تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

كذلك كان يمازح أصحابه ويقول حق، قيل يا رسول الله: إنك تمازح فقال: "إني لا أقول إلا حقا" وقد ذكر العلماء لذلك أمثلة ذكر صاحب مشكاة المصابيح أحاديث في ذلك فمنها أحاديث أنس رضي الله عنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم ليخالطنا ويقول لأخ لي صغير: "يا أبا عمير ما فعل النغير" وكان لذلك الغلام نغير يلعب به – أي طير – فمات، فهذا أيضًا من مزاحه على ذلك الطفل ليقربه وليمزح معه، وذكر أن رجلاً قال: يا رسول الله احملني فقال: "أحملك على ولد الناقة" فقال لا يطيقني وفي رواية: ماذا أفعل بولد الناقة فقال: الحاضرون وهل الجمل إلا ولد الناقة؟ وفي رواية: وهل تلد الإبل إلا النوق؟ هكذا كان معه مثل هذه الممازحة، كذلك جاءته امرأة كبيرة السن فقالت: ادعوا الله أن يدخلني الجنة فقال: "إنه لا يدخل الجنة عجوز" فبكت لذلك فقال: "اخبروها أن الله تعالى يقول: {إِنَّا أَنشَأْنَاهُنَّ إِنشَاءً (35) فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَاراً} الواقعة:36.35. أي أنهن في الآخرة يرجعن فتيات وأبكارًا ولا تبقى كبيرة السن، وكذلك أيضا الرجال كما ورد في بعض الأحاديث، وذكروا أيضًا قصته مع أعرابي يقال له زاهر لما جاءهمرة وهو يبيع متاعًا له في السوق، فاحتضنه من ورائه، ولما عرف النبي صلى الله عليه وسلم جعل يلصق ظهره ببطن النبي صلى الله عليه وسلم فجعل يقول: "من يشتري العبد" فقال: إذا تجدني كاسدا، فقال: "لكنك عند الله لست بكاسد" كان يقول: "زاهر باديتنا ونحن حاضرته" أو كما قال صلى الله عليه وسلم، وجاءته امرأة ذكرت له زوجها فقال: "زوجك الذي في عينيه بياض" فأنكرت ذلك ولما جاءته فقالت: هل في عينيك بياض؟ فقال: وهل أحد إلا في عينيه بياض وسواد؟، هذا من جميل مزاحه ولكنه لا يقول إلا حقا.

وكان الصحابة يتسابقون إلى مجلسه ويحرصون أن يقابلوه، إذا انصرف من الصلاة انصرف غالبا على جانبه الأيمن، فكانوا يحبون أن يكونوا في الصف الأيمن ليقابلهم بوجهه، وأنه أحيانا ينصرف على وجهه الأيسر، هذا من جملة محبة الصحابة له ونظرهم إليه، وكان إذا سُرَّ استنار وجهه حتى كأنه فلقة قمر هكذا ذكر الصحابة عنه، وكذلك ذكروا أنه ما غضب لنفسه ما غضب إلا أن تنتهك محارم الله، فإذا انتهكت يغضب لله تعالى لا يغضب لنفسه كذلك كانت حالته عليه الصلاة والسلام.

وذكروا أنه ما ضرب خادمًا ولا زوجة ولا أحد إلا أن يقاتل في سبيل الله، لما أمره الله تعالى بالجهاد صبر على ذلك وحث أصحابه بالجهاد ورغبهم فيه وكان يقول: "لغدوة في سبيل الله أو روحة خير من الدنيا وما عليها" هكذا كان يخرج معهم بنفسه وقد يتوسط صفوف القتال كما فعل في غزوة حنين لما أن الكثير منهم هربوا وانصرفوا ثبت وجعل يقول: "أنا النبي لا كذب أنا ابن عبد الطلب" يشهر بنفسه ثم أمره الله تعالى فحذفهم بحصيات في يمينه وقال: "شاهت الوجوه" فما زال يضعف أمرهم إلى أن انهزموا، كذلك صبره في غزوة أحد مع أن المشركين يحاولون أن يقتلوه، ومع ذلك حصل أن بعضهم كسر رباعيته وشجه في وجهه آخر وهشمت المغفر عليه ودخلت حلقتان من حلق المغفر في وجننته ومع ذلك صبر.

وكان صلى الله عليه وسلم يتواضع مع أصحابه لا يترفع عليهم فكان إذا جاء وقاموا له نهاهم أن يقوموا له من باب التواضع، وكذلك أيضًا يجلس على التراب، ولما استنكر ذلك بعضهم قال: "اللهم أحيني مسكينا وتوفني مسكينا واحشرني في جملة المساكين" ولما جاء أعرابي وهابه لما قيل هذا النبي صلى الله عليه وسلم تواضع وقال له: "إني ابن امرأة من قريش تأكل القديد" أي هذا من تواضعه، كذلك أيضا لما جاء مرة وأرادوا أن يجلسوه على فراش ونحوه جلس على الأرض من باب تواضعه يجلس على التراب.

وقد يكرم بعض أصحابه إذا قدم عليه في منزله جاء بوسادة حشوها ليف وأجلس الزائر عليها من باب تكريمه له، كان صلى الله عليه وسلم يحرص على إكرام مزاره ورفع مكانته بقدر الاستطاعة، وكان يمشي معهم متواضع دون أن يتميز أو يترفع عنهم بشي، ويأكل أيضا مع زوجاته تذكر عائشة أنها تشرب من القدح فيأخذه ويشرب بل يضع فمه موضع فمها وتتعرق من العظم أي تنهس منه بأسنانها ويأخذه بعدها ويتعرق ويضع أسنانه موضع أسنانها، وكذلك كان يأكل معه ربيبه الذي هو عمر ابن أبي سلمة فأدبه يقول لما رأى يده تطيش في الصفحة قال: "يا غلام سم الله وكل بيمينك وكل مما

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير