تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

يدل على ذلك ما رواه أبو داود عن عائشة رضي الله عنها: أن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعليها ثياب رقاق، فأعرض عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال لها ((يا أسماء إن المرأة إذا بلغت المحيض لم يصلح أن يُرى منها إلا هذا)) وأشار إلى وجهه و كفيه.

وهذا أقوى في جانب الاحتياط، ولمراعاة فساد الناس، فلا تبدي المرأة من زينتها إلا ما ظهر من وجهها وكفيها، والله الموفق لا رب سواه.

وقد قال ابن خويز منداد من علمائنا: إن المرأة إذا كانت جميلة، وخيف من وجهها وكفيها الفتنة، فعليها ستر ذلك.

وإن كانت عجوزاً أو مقبحة جاز أن تكشف وجهها وكفيها ". انتهى.

انظر الجامع لأحكام القرآن للقرطبي [12/ 228 – 229].

قال سمير: وهذا الإمام القرطبي ينقل لنا الخلاف في المسألة، وهو متوفى سنة 671هـ، مما يؤكد أن الخلاف استمر من عهد السلف إلى وقته، فكيف يتجاهله شيخ الأزهر؟

تفسير آية الأحزاب رقم 53

قال الله تعالى {يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوت النبي إلا أن يؤذن لكم .. } إلى قوله تعالى {وإذا سألتموهن متاعاً فاسألوهن من وراء حجاب ذلك أطهر لقلوبكم وقلوبهن}.

قال ابن جرير الطبري ما نصه " وإذا سألتم أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم ونساء المؤمنين، اللواتي لسن لكم بأزواج، متاعاً {فاسألوهن من وراء حجاب} يقول: من وراء ستر بينكم وبينهن، ولا تدخلوا عليهن بيوتهن {ذلك أطهر لقلوبكم وقلوبهن} يقول تعالى ذكره: سؤالكم إياهن المتاع، إذا سألتموهن ذلك من وراء حجاب، أطهر لقلوبكم وقلوبهن من عوارض العين فيها ... " الخ [10/ 325].

قال سمير: آية الأحزاب هذه رأى أكثر أهل العلم أنها خاصة بأزواج النبي صلى الله عليه وسلم، لكن ابن جرير الطبري أدخل فيها عموم النساء المؤمنات، كما مر معنا من كلامه. وقد وافقه الإمام القرطبي في تعميم الآية على كل النساء، فقال في تفسيره [14/ 227] " في هذه الآية دليل على أن الله تعالى أذن في مسألتهن من وراء حجاب في حاجة تعرض، أو مسألة يُستفتين فيها، ويدخل في ذلك جميع النساء بالمعنى، وبما تضمنته أصول الشريعة من أن المرأة كلها عورة، بدنها وصوتها، كما تقدم، فلا يجوز كشف ذلك إلا لحاجة، كالشهادة عليها، أو داء يكون ببدنها، أو سؤالها عما يعرض وتعيّن عندها " اهـ.

وقال الحافظ ابن حجر في فتح الباري [8/ 530] عند ذكر الحديث في سبب نزول هذه الآية من سورة الأحزاب " وفي الحديث من الفوائد: مشروعية الحجاب لأمهات المؤمنين. قال عياض: فرض الحجاب مما اختصصن به، فهو فرض عليهن بلا خلاف في الوجه والكفين، فلا يجوز لهن كشف ذلك في شهادة ولا غيرها .. " الخ.

قال سمير: كلام عياض مفهومه أن غير أمهات المؤمنين مختلف في فرض الحجاب عليهن في الوجه الكفين، كما هو ظاهر.

وللعلامة الشنقيطي بحث نفيس في تفسيره: أضواء البيان، حيث رجّح أن هذه الآية وإن نزلت في شأن أمهات المؤمنين إلا أن حكمها عام لكل المؤمنات، وأطال رحمه الله في تقرير ذلك، فانظره إن شئت.

ولو فرضنا جدلاً أن الحكم خاص بأمهات المؤمنين، فهل يصح أن يقال: إن ستر الوجه لا يمت إلى الإسلام بصلة، كما زعم شيخ الأزهر؟!

تفسير آية الأحزاب رقم 59

قال تعالى {يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين وكان الله غفوراً رحيماً}.

قال ابن جرير الطبري في تفسيره [10/ 331 - 332] " يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين: لا تشبهن بالإماء في لباسهن إذا هن خرجن من بيوتهن لحاجتهن، فكشفن شعورهن ووجوهن، ولكن ليدنين عليهن من جلابيبهن، لئلا يعرض لهن فاسق، إذا علم أنهن حرائر، بأذى من قول.

ثم اختلف أهل التأويل في صفة الإدناء الذي أمرهن الله به، فقال بعضهم: هو أن يغطين وجوههن ورؤسهن، فلا يبدين منهن إلا عيناً واحدة .. "

ثم أسند ابن جرير هذا القول، عن ابن عباس وعن عبيدة السلماني.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير