تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

لِصَلَاحِهِ وَدِينِهِ؛ وَلِهَذَا قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {إلَّا أَنَّ اللَّهَ أَعَانَنِي عَلَيْهِ فَلَا يَأْمُرُنِي إلَّا بِخَيْرِ} وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: إنَّ لِلْمَلَكِ لَمَّةً وَإِنَّ لِلشَّيْطَانِ لَمَّةً فَلَمَّةُ الْمَلَكِ إيعَادٌ بِالْخَيْرِ وَتَصْدِيقٌ بِالْحَقِّ. وَلَمَّةُ الشَّيْطَانِ إيعَادٌ بِالشَّرِّ وَتَكْذِيبُ بِالْحَقِّ. وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {إنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ} أَيْ يُخَوِّفُكُمْ أَوْلِيَاؤُهُ بِمَا يَقْذِفُ فِي قُلُوبِكُمْ مِنْ الْوَسْوَسَةِ الْمُرْعِبَةِ كَشَيْطَانِ الْإِنْسِ الَّذِي يُخَوِّفُ مِنْ الْعَدُوِّ فَيَرْجُفُ وَيَخْذُلُ. وَعَكْسُ هَذَا قَوْلُهُ تَعَالَى: {إذْ يُوحِي رَبُّكَ إلَى الْمَلَائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ} وَقَالَ تَعَالَى: {يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ} وَقَالَ تَعَالَى: {وَلَوْلَا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلًا} وَالتَّثَبُّتُ جَعَلَ الْإِنْسَانَ ثَابِتًا لِأَمْرِ تَابَا وَذَلِكَ بِإِلْقَاءِ مَا يُثْبِتُهُ مِنْ التَّصْدِيقِ بِالْحَقِّ وَالْوَعْدِ بِالْخَيْرِ كَمَا قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: لَمَّةُ الْمَلَكِ وَعْدٌ بِالْخَيْرِ وَتَصْدِيقٌ بِالْحَقِّ فمتى عَلِمَ الْقَلْبُ أَنَّ مَا أَخْبَرَ بِهِ الرَّسُولُ حَقٌّ صَدَّقَهُ وَإِذَا عَلِمَ أَنَّ اللَّهَ قَدْ وَعَدَهُ بِالتَّصْدِيقِ وَثِقَ بِوَعْدِ اللَّهِ فَثَبَتَ فَهَذَا يَثْبُتُ بِالْكَلَامِ كَمَا يُثَبِّتُ الْإِنْسَانُ الْإِنْسَانَ فِي أَمْرٍ قَدْ اضْطَرَبَ فِيهِ بِأَنْ يُخْبِرَهُ بِصِدْقِهِ وَيُخْبِرَهُ. بِمَا يُبَيِّنُ لَهُ أَنَّهُ مَنْصُورٌ فَيَثْبُتُ وَقَدْ يَكُونُ التَّثَبُّتُ بِالْفِعْلِ بِأَنْ يُمْسِكَ الْقَلْبَ حَتَّى يَثْبُتَ كَمَا يَمْسِكُ الْإِنْسَانُ الْإِنْسَانَ حَتَّى يَثْبُتَ. وَفِي الْحَدِيثِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {مَنْ سَأَلَ الْقَضَاءَ وَاسْتَعَانَ عَلَيْهِ وُكِّلَ إلَيْهِ وَمَنْ لَمْ يَسْأَلْ الْقَضَاءَ وَلَمْ يَسْتَعِنْ عَلَيْهِ أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْهِ مَلَكًا يُسَدِّدُهُ} فَهَذَا الْمَلَكُ يَجْعَلُهُ سَدِيدَ الْقَوْلِ بِمَا يُلْقِي فِي قَلْبِهِ مِنْ التَّصْدِيقِ بِالْحَقِّ وَالْوَعْدِ بِالْخَيْرِ. وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إلَى النُّورِ} فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ هَذِهِ الصَّلَاةَ سَبَبٌ لِخُرُوجِهِمْ مِنْ الظُّلُمَاتِ إلَى النُّورِ وَقَدْ ذَكَرَ إخْرَاجَهُ لِلْمُؤْمِنِينَ مِنْ الظُّلُمَاتِ إلَى النُّورِ فِي غَيْرِ آيَةٍ. كَقَوْلِهِ: {اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إلَى الظُّلُمَاتِ} وَقَالَ: {هُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ عَلَى عَبْدِهِ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إلَى النُّورِ} وَقَالَ: {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ} وَفِي الْحَدِيثِ {أَنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى مُعَلِّمِي النَّاسِ الْخَيْرَ} وَذَلِكَ أَنَّ هَذَا بِتَعْلِيمِهِ الْخَيْرَ يُخْرِجُ النَّاسَ مِنْ الظُّلُمَاتِ إلَى النُّورِ وَالْجَزَاءُ مِنْ جِنْسِ الْعَمَلِ وَلِهَذَا كَانَ الرَّسُولُ أَحَقَّ النَّاسِ بِكَمَالِ هَذِهِ الصَّلَاةِ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {إنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ}. وَالصَّلَاةُ هِيَ الدُّعَاءُ إمَّا بِخَيْرٍ يَتَضَمَّنُ الدُّعَاءَ وَإِمَّا بِصِيغَةِ الدُّعَاءِ فَالْمَلَائِكَةُ يَدْعُونَ لِلْمُؤْمِنِينَ كَمَا فِي الصَّحِيحِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: {

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير