تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وقولك (ومن هنا رجح بعض أهل العلم أن علم التعبير لا يتعلم بل هو موهبة) فالصحيح خلاف هذا فهو علم يؤتاه الشخص بالتعلم مع الموهبة الفطرية مثل الشعر وغيره فالشعر يصقل بالممارسة وكثرة محفوظات الشعر فلا يولد إنسان وهو شاعر كما لا يوهب شخص ما تعبير الرؤى من دون تعلم.

ويدل على إمكانية تعلمه ما كان يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم حينما كان يسأل الصحابة هل رأى أحد منك رؤيا؟ وقد سأله أبو بكر رضي الله عنه أن يفسر رؤيا بحضرته وصوبه الرسول عليه الصلاة والسلام مما يدل دلالة قاطعة على إمكانية تعلمه.

خامسا: تعبير الرؤى لا تأخذ منه الأحكام الشرعية بالاتفاق، فلو كان علما شرعيا لأخذت منه أحكام شرعية بخلاف العلوم الشرعية فهي يستقى منها الأحكام الشرعية

يقصد العلماء بأن تعبير الرؤى لا يؤخذ منه أحكاما شرعية بمعنى لو رأى الرائي شخص على هيئة رسول الله صلى الله عليه وسلم أو أحد من الملائكة وأمره بأمر يخالف الشرع فلا يأخذ بهذه الرؤيا لأن الشرع كامل وتام.

لكن رؤى الصالحين تأتي موافقة للشرع أحياناً كما أقر النبي صلى الله عليه وسلم رؤيا أحد الصحابة في الأذان وإقراره للصحابة في تحريهم لليلة القدر في العشر الأواخر لتواطئ رؤاهم على ذلك فالرؤى في هذه الحالة تأتي موافقة للشرع.

وإن كنت تعتبر إنفاذ الوصية هو حكم شرعي فهذه قصة الصحابي ثابت بن قيس رضي الله عنه كما رواها الحاكم في المستدرك

(فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ الْيَمَامَةِ مَعَ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ اسْتُشْهِدَ فَرَآهُ رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فِي مَنَامِهِ، فَقَالَ: إِنِّي لَمَّا قُتِلْتُ انْتَزَعَ دِرْعِي رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، وَخَبَّأَهُ فِي أَقْصَى الْعَسْكَرِ وَهُوَ عِنْدَهُ، وَقَدْ أَكَبَّ عَلَى الدِّرْعِ بُرْمَةً، وَجَعَلَ عَلَى الْبُرْمَةِ رَحْلا، فَائِتِ الأَمِيرَ فَأَخْبِرْهُ، وَإِيَّاكَ أَنْ تَقُولَ هَذَا حُلْمٌ فَتُضَيِّعَهُ، وَإِذَا أَتَيْتَ الْمَدِينَةَ فَائِتْ فَقُلْ لِخَلِيفَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ عَلَيَّ مِنَ الدَّيْنِ كَذَا وَكَذَا، وَغُلامِي فُلانٌ مِنْ رَقِيقِي عَتِيقٌ، وَإِيَّاكَ أَنْ تَقُولَ هَذَا حُلْمٌ فَتُضَيِّعَهُ، قَالَ: فَأَتَاهُ فَأَخْبَرَهُ الْخَبَرَ فَوَجَدَ الأَمْرَ عَلَى مَا أَخْبَرَهُ، وَأَتَى أَبَا بَكْرٍ فَأَخْبَرَهُ فَأَنْفَذَ وَصِيَّتَهُ، فَلا نَعْلَمُ أَحَدًا بَعْدَمَا مَاتَ أَنْفَذَ وَصِيَّتَهُ غَيْرُ ثَابِتِ بْنِ قَيْسِ بْنِ شَمَّاسٍ)

ولا يعني أن الرؤى لا يؤخذ منها أحكام شرعية أن علم تعبير الرؤى غير شرعي لكن يستفاد منها أمور شرعية مثل ما حصل لابن عمر رضي الله عنه في الحديث عند مسلم

عَنْ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: " كَانَ الرَّجُلُ فِي حَيَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِذَا رَأَى رُؤْيَا قَصَّهَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَتَمَنَّيْتُ أَنْ أَرَى رُؤْيَا أَقُصُّهَا عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: وَكُنْتُ غُلَامًا شَابًّا عَزَبًا، وَكُنْتُ أَنَامُ فِي الْمَسْجِدِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَرَأَيْتُ فِي النَّوْمِ كَأَنَّ مَلَكَيْنِ أَخَذَانِي فَذَهَبَا بِي إِلَى النَّارِ، فَإِذَا هِيَ مَطْوِيَّةٌ كَطَيِّ الْبِئْرِ، وَإِذَا لَهَا قَرْنَانِ كَقَرْنَيِ الْبِئْرِ، وَإِذَا فِيهَا نَاسٌ قَدْ عَرَفْتُهُمْ، فَجَعَلْتُ أَقُولُ أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ النَّارِ، أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ النَّارِ، أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ النَّارِ، قَالَ: فَلَقِيَهُمَا مَلَكٌ، فَقَالَ لِي: لَمْ تُرَعْ، فَقَصَصْتُهَا عَلَى حَفْصَةَ، فَقَصَّتْهَا حَفْصَةُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: نِعْمَ الرَّجُلُ عَبْدُ اللَّهِ، لَوْ كَانَ يُصَلِّي مِنَ اللَّيْلِ، قَالَ سَالِمٌ: فَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بَعْدَ ذَلِكَ لَا يَنَامُ مِنَ اللَّيْلِ إِلَّا قَلِيلًا "

والله أعلم

ـ[أبو طلحة الثمالي]ــــــــ[05 - 11 - 09, 12:19 م]ـ

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير