تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

إذا تبيّن ذلك: فيا لله من أقوام يهوِّنون من شأن هذه الكلمة وقدرها، ويرمون المنشغلين بها، وبتقريرها، وبيان مدلولها ونواقضها للناس بالتخلف و التقاعس عن خوض ميادين الفكر ومجالاته، بحجّة أنّ هذه الأخيرة لا يخوضها إلاّ الفحول من أهل الفكر والعقل، أمّا تلكم فهي في متناول الجميع، سهلة المأخذ، لا تستحقّ كلّ هذا الجهد وذاك التفاني، حتّى بلغ الشقاء ببعض المنتسبين إلى العلم ـ زعموا ـ، أنّه أصبح لا يستسيغ سماع الكلام فيها وفي شروطها ومكمّلاتها (1) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=26#_ftn1)، و أَيْمُ الله إنّه ليُخشى على أمثال هؤلاء أن يكون فيهم شبه بمن قال سبحانه فيهم: {وَإِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَإِذَا ذُكِرَ الَّذِينَ مِن دُونِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ} (الزمر: 45)، ومن قال فيهم: {وَإِذَا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي الْقُرْآنِ وَحْدَهُ وَلَّوْاْ عَلَى أَدْبَارِهِمْ نُفُورا} (الإسراء: 46).

والمتأمّل في أحوال هذه الأمّة يعلم يقينا أنّ كثيراً من المسلمين لم يفهم حقيقة مدلول هذه الكلمة، ومقتضياتها، ولوازمها، لذلك تجده يجمع بينها وبين ما ينقضها، فنجد بعض المسلمين يتقرّب إلى الأولياء وإلى القبور والأضرحة، بالقربات والذبح والنذر ويسألهم الشفاء والولد والغوث والمدد، ولا يدري أنّه بذلك قد أتى على هذه الكلمة بالهدم والنقض، وكثيرا من المسلمين عوامّهم خاصّةً يجهل أنّ من لوازم هذه الكلمة تحكيم شريعة الله عزّ وجلّ، والتحاكم إليها والرضا بها، فالحكم والتشريع محض حقّ الله تعالى وفعله، كالخلق والرزق والتدبير، والتحاكم إلى شريعته دون ما سواه من إفراده سبحانه بالعبادة، وهومن مقتضى شهادة أنّ محمّداً رسول الله r، كما قال تعالى: {فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجاً مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيما} (النساء: 65)

إذن فـ ((لا إله إلا الله)) غذاء للرّوح، و ((لا إله إلا الله)) طمأنينة للقلب، و ((لا إله إلا الله)) نور للبصر والبصيرة.

ومن أبرز مظاهر هذه الروح، ومن أسمى معانيها، بل هي لبُّها وجوهرُها التي إذا ما خالطت بشاشتُه قلوبَ العباد، وتخلّلت في عروقهم، اهتزّت وربت، وتاقت إلى معبودها، واشتاقت إليه، وتشوّفت إلى الأنس به:

هي إظهار الانكسار والافتقار والحاجة إلى الله الواحد القهار، مع كمال الذلّ والمحبة، والإجلال والخضوع.

ولنلقي نظرة خاطفة على هذه الرّوح وهي متجسّدة في أكملِ عباد الله، وأحبِّهم إليه، وأكرمِهم عليه، وصفوتِه من خلقه، أنبيائِه ورُسُلِه، عليهم أفضل الصلاة و أزكى التسليم، مستلّين ذلك كلّه من كلام ربّنا جلّ في عُلاه، على ما فتح الله به سبحانه، سائلا إيّاه جلّ جلاله وتقدّست أسماؤه أن يجعل هذا العمل خالصا لوجهه الكريم، وأن ينفع به عباده المؤمنين والحمد لله ربّ العالمين.

وكتب:

حسّان بن حسين بن محمد بن سليمان آل شعبان

مكة المكرّمة ـ حرسها الله ـ في 7 شوّال 1428هـ

آدَمُ u

آدم u هو أوّل الأنبياء، وأبو البشرية جمعاء، خلقه الله تعالى بيده كما أخبر سبحانه بذلك عن نفسه فقال: {قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ الْعَالِينَ} (ص: 75)، وأسجد له ملائكته كما قال تعالى: {وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلاَئِكَةِ اسْجُدُواْ لآدَمَ فَسَجَدُواْ إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ} (البقرة: 34) وعلّمه الأسماء كلّها فقال سبحانه: {وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاء كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلاَئِكَةِ فَقَالَ أَنبِئُونِي بِأَسْمَاء هَؤُلاء إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ} (البقرة: 31)، واصطفاه على العالمين، فقال عزّ من قائل: {إِنَّ اللّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ} (آل عمران: 33)، وخلق منه أمّنا حوّاء عليها السلام، ثمّ ابتلاهما جلّ شأنه بحكمته وإرادته بنهيه لهما عن الأكل من الشجرة، فلم يزل الشيطان بهما حتّى أغواهما، فأكلا منها، فبدت لهما سوآتهما، فخالفا بذلك أمر الله

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير