تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

يَكُونُ مُرِيدًا إلَّا بَعْدَ تَصَوُّرِ الْمُرَادِ فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الْقَلْبُ مُتَصَوِّرًا فَيَكُونُ مِنْهُ هَذَا وَهَذَا وَيَبْتَدِئُ ذَلِكَ مِنْ الدِّمَاغِ وَآثَارُهُ صَاعِدَةٌ إلَى الدِّمَاغِ فَمِنْهُ الْمُبْتَدَأُ وَإِلَيْهِ الِانْتِهَاءُ وَكِلَا الْقَوْلَيْنِ لَهُ وَجْهٌ صَحِيحٌ. وَهَذَا مِقْدَارُ مَا وَسِعَتْهُ هَذِهِ الْأَوْرَاقُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

مسألة: ما هي شروط عقل القلب؟

مجموع الفتاوى - (ج 9 / ص 309)

الْقَلْبَ بِنَفْسِهِ يَقْبَلُ الْعِلْمَ وَإِنَّمَا الْأَمْرُ مَوْقُوفٌ عَلَى شَرَائِطَ وَاسْتِعْدَادٍ قَدْ يَكُونُ فِعْلًا مِنْ الْإِنْسَانِ فَيَكُونُ مَطْلُوبًا وَقَدْ يَأْتِي فَضْلًا مِنْ اللَّهِ فَيَكُونُ مَوْهُوبًا. فَصَلَاحُ الْقَلْبِ وَحَقُّهُ وَاَلَّذِي خُلِقَ مِنْ أَجْلِهِ هُوَ أَنْ يَعْقِلَ الْأَشْيَاءَ لَا أَقُولُ أَنْ يَعْلَمَهَا فَقَطْ فَقَدْ يَعْلَمُ الشَّيْءَ مَنْ لَا يَكُونُ عَاقِلًا لَهُ بَلْ غَافِلًا عَنْهُ مُلْغِيًا لَهُ وَاَلَّذِي يَعْقِلُ الشَّيْءَ هُوَ الَّذِي يُقَيِّدُهُ وَيَضْبُطُهُ وَيَعِيهِ وَيُثْبِتُهُ فِي قَلْبِهِ فَيَكُونُ وَقْتَ الْحَاجَةِ إلَيْهِ غَنِيًّا فَيُطَابِقَ عَمَلُهُ قَوْلَهُ وَبَاطِنُهُ ظَاهِرَهُ وَذَلِكَ هُوَ الَّذِي أُوتِيَ الْحِكْمَةَ. {وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا}. وَقَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ: إنَّ مِنْ النَّاسِ مَنْ يُؤْتَى عِلْمًا وَلَا يُؤْتَى حُكْمًا وَإِنَّ شَدَّادَ بْنَ أَوْسٍ مِمَّنْ أُوتِيَ عِلْمًا وَحُكْمًا. وَهَذَا مَعَ أَنَّ النَّاسَ مُتَبَايِنُونَ فِي نَفْسِ عَقْلِهِمْ الْأَشْيَاءَ مِنْ بَيْنِ كَامِلٍ وَنَاقِصٍ وَفِيمَا يَعْقِلُونَهُ مِنْ بَيْنِ قَلِيلٍ وَكَثِيرٍ وَجَلِيلٍ وَدَقِيقٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ.

مسألة متى يسمى الشخص عاقلاً؟

مجموع الفتاوى - (ج 7 / ص 24)

لَفْظُ " الْعَقْلِ " - وَإِنْ كَانَ هُوَ فِي الْأَصْلِ: مَصْدَرُ عَقَلَ يَعْقِلُ عَقْلًا وَكَثِيرٌ مِنْ النُّظَّارِ جَعَلَهُ مِنْ جِنْسِ الْعُلُومِ - فَلَا بُدَّ أَنْ يُعْتَبَرَ مَعَ ذَلِكَ أَنَّهُ عِلْمٌ يُعْمَلُ بِمُوجِبِهِ فَلَا يُسَمَّى " عَاقِلًا " إلَّا مَنْ عَرَفَ الْخَيْرَ فَطَلَبَهُ وَالشَّرَّ فَتَرَكَهُ؛ وَلِهَذَا قَالَ أَصْحَابُ النَّارِ: {لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ}. وَقَالَ عَنْ الْمُنَافِقِينَ: {تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْقِلُونَ}. وَمَنْ فَعَلَ مَا يَعْلَمُ أَنَّهُ يَضُرُّهُ؛ فَمِثْلُ هَذَا مَا لَهُ عَقْلٌ. فَكَمَا أَنَّ الْخَوْفَ مِنْ اللَّهِ يَسْتَلْزِمُ الْعِلْمَ بِهِ؛ فَالْعِلْمُ بِهِ يَسْتَلْزِمُ خَشْيَتَهُ وَخَشْيَتُهُ تَسْتَلْزِمُ طَاعَتَهُ. فَالْخَائِفُ مِنْ اللَّهِ مُمْتَثِلٌ لِأَوَامِرِهِ مُجْتَنِبٌ لِنَوَاهِيهِ وَهَذَا هُوَ الَّذِي قَصَدْنَا بَيَانَهُ أَوَّلًا. وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ أَيْضًا قَوْله تَعَالَى {فَذَكِّرْ إنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَى} {سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشَى} {وَيَتَجَنَّبُهَا الْأَشْقَى} {الَّذِي يَصْلَى النَّارَ الْكُبْرَى}. فَأَخْبَرَ أَنَّ مَنْ يَخْشَاهُ يَتَذَكَّرُ، وَالتَّذَكُّرُ هُنَا مُسْتَلْزِمٌ لِعِبَادَتِهِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {هُوَ الَّذِي يُرِيكُمْ آيَاتِهِ وَيُنَزِّلُ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ رِزْقًا وَمَا يَتَذَكَّرُ إلَّا مَنْ يُنِيبُ}. وَقَالَ: {تَبْصِرَةً وَذِكْرَى لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ}. وَلِهَذَا قَالُوا فِي قَوْلِهِ

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير