلب , إنّ الوقت جِدّ، والوقت أثمن من أن يضيع بغير عمل.
الأمانة:-
يقول الطنطاوي ـ رحمه الله ـ: (العمل أمانة فإن قصّر في تجويده, أو أفسد فيه شيئًا ـ ولو كان الفساد خفيًا لا يظهر ـ فقد خان)، واعتقاد الناس بك ـ معلم القرآن ـ الصلاح،والتقى أمانة في يدك.
التميز:-
يا معلمي القرآن: احرصوا أن يكون كل واحد منكم بطل ميدان، إن التقصير في الواجب يعد جريمةً من جميع الناس, ولكن في حق معلم القرآن يضاعف مرتين،
احرصوا أن تكون التربية قبل التعليم،
احرصوا على هذه الحقيقة, وهي: أنّ الجيل الذي أنتم منه لم تأتِ خيبتُه في الحياة من نقصٍ في العلم, وإنما خاب أكثر من خاب من نقصٍ في الأخلاق, فمنها كانت الخيبة، ومنها كان الإخفاق.
احرصوا على مطابقة القول العمل, واعلموا أن كل نقشٍ تنقشونه في النفوس لا وزن له حتى يكون منقوشاً في نفوسكم.