تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[ماذا خسر المسلمون بإلغاء الرق؟]

ـ[سيد أحمد مهدي]ــــــــ[25 - 10 - 09, 12:06 م]ـ

[ماذا خسر المسلمون بإلغاء الرق؟]

هذه الشريعة "عدل كلها ورحمة كلها ومصالح كلها وحكمة كلها" [1]، هكذا دون تردد سطر ابن القيم رحمه الله تعالى هذه الكلمات بثقة العالم الرباني الموقن بحكمة الله تعالى وكمال دين الإسلام، قد يقولها سواه كثير، لكن ما إن تتعارض الشريعة مع القضايا التي صارت مسلمة في الثقافة الغربية ومؤسساتها التي فُرضَت على العالم، حتى يصبح الإسلام في قفص الاتهام، يحتاج إلى من يدافع عنه ويؤول نصوصه وتاريخه لتتلاءم مع ميثاق حقوق الإنسان، وميثاق الأمم المتحدة، ومبادئ الثورة الفرنسية ....

قال أحدهم: "إذا أردت أن تُصدَّق كذبتك فأكثر تردادها"، لقد انبهرنا بالثقافة الغربية وهيمنتها إلى حد صدقنا فيه بعض الكذبات من كثرة ما رددت علينا، وصرنا نتصور بعض القضايا بمفاهيم غير إسلامية، ثم نناقشها على ذلك الأساس.

ابتدع الكفار لحماية ثقافتهم وأفكارهم أنبازا يقذفون بها من حاد عن صفهم، صار بعضنا اليوم في البلاد الإسلامية يخشى أن يقذف بها إذا تكلم بالحق: معاد للسامية (لمن يعادي اليهود)،كاره للمثليين (لمن يتبرأ من عمل قوم لوط)،جنسي (لمن يرى قوامة الرجل على امرأة)، عنصري واستعبادي (لمن يسلّم بمشروعية الاسترقاق).

أثار أعداء ديننا شبهة إقرار شريعتنا للرق للطعن في الإسلام، فانبرى العلماء والمفكرون للرد على شبهات المبطلين، وإن كان معظمهم أفلح في إظهار الفارق بين "رقنا" و"رقهم"،فإن جمهور من تكلم في قضية الرق خلص إلى أن الإسلام عمل على إلغاء الرق وإعدامه، وأن ما نعيشه في العصور المتأخرة من منع الاسترقاق إنما هو من بركة الإسلام وأن تلك نعمة ينبغي أن نشكرها.

والحق أن إلغاء الرق من المصائب العظيمة التي مني بها المسلمون بسبب ابتعادهم عن شريعة ربهم و تقاعسهم عن نصرة دينه سبحانه وتعالى، وانقطع بانقطاع الرق سبل كثيرة من سبل الخير في الدنيا والآخرة على المسلمين، نعم ... لقد خسر المسلمون بإلغاء الرق نعما كثيرة اقتضتها حكمة الله تعالى في تشريع هذا النظام المحكم العادل.

ولك أن تسأل-أيها القارئ الكريم-:ماذا خسر المسلمون بإلغاء الرق؟ اذكر لنا شيئا من ذلك مصداقا لدعواك!

سأعدد لك -أيها القارئ الكريم- في هذا المقال -إن شاء الله تعالى- شيئا مما وقفتُ عليه من النعم التي حُرمتها أنا وأنت وكل مسلم بسبب إلغاء الرق، هذه المصيبة التي ينبغي أن نحتسب أجرها عند الله تعالى، فأقول:

خسر المسلمون بإلغاء الرق ...

.... سبيلا من سبل الدعوة إلى الله تعالى

خير لك من حمر النعم ... من الدنيا وما فيها .. أن يهدي الله تعالى بك رجلا ... أن يعتقه من الخلود في النار بسببك، هذا هو حلم كل مسلم.

كان استرقاق المسلمين الكفار من أعظم سبل الدعوة إلى الإسلام وإنقاذ الناس من الكفر، ذلك أن الكافر إذا أُسر وعاش بين ظهراني المسلمين ورأى حسن معاملتهم فإنه لا يلبث أن يقتنع بهذا الدين العظيم فيسلم، وإن لم يسلم هو أسلمت ذريته التي تنشأ في بيئة إسلامية، وهذه حقيقة لا يمكن إنكارها، فإن عددا لا يحصيهم إلا الله تعالى من الرقيق دخلوا في الإسلام ثم صاروا أو صار أبناؤهم وأحفادهم علماء وملوكا ومجاهدين يدافعون عن الإسلام وينصرونه، فسبحان مقلب القلوب، وسبحان من يخرج الحي من الميت، قال الشنقيطي:"ومن المعلوم أن كثيرا من أجلاء علماء المسلمين ومحدثيهم الكبار كانوا أرقاء مملوكين، أو أبناء أرقاء مملوكين، فهذا محمد بن سيرين كان أبوه سيرين عبدا لأنس بن مالك، وهذا مكحول كان عبدا لامرأة من هذيل فأعتقته، ومثل هذا أكثر من أن يحصى كما هو معلوم" [2]

وهذا الجيش الإنكشاري سيف الدولة العثمانية المسلط على أعداء الدين، كان أصله من سبي النصارى من الغلمان الذين أنشئوا على حب الإسلام والجهاد في سبيل الله سبحانه [3]،وقامت دولة المماليك في مصر والشام التي دفع الله بها كيد المغول والصليبيين، وكان أسلافهم من الرقيق والسبي. [4]

... سبيلا من سبل الأجر

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير