تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[الذبيح هو إسماعيل عليه السلام، الشيخ سمير المالكي]

ـ[إحسان العتيبي]ــــــــ[20 - 10 - 09, 09:02 ص]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم

الذبيح هو إسماعيل عليه السلام

الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده.

أما بعد،

فقد قرأت قبل نحو أسبوعين مقالاً نشرته صحيفة المدينة لأحد مشايخ المدينة النبوية، وهو إمام وخطيب مسجد قباء، استنكر فيه النقد الذي وجه إلى فضيلته من قبل بعض طلبة العلم، لأنه ذكر في بعض دروسه أن الذبيح هو إسحق وليس إسماعيل عليهما السلام.

وذكر فضيلته أن المسألة خلافية وأنه لا نص فيها من كتاب أو سنة، وأن أكثر علماء السلف رجحوا أن الذبيح هو إسحق. ونسب هذا القول إلى الإمام أحمد وطائفة من الصحابة والتابعين، مقلداً في ذلك ما قاله ابن الجوزي والقرطبي، ومن قبلهما ابن جرير الطبري رحمهم الله تعالى.

قلت: من قرأ مقال الشيخ قد يظن لأول وهلة أن قوله هو الصواب وأن قول مخالفيه خطأ، لكن من أمعن النظر في المسألة واطلع على كلام المحققين سيتبين له خلاف ذلك.

وهذه المسألة وإن كانت خلافية، لكن الأولى بفضيلة الشيخ أن يتجنب إثارتها وإشاعة الخلاف فيها، لأنها – كما ذكر فضيلته – لا يتعلق بها عمل، وإنما هي فضيلة ومنقبة لنبي من الأنبياء ذكرها الله تعالى في كتابه.

وإسماعيل وإسحق عليهما السلام من جملة المصطفين الأخيار وقد ورد في القرآن من ذكر مناقبهما الشيء الكثير، ويكفي أن الله اصطفاهما بالرسالة والنبوة، ونوه بذكرهما وجعل في ذريتهما النبوة والكتاب.

وكان الأولى إذاً أن يترك الناس على ما علموه وتعلموه في مدارسهم وجامعاتهم وما رجحه أكثر العلماء من أن الذبيح هو إسماعيل لا إسحق، عليهما وعلى نبينا الصلاة والسلام. وسأنقل للقارئ نبذة مما ذكره بعض شيوخ الإسلام حتى لا يغتروا بما ذكره الشيخ، مع التنبيه على أن ذلك لا ينقص من قدر فضيلته، وهو مأجور إن شاء الله على اجتهاده، وإن رأينا أنه أخطأ فيه.

1 – كلام شيخ الإسلام ابن تيمية

سئل رحمه الله عن الذبيح هل هو إسماعيل أو إسحق فأجاب بقوله:

((هذه المسألة فيها مذهبان مشهوران للعلماء، وكل منهما مذكور عن طائفة من السلف، وذكر أبو يعلى في ذلك روايتين عن أحمد، ونصر أنه إسحق، إتباعاً لأبي بكر عبدالعزيز، وأبو بكر اتبع محمد بن جرير. ولهذا يذكر أبو الفرج بن الجوزي: أن أصحاب أحمد ينصرون أنه إسحق، وإنما ينصره هذان، ومن اتبعهما، ويحكى ذلك عن مالك نفسه لكن خالفه طائفة من أصحابه.

وذكر الشريف أبو علي بن أبي يوسف: أن الصحيح في مذهب أحمد أنه إسماعيل، وهذا الذي رواه عبدالله بن أحمد عن أبيه، قال: مذهب أبي أنه إسماعيل، وفي الجملة فالنزاع فيها مشهور، لكن الذي يجب القطع به أنه إسماعيل، وهذا الذي عليه الكتاب والسنة والدلائل المشهورة، وهو الذي تدل عليه التوراة التي بأيدي أهل الكتاب.

وأيضاً فإن فيها أنه قال لإبراهيم: اذبح ابنك وحيدك. وفي ترجمة أخرى: بكرك. وإسماعيل هو الذي كان وحيده وبكره باتفاق المسلمين وأهل الكتاب، لكن أهل الكتاب حرفوا فزادوا إسحق، فتلقى ذلك عنهم من تلقاه، وشاع عند بعض المسلمين أنه إسحق، وأصله من تحريف أهل الكتاب.

ومما يدل على أنه إسماعيل قصة الذبيح المذكورة في سورة الصافات. قال تعالى: {وبشرناه بغلام حليم}، وقد انطوت البشارة على ثلاث: على أن الولد غلام ذكر، وأنه يبلغ الحلم، وأنه يكون حليما. وأي حلم أعظم من حلمه حين عرض عليه أبوه الذبح فقال: {ستجدني إن شاء الله من الصابرين}؟ وقيل: لم ينعت الله الأنبياء بأقل من الحلم، وذلك لعزة وجوده، ولقد نعت إبراهيم به في قوله تعالى: {إن إبراهيم لأواه حليم}، {إن إبراهيم لحليم أواه منيب}، لأن الحادثة شهدت بحلمهما: {فلما بلغ معه السعي قال يا بني إني أرى في المنام أني أذبحك فانظر ماذا ترى؟ قال يا أبت افعل ما تؤمر، ستجدني إن شاء الله من الصابرين – إلى قوله – وفديناه بذبح عظيم، وتركنا عليه في الآخرين، سلام على إبراهيم كذلك نجزي المحسنين، إنه من عبادنا المؤمنين، وبشرناه بإسحق نبياً من الصالحين، وباركنا عليه وعلى إسحق ومن ذريتهما محسن وظالم لنفسه مبين}.

فهذه القصة تدل على أنه إسماعيل من وجوه:-

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير