تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أيوب u أحد أنبياء الله تعالى إلى بني إسرائيل، ابتلاه عزّ وجلّ في ماله وجسده، فوجده صابرا محتسبا راضيا بقضاء الله وقدره، فأثنى عليه سبحانه وتعالى بقوله: {إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِراً نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ} (ص: 44)

قال الحافظ ابن كثير رحمه الله تعالى:

يذكر تعالى عن أيّوبَ u ما كان أصابه من البلاء في ماله وولده وجسده، وذلك أنّه كان له من الدّواب والأنعام والحرث شيء كثير، وأولاد كثير، ومنازل مرضية، فابتلي في ذلك كلّه، وذهب عن آخره، ثم ابتلي في جسده يقال بالجُذام (7) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=26#_ftn7) في سائر بدنه، ولم يبق سليم سوى قلبه ولسانه، يذكر بهما الله عزّ وجلّ حتّى عافه الجليس (8) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=26#_ftn8)، وأفرد في ناحية من البلد، ولم يبق أحد من الناس يحنو عليه سوى زوجته (9) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=26#_ftn9) كانت تقوم بأمره، ويقال إنّها احتاجت فصارت تخدم الناس لأجله. اهـ (10) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=26#_ftn10)

فلّما اشتدّ به البلاء وعظم عليه الخطب، وازدادت حالُه سوءا، لجأ إلى من هو أرحم به من أمّه التي ولدته، إلى أرحم الراحمين، إله الأوّلين والآخرين، مُعلِنا حاجته إليه، وأنّه لا غنى له عنه، وأنّه هو مفزعه الوحيد في صورة ملؤها الذلّ والافتقار، والخضوع والانكسار، فقال كما أخبر ربّنا عنه: {وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ v فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِن ضُرٍّ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُم مَّعَهُمْ رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ} (الأنبياء 83:84).

قال العلاّمة ابن سعدي رحمه الله:

فتوسّل إلى الله بالإخبار عن حال نفسه، وأنّه بلغ منه الضرّ كلّ مبلغ، وبرحمة ربّه الواسعة العامّة فاستجاب الله له. اهـ (11) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=26#_ftn11)

قال الزمخشري رحمه الله:

ألطف في السؤال حيث ذكر نفسه بما يوجب الرحمة، وذكر ربّه بغاية الرحمة، ولم يصرّح بالمطلوب. اهـ (12) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=26#_ftn12)

وقال رحمه الله: كان أيوب u روميا من ولد إسحاق بن يعقوب عليهم السلام، وقد استنبأه الله وبسط عليه الدنيا، وكثر أهله وماله، كان له سبعة بنين وسبع بنات، وله أصناف البهائم وخمسمائة فدان، يتبعها خمسمائة عبد، لكل عبد امرأة وولد ونخيل، فابتلاه الله بذهاب ولده ـ انهدم عليهم البيت فهلكوا ـ وبذهاب ماله، وبالمرض في بدنه ثماني عشرة سنة، وعن قتادة: ثلاث عشرة سنة، وعن مقاتل: سبعا وسبعة أشهر وسبع ساعات، وقالت له امرأته يوما: لو دعوت الله، فقال لها: كم كانت مدة الرخاء؟ فقالت: ثمانين سنة فقال: أنا أستحي من الله أن أدعوه، وما بلغت مدةُ بلائي مدةَ رخائي، فلما كشف الله عنه، أحيا ولده، ورزقه مثلهم ونوافل منهم، وروي أن امرأته ولدت بعدُ ستة وعشرين ابنا. اهـ (13) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=26#_ftn13)

قال النّسفي رحمه الله:

فكأنّه قال: أنت أهل أن تَرحم، وأيّوب أهل أن يُرحم فارحمه، واكشف عنه الضر الذي مسّه. اهـ (14) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=26#_ftn14)

فتأمّل أخي في الله كيف توسّل إلى الله تعالى بالصفة التي يقول فيها سبحانه عن نفسه: {وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُم بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ} (الأعراف: 156) فجاء الجواب بالفاء {فاستجبنا له}.

ولسان حاله يقول: يا ربّ قد بلغ بي من الضُّر ما لا يعلمه إلاّ أنت، وأنا في أمس الحاجة إلى رحمتك، وأنت في غنى عمّا أنا فيه، فجُد عليّ بالشفاء والعافية يا أرحم الراحمين، ويا أكرم الأكرمين.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير