أما قياس الاختلاط في الدراسة ونحوها على واقع الاختلاط في الطواف، فهو قياس فاسد؛ لأنه قياس ماليس بجائز على ماليس بجائز!
ثانياً: وعلى فرض التسليم، بجواز الاختلاط في الطواف:
فكيف يقارن بين واقع الحرم والطواف الذي لايعدوا أن يكون لحظة عابرة، مع واقع الاختلاط في الدراسة الذي يمتد لساعات وأيام وفصول دراسية؟!
أم كيف يقارن بين واقع الطواف مع كثرة الناس وسعة المكان، مع واقع الاختلاط في الدراسة وقلة الطلاب وضيق المكان؟!
وكيف يقارن بين واقع النساء في الطواف مع حرصهن على الحجاب والاحتشام وعدم معرفتهن للرجال، بواقع الطالبات في مقاعد الدراسة وهن متزينات والرجال يعرفونهن!
أم كيف يقارن بين واقع النساء في الطواف وهن غالباً مايصطحبن محارمهن فيه، مع واقع النساء في الدراسة وهن منفردات!
ومن شروط القياس الصحيح: أن يكون الجامع أقوى من الفارق، فكيف يستقيم القياس هنا مع هذه الفروق الكثيرة.
ثم إن الناس حول الكعبة الأصل أن تكون قلوبهم خاشعة منكسرة منشغلون بالذكر والعبادة، وهذا يجعل الوضع أكثر أماناً، إذا أضيف إلى ذلك أيضاً وجود المحتسبين.
ومع ذلك فإنه تحدث قضايا أيضاً في المطاف، وهذا ماذكره الشيخ ابن عثيمين، وذكره غير واحد، بل وماشاهدته أنا في المطاف في نهار رمضان من التصاق أحد الرجال قصداً بامرأة! والأدهى من ذلك أنه كان لابساً لملابس الإحرام! وهذا يستدعي التفكير لإيجاد الحلول الهندسية ونحوها لمثل هذه المشاكل ولتسهيل وتنظيم طواف الرجال والنساء.
وهنا تنبيه وهو أن الإختلاط على قسمين:
-اختلاط غير مقصود عارض كما هو حاصل في المساجد والأسواق وغيرهما.
-ماختلاط مقصود كما يحصل في المقاعد الدراسية ومكاتب العمل وغيرهما، فهذا لا ينفك غالباً عن حصول النظر المحرم، أو اللمس، أو الخلوة، أو تعلق القلب، أو الخضوع بالقول.
وأخيراً: لنتأمل بما ورد في نصوص الشريعة:
- من نصوص تأمر بغض البصر.
- ونصوص تصف المرأة بأنها فتنة للرجال.
- ونصوص تجعل صفوف النساء آخر المسجد، وتخبر بأن شرها أولها، وخيرها آخرها.
- ونصوص تجعل للنساء باباً خاصاً في المسجد.
- ونصوص تنهى عن مخالطة النساء للرجال في الطرقات، وتأمرهن بالمشي في حافّات الطريق.
- ونصوص تدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم خصص للنساء يوماً للتعليم.
- ونصوص تبيّن أن النبي صلى الله عليه وسلم ما جمع الرجال والنساء في مجلس علم، أو شورى.
- ونصوص تأمر المرأة بالقرار في البيت، وأن صلاتها فيه خير من صلاتها في المسجد.
- ونصوص تأمر المرأة بالحجاب، وعدم اللين في الكلام مع الرجال.
ثم لنتسائل بعد ذلك كيف لكل هذه الأحكام أن تطبق مع الاختلاط؟!
ألقاه في اليم مكتوفاً وقال له ** إياكَ إياكَ أن تبتل بالماء
وإذا كانت هذه النصوص مع كثرتها لا تفيد منع الاختلاط، فأي فائدة إذن من سَوْقها، وكثرتها؟!.
وفي ختام هذا المقال أوجه ثلاث رسائل:
الأولى: إلى علمائنا: أن يقفوا سدَّاً منيعاً في وجه المفسدين، فإن الأشرار وإن حازوا الإعلام، فأنتم معكم حب الناس لكم وثقتهم بكم ونصرتهم لكم، ياعلماءنا: نريد منكم موقفاً مشرفاً في الدفاع عن أعراض المسلمات، كموقفم في الدفاع عن أمن البلاد، وبقوتكم في الحق يقوى الناس، وبضعفكم وتخاذلكم تقتدي الأمة.
ولنا في دول اجتاحها التغريب والإفساد وفُرض عليها -أمام مرأى ومسمع من العلماء- عبرة.
يا أيها الأخيار قد نطق الرو **يبضة الحقير ولا أركم تنطقون
أعجزتمُ حتى عن الشكوى فما** أدري بأي مصيبةٍ تتألمون
الثانية: إلى الغيورين: أن يتكاتفوا ويتواصلوا مع العلماء والأمراء، وأن لا ييأسوا ويضعفوا، فلا يكن أعداء العفاف والطهر أجرأ وأجلد منكم ياحماة الفضلية وياحراس العفاف!
فكم من كلمة أحيت قلباً، وكم من مكاتبةٍ أوقفت منكرا، وكم من مداخلة أحيت شعبا، وكم من خطبة أزالت شبها.
فلا تحتقر نفسك واعمل لهذا الدين بما تستطيع، فإن هذا الدين منصور فاشرف بنصرته.
الثالثة: إلى أعداء الطهر والعفاف: أن يكفوا شرهم عن المسلمين، وأن لايتمادوا في الدعوة إلى سبيل الطاغوت، فماذا تريدون من نساء المسلمين؟ أتزعمون تحريرهن؟! فهل ستحررونهنَّ من عبودية الله إلى رق الشهوات! وصدق الله {وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا}
هربوا من الرق الذي خُلقوا له**فبُلوا برق النفس والشيطان
نسأل الله أن يصلح أحوال المسلمين وأن يقطع دابر المفسدين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه.
ـ[أبوراكان الوضاح]ــــــــ[13 - 10 - 09, 10:42 ص]ـ
أحسنت شيخنا علي شرحت صدورنا بمقالك واستدلالاتك ...
بارك الله فيك ونفع بك ...
واصل في كشف عوارهم وهتك أستارهم ... أعانك الله ...
ـ[البوسيفي]ــــــــ[13 - 10 - 09, 01:18 م]ـ
احسنت على هذا النقل الطيب للنصوص والادلة
وبارك الله فيك
ـ[أبو يوسف التواب]ــــــــ[13 - 10 - 09, 02:25 م]ـ
جزاك الله خيراً ونفع بما كتبت
وهدانا وإخواننا المسلمين للحق
¥