تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الْحَدِيثَ. فَهَذِهِ الْأَحَادِيثُ الْمُسْتَفِيضَةُ صَرِيحَةٌ بِأَنَّ كُلَّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ وَأَنَّهُ خَمْرٌ مِنْ أَيِّ شَيْءٍ كَانَ وَلَا يَجُوزُ التَّدَاوِي بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ. وَأَمَّا قَوْلُ الْأَطِبَّاءِ: إنَّهُ لَا يَبْرَأُ مِنْ هَذَا الْمَرَضِ إلَّا بِهَذَا الدَّوَاءِ الْمُعَيَّنِ. فَهَذَا قَوْلُ جَاهِلٍ لَا يَقُولُهُ مَنْ يَعْلَمُ الطِّبَّ أَصْلًا فَضْلًا عَمَّنْ يَعْرِفُ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ الشِّفَاءَ لَيْسَ فِي سَبَبٍ مُعَيَّنٍ يُوجِبُهُ فِي الْعَادَةِ كَمَا لِلشِّبَعِ سَبَبٌ مُعَيَّنٌ يُوجِبُهُ فِي الْعَادَةِ إذْ مِنْ النَّاسِ مَنْ يَشْفِيهِ اللَّهُ بِلَا دَوَاءٍ وَمِنْهُمْ مَنْ يَشْفِيهِ اللَّهُ بِالْأَدْوِيَةِ الْجُثْمَانِيَّةِ حَلَالِهَا وَحَرَامِهَا وَقَدْ يُسْتَعْمَلُ فَلَا يَحْصُلُ الشِّفَاءُ لِفَوَاتِ شَرْطٍ أَوْ لِوُجُودِ مَانِعٍ وَهَذَا بِخِلَافِ الْأَكْلِ فَإِنَّهُ سَبَبٌ لِلشِّبَعِ؛ وَلِهَذَا أَبَاحَ اللَّهُ لِلْمُضْطَرِّ الْخَبَائِثَ أَنْ يَأْكُلَهَا عِنْدَ الِاضْطِرَارِ إلَيْهَا فِي الْمَخْمَصَةِ فَإِنَّ الْجُوعَ يَزُولُ بِهَا وَلَا يَزُولُ بِغَيْرِهَا بَلْ يَمُوتُ أَوْ يَمْرَضُ مِنْ الْجُوعِ فَلَمَّا تَعَيَّنَتْ طَرِيقًا إلَى الْمَقْصُودِ أَبَاحَهَا اللَّهُ بِخِلَافِ الْأَدْوِيَةِ الْخَبِيثَةِ. بَلْ قَدْ قِيلَ: مَنْ اسْتَشْفَى بِالْأَدْوِيَةِ الْخَبِيثَةِ كَانَ دَلِيلًا عَلَى مَرَضٍ فِي قَلْبِهِ وَذَلِكَ فِي إيمَانِهِ فَإِنَّهُ لَوْ كَانَ مِنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ الْمُؤْمِنِينَ لَمَا جَعَلَ اللَّهُ شِفَاءَهُ فِيمَا حَرَّمَ عَلَيْهِ وَلِهَذَا إذَا اُضْطُرَّ إلَى الْمَيْتَةِ وَنَحْوِهَا وَجَبَ عَلَيْهِ الْأَكْلُ فِي الْمَشْهُورِ مِنْ مَذَاهِبِ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ وَأَمَّا التَّدَاوِي فَلَا يَجِبُ عِنْدَ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ بِالْحَلَالِ وَتَنَازَعُوا: هَلْ الْأَفْضَلُ فِعْلُهُ؟ أَوْ تَرْكُهُ عَلَى طَرِيقِ التَّوَكُّلِ؟. وَمِمَّا يُبَيِّنُ ذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ لَمَّا حَرَّمَ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَغَيْرَهَا لَمْ يُبِحْ ذَلِكَ إلَّا لِمَنْ اُضْطُرَّ إلَيْهَا غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ وَفِي آيَةٍ أُخْرَى: {فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْمُتَدَاوِيَ غَيْرُ مُضْطَرٍّ إلَيْهَا فَعُلِمَ أَنَّهَا لَمْ تَحِلَّ لَهُ. وَأَمَّا مَا أُبِيحَ لِلْحَاجَةِ لَا لِمُجَرَّدِ الضَّرُورَةِ: كَلِبَاسِ الْحَرِيرِ، فَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ: {أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَخَّصَ لِلزُّبَيْرِ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ فِي لُبْسِ الْحَرِيرِ لِحَكَّةٍ كَانَتْ بِهِمَا} وَهَذَا جَائِزٌ عَلَى أَصَحِّ قَوْلَيْ الْعُلَمَاءِ؛ لِأَنَّ لُبْسَ الْحَرِيرِ إنَّمَا حُرِّمَ عِنْدَ الِاسْتِغْنَاءِ عَنْهُ، وَلِهَذَا أُبِيحَ لِلنِّسَاءِ لِحَاجَتِهِنَّ إلَى التَّزَيُّنِ بِهِ وَأُبِيحَ لَهُنَّ التَّسَتُّرُ بِهِ مُطْلَقًا فَالْحَاجَةُ إلَى التَّدَاوِي بِهِ كَذَلِكَ بَلْ أَوْلَى وَهَذِهِ حُرِّمَتْ لِمَا فِيهَا مِنْ السَّرَفِ وَالْخُيَلَاءِ وَالْفَخْرِ وَذَلِكَ مُنْتَفٍ إذَا اُحْتِيجَ إلَيْهِ وَكَذَلِكَ لُبْسُهَا لِلْبَرْدِ: أَوْ إذَا لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ مَا يَسْتَتِرُ بِهِ غَيْرُهَا.

مسألة: ما الذي يجوز من الرقى و ما الذي لا يجوز؟

مجموع الفتاوى - (ج 19 / ص 13)

الْمَقْصُودُ هُنَا أَنَّ جَمِيعَ طَوَائِفِ الْمُسْلِمِينَ يُقِرُّونَ بِوُجُودِ الْجِنِّ وَكَذَلِكَ جُمْهُورُ الْكُفَّارِ كَعَامَّةِ أَهْلِ الْكِتَابِ وَكَذَلِكَ عَامَّةُ مُشْرِكِي الْعَرَبِ وَغَيْرُهُمْ مِنْ أَوْلَادِ الهذيل وَالْهِنْدِ وَغَيْرِهِمْ مِنْ أَوْلَادِ حَامٍ وَكَذَلِكَ جُمْهُورُ الْكَنْعَانِيِّينَ واليونانيين وَغَيْرُهُمْ مِنْ أَوْلَادِ يافث. فَجَمَاهِيرُ الطَّوَائِفِ تُقِرُّ بِوُجُودِ الْجِنِّ بَلْ يُقِرُّونَ بِمَا يَسْتَجْلِبُونَ بِهِ مُعَاوَنَةَ الْجِنِّ مِنْ الْعَزَائِمِ وَالطَّلَاسِمِ سَوَاءٌ أَكَانَ ذَلِكَ

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير