تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

لَفْظُ " النَّفْسِ " يُعَبَّرُ بِهِ عَنْ النَّفْسِ الْمُتَّبِعَةِ لِهَوَاهَا أَوْ عَنْ اتِّبَاعِهَا الْهَوَى بِخِلَافِ لَفْظِ " الرُّوحِ " فَإِنَّهَا لَا يُعَبَّرُ بِهَا عَنْ ذَلِكَ إذْ كَانَ لَفْظُ " الرُّوحِ " لَيْسَ هُوَ بِاعْتِبَارِ تَدْبِيرِهَا لِلْبَدَنِ. وَيُقَالُ النُّفُوسُ ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ: وَهِيَ " النَّفْسُ الْأَمَّارَةُ بِالسُّوءِ " الَّتِي يَغْلِبُ عَلَيْهَا اتِّبَاعُ هَوَاهَا بِفِعْلِ الذُّنُوبِ وَالْمَعَاصِي. وَ " النَّفْسُ اللَّوَّامَةُ " وَهِيَ الَّتِي تُذْنِبُ وَتَتُوبُ فَعَنْهَا خَيْرٌ وَشَرٌّ لَكِنْ إذَا فَعَلَتْ الشَّرَّ تَابَتْ وَأَنَابَتْ فَتُسَمَّى لَوَّامَةً لِأَنَّهَا تَلُومُ صَاحِبَهَا عَلَى الذُّنُوبِ وَلِأَنَّهَا تَتَلَوَّمُ أَيْ تَتَرَدَّدُ بَيْنَ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ. وَ " النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ " وَهِيَ الَّتِي تُحِبُّ الْخَيْرَ وَالْحَسَنَاتِ وَتُرِيدُهُ وَتُبْغِضُ الشَّرَّ وَالسَّيِّئَاتِ وَتَكْرَهُ ذَلِكَ وَقَدْ صَارَ ذَلِكَ لَهَا خُلُقًا وَعَادَةً وَمَلَكَةً. فَهَذِهِ صِفَاتٌ وَأَحْوَالٌ لِذَاتٍ وَاحِدَةٍ وَإِلَّا فَالنَّفْسُ الَّتِي لِكُلِّ إنْسَانٍ هِيَ نَفْسٌ وَاحِدَةٌ وَهَذَا أَمْرٌ يَجِدُهُ الْإِنْسَانُ مِنْ نَفْسِهِ.

مجموع الفتاوى - (ج 28 / ص 148)

وَهَذِهِ الْقِسْمَةُ الثُّلَاثِيَّةُ كَمَا قِيلَ: الْأَنْفُسُ ثَلَاثٌ: أَمَّارَةٌ؛ وَمُطَمْئِنَةٌ؛ وَلَوَّامَةٌ. فَالْأَوَّلُونَ هُمْ أَهْلُ الْأَنْفُسِ الْأَمَّارَةِ الَّتِي تَأْمُرُهُ بِالسُّوءِ. وَالْأَوْسَطُونَ هُمْ أَهْلُ النُّفُوسِ الْمُطْمَئِنَّةِ الَّتِي قِيلَ فِيهَا: {يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ} {ارْجِعِي إلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً} {فَادْخُلِي فِي عِبَادِي} {وَادْخُلِي جَنَّتِي}. وَالْآخَرُونَ هُمْ أَهْلُ النُّفُوسِ اللَّوَّامَةِ الَّتِي تَفْعَلُ الذَّنْبَ ثُمَّ تَلُومُ عَلَيْهِ؛ وَتَتَلَوَّنُ: تَارَةً كَذَا. وَتَارَةً كَذَا. وَتَخْلِطُ عَمَلًا صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا.

وَلِهَذَا لَمَّا كَانَ النَّاسُ فِي زَمَنِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ اللَّذَيْنِ أُمِرَ الْمُسْلِمُونَ بِالِاقْتِدَاءِ بِهِمَا كَمَا قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {اقْتَدُوا بالذين مِنْ بَعْدِي أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ} أَقْرَبُ عَهْدًا بِالرِّسَالَةِ وَأَعْظَمُ إيمَانًا وَصَلَاحًا؛ وَأَئِمَّتُهُمْ أَقْوَمُ بِالْوَاجِبِ وَأَثْبَتُ فِي الطُّمَأْنِينَةِ: لَمْ تَقَعْ فِتْنَةٌ؛ إذْ كَانُوا فِي حُكْمِ الْقِسْمِ الْوَسَطِ. وَلَمَّا كَانَ فِي آخِرِ خِلَافَةِ عُثْمَانَ وَخِلَافَةِ عَلِيٍّ كَثُرَ الْقِسْمُ الثَّالِثُ؛ فَصَارَ فِيهِمْ شَهْوَةٌ وَشُبْهَةٌ مَعَ الْإِيمَانِ وَالدِّينِ؛ وَصَارَ ذَلِكَ فِي بَعْضِ الْوُلَاةِ وَبَعْضِ الرَّعَايَا ثُمَّ كَثُرَ ذَلِكَ بَعْدُ؛ فَنَشَأَتْ الْفِتْنَةُ الَّتِي سَبَبُهَا مَا تَقَدَّمَ مِنْ عَدَمِ تَمْحِيصِ التَّقْوَى وَالطَّاعَةِ فِي الطَّرَفَيْنِ؛ وَاخْتِلَاطِهِمَا بِنَوْعِ مِنْ الْهَوَى وَالْمَعْصِيَةِ فِي الطَّرَفَيْنِ: وَكُلٌّ مِنْهُمَا مُتَأَوِّلٌ أَنَّهُ يَأْمُرُ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَى عَنْ الْمُنْكَرِ وَأَنَّهُ مَعَ الْحَقِّ وَالْعَدْلِ وَمَعَ هَذَا التَّأْوِيلِ نَوْعٌ مِنْ الْهَوَى؛ فَفِيهِ نَوْعٌ مِنْ الظَّنِّ وَمَا تَهْوَى الْأَنْفُسُ؛ وَإِنْ كَانَتْ إحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَوْلَى بِالْحَقِّ مِنْ الْأُخْرَى.

مسألة ما أنواع قوى النفس؟

مجموع الفتاوى - (ج 15 / ص 428)

قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -:

فَصْلٌ:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير