تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الَّذِي لَيْسَ مِثْلُهُ فِي الْعِلْمِ مِثْلَ اشْتِرَاكِهِمَا فِي الْإِيمَانِ؛ فَهَذَا أَصْلٌ تَجِبُ مَعْرِفَتُهُ. وَهَهُنَا " أَصْلٌ آخَرُ ": وَهُوَ أَنَّهُ لَيْسَ كُلُّ عَمَلٍ أَوْرَثَ كُشُوفًا أَوْ تَصَرُّفًا فِي الْكَوْنِ يَكُونُ أَفْضَلَ مِنْ الْعَمَلِ الَّذِي لَا يُورِثُ كَشْفًا وَتَصَرُّفًا؛ فَإِنَّ الْكَشْفَ وَالتَّصَرُّفَ إنْ لَمْ يَكُنْ مِمَّا يُسْتَعَانُ بِهِ عَلَى دِينِ اللَّهِ وَإِلَّا كَانَ مِنْ مَتَاعِ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا. وَقَدْ يَحْصُلُ ذَلِكَ لِلْكُفَّارِ مِنْ الْمُشْرِكِينَ وَأَهْلِ الْكِتَابِ؟ وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ لِأَهْلِ الْإِيمَانِ الَّذِينَ هُمْ أَهْلُ الْجَنَّةِ؛ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ.

فَفَضَائِلُ الْأَعْمَالِ وَدَرَجَاتِهَا لَا تُتَلَقَّى مِنْ مِثْلِ هَذَا؛ وَإِنَّمَا تُتَلَقَّى مِنْ دَلَالَةِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ؛ وَلِهَذَا كَانَ كَثِيرٌ مِنْ الْأَعْمَالِ يَحْصُلُ لِصَاحِبِهِ فِي الدُّنْيَا رِئَاسَةٌ وَمَالٌ فَأَكْرَمُ الْخَلْقِ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاهُمْ. وَمَنْ عَبَدَ اللَّهَ بِغَيْرِ عِلْمٍ فَقَدْ أَفْسَدَ أَكْثَرُ مِمَّا يُصْلِحُ وَإِنْ حَصَلَ لَهُ كَشْفٌ وَتَصَرُّفٌ؛ وَإِنْ اقْتَدَى بِهِ خَلْقٌ كَثِيرٌ مِنْ الْعَامَّةِ؛ وَقَدْ بَسَطْنَا الْكَلَامَ فِي هَذَا الْبَابِ فِي مَوَاضِعِهِ؟ فَهَذَا " أَصْلٌ ثَانٍ ". وَ " أَصْلٌ ثَالِثٌ " إنَّ تَفْضِيلَ الْعَمَلِ عَلَى الْعَمَلِ قَدْ يَكُونُ مُطْلَقًا مِثْلُ تَفْضِيلِ أَصْلِ الدِّينِ عَلَى فَرْعِهِ وَقَدْ يَكُونُ مُقَيَّدًا. فَقَدْ يَكُونُ أَحَدُ الْعَمَلَيْنِ فِي حَقِّ زَيْدٍ أَفْضَلَ مِنْ الْآخَرِ وَالْآخَرُ فِي حَقِّ عَمْرٍو أَفْضَلَ وَقَدْ يَكُونَانِ مُتَمَاثِلَيْنِ فِي حَقِّ الشَّخْصِ وَقَدْ يَكُونُ الْمَفْضُولُ فِي وَقْتٍ أَفْضَلَ مِنْ الْفَاضِلِ؛ وَقَدْ يَكُونُ الْمَفْضُولُ فِي حَقِّ مَنْ يَقْدِرُ عَلَيْهِ وَيَنْتَفِعُ بِهِ أَفْضَلَ مِنْ الْفَاضِلِ فِي حَقِّ مَنْ لَيْسَ كَذَلِكَ. مِثَالُ ذَلِكَ أَنَّ قِرَاءَةَ الْقُرْآنِ أَفْضَلُ مِنْ مُجَرَّدِ الذِّكْرِ بِسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِجْمَاعِ الْأُمَّةِ - وَلَا اعْتِبَارَ بِمَنْ يُخَالِفُ ذَلِكَ مِنْ جُهَّالِ الْعِبَادِ - ثُمَّ الرُّكُوعُ وَالسُّجُودُ يُنْهَى فِيهِ عَنْ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ وَيُؤْمَرُ فِيهِ بِالذِّكْرِ وَكَذَلِكَ الذِّكْرُ وَالدُّعَاءُ فِي الطَّوَافِ وَعَرَفَةَ وَنَحْوِهِمَا أَفْضَلُ مِنْ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ وَكَذَلِكَ الْأَذْكَارُ الْمَشْرُوعَةُ: مِثْلُ مَا يُقَالُ عِنْدَ سَمَاعِ النِّدَاءِ وَدُخُولِ الْمَسْجِدِ وَالْمَنْزِلِ وَالْخُرُوجِ مِنْهُمَا وَعِنْدَ سَمَاعِ الدِّيَكَةِ وَالْحُمُرِ وَنَحْوِ ذَلِكَ أَفْضَلُ مِنْ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ فِي هَذَا الْمَوْطِنِ وَأَيْضًا فَأَكْثَرُ السَّالِكِينَ إذَا قَرَءُوا الْقُرْآنَ لَا يَفْهَمُونَهُ. وَهُمْ بَعْدُ لَمْ يَذُوقُوا حَلَاوَةَ الْإِيمَانِ الَّذِي يَزِيدُهُمْ بِهَا الْقُرْآنُ إيمَانًا فَإِذَا أَقْبَلُوا عَلَى الذِّكْرِ أَعْطَاهُمْ الذِّكْرُ مِنْ الْإِيمَانِ مَا يَجِدُونَ حَلَاوَتَهُ وَلَذَّتَهُ فَيَكُونُ الذِّكْرُ أَنْفَعَ لَهُمْ حِينَئِذٍ مِنْ قِرَاءَةٍ لَا يَفْهَمُونَهَا وَلَا مَعَهُمْ مِنْ الْإِيمَانِ مَا يَزْدَادُ بِقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ أَمَّا إذَا أُوتِيَ الرَّجُلُ الْإِيمَانَ فَالْقُرْآنُ يَزِيدُهُ مِنْ الْإِيمَانِ مَا لَا يَحْصُلُ بِمُجَرَّدِ الذِّكْرِ فَهَذَا " أَصْلٌ ثَالِثٌ " وَ " أَصْلٌ رَابِعٌ ": وَهُوَ أَنَّ الرَّجُلَ قَدْ يَأْتِي بِالْعَمَلِ الْفَاضِلِ مِنْ غَيْرِ قِيَامٍ بِشُرُوطِهِ وَلَا إخْلَاصٍ فِيهِ فَيَكُونُ بِتَفْوِيتِ شَرَائِطِهِ دُونَ مَنْ أَتَى بِالْمَفْضُولِ الْمُكَمِّلِ. فَهَذِهِ الْأُصُولُ وَنَحْوُهَا تُبَيِّنُ جَوَابَ هَذَا السَّائِلِ وَإِنْ كَانَ تَفْصِيلُ ذَلِكَ لَا تَتَّسِعُ لَهُ الْوَرَقَةُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

مسألة: ما سبب الأحوال الإيمانية؟

مجموع الفتاوى - (ج 11 / ص 287)

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير