وأما القول بوجوب كشفها لوجهها في غير الإحرام والصلاة، في حضرة الرجال، فلم يقل به أحد من العلماء من قبل، لا من أصحاب المذاهب المتبوعة ولا من غيرهم.
وعلى هذا، فإن ما فعله شيخ الأزهر، حين أنكر على تلك الفتاة الأزهرية سترها لوجهها في حضرة فضيلته، يعد شذوذاً منه، وخروجاً عن قول سائر أهل العلم.
شيخ الأزهر و: عذر أقبح من فعل
لما حصلت المصيبة والفضيحة، من شيخ الأزهر، وأرادت إحدى المعلمات الصالحات الدفاع عن تلميذتها الأزهرية، نهرها الشيخ وقال: إنه يفهم في الدين أكثر منها ومن الذين خلّفوها!
وهذا في نظري عذر أقبح من فعل، وما أدراه، لعل المعلمة ومن خلفوها، والطالبة أيضاً أعلم من الشيخ في هذه المسألة؟
بل لعلهم أعلم منه في مسائل أخرى غيرها، وهل يزعم فضيلته أنه أعلم من في الأرض؟ إنها سقطة أخرى لشيخ الأزهر، ما كنت أظنه يقع فيها.
وليس من أدب العلماء ولا من خلق الفقهاء أن يتباهوا بالعلم ويتفاخروا على الناس به، بل خلقهم التواضع وخفض الجناح، كما أثر عن علماء الأمة وأئمتها.
ولهذا قال الإمام مالك " ليس أحد من خلق الله إلا يؤخذ من قوله ويترك إلا النبي صلى الله عليه وسلم " ومثله قال مجاهد والحكم بن عتيبة. [انظر الموافقات للشاطبي 5/ 134]. ومع ذلك فإننا لو فرضنا جدلاً، أن الشيخ سيد طنطاوي أعلم من في الأرض، فهل ينكر فضيلته على من هو دونه في العلم والمشيخة أن يختار قولاً ومذهباً غير الذي يذهب إليه؟ وهل يرى شيخ الأزهر، أن نلغي كل المذاهب الإسلامية المشهورة التي يقلدها أكثر من مليار مسلم، ونلزمهم بمذهب الطنطاوي؟!
وهل هذا الإلزام خاص بمسألة النقاب، التي أقضت مضجع الشيخ وأزعجته كل ذلك الإزعاج، أم يسري ذلك على كل مسائل العلم، في التفسير والحديث والفقه واللغة وغيرها؟.
لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق
ونقول لشيخ الأزهر: هب أنك ترى أن النقاب حرام أو بدعة ولكن هناك فتيات ومعلمات أزهريات يرين أنه مستحب أو واجب، قد تأسين بأمهات المؤمنين، وبغيرهن من نساء السلف، وظهر لهن أن هذا القول قد قال به فقهاء الأمة من أصحاب المذاهب الأربعة، بل هو مجمع عليه من حيث الاستحباب، مختلف فيه من حيث الوجوب. فهل يتركن ما يعتقدنه حقاً، لقولك ومذهبك؟
ألست من البشر يا شيخ الأزهر، تخطئ وتصيب، أم أنت معصوم عن الخطأ؟
فإن كنت بشراً تصيب وتخطئ، فما الذي يُلزم أولئك النساء أن يتبعن قولك ويتركن قول غيرك؟
لو قالت لك تلك الفتاة: أنا مقلدة لمذهب الأحناف أو الشافعية، أو غيرهما من المذاهب، وقرأت في كتبهم أن غطاء الوجه إن لم يكن فريضة فهو سنة وفضيلة، وأنا مقتنعة بما قالوه، فهم أعلم منك في نظري، فهل تجرؤ أن تقول لها إنك أعلم منهم؟ أو تقول: دعي أقوالهم ومذاهبهم، ولا تقلدي أحداً غيري؟
أصابت امرأة وأخطأ عمر
ذكر ابن كثير في تفسير قوله تعالى {وإن أردتم استبدال زوج مكان زوج وآتيتم إحداهن قنطاراً فلا تأخذوا منه شيئاً .. } الآية. النساء [20].
أثراً عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه حين أراد أن يحدّ الصداق فلا يزاد على أربعمائة درهم، فاعترضته امرأة واحتجت عليه بهذه الآية، فقال عمر " اللهم غفراً، كل الناس أفقه من عمر " ثم صعد المنبر ورجع عن قوله الأول.
قال ابن كثير " إسناده جيد قوي ".
قال سمير: انظر - وفقك الله – إلى فقه وأدب أمير المؤمنين عمر، لم ينهرها ولم يعنفها، ولا قال لها أنا أعلم منك ومن الذين خلفوك، وما كان هذا أدب الأولين ولا خلق عباد الله الصالحين.
ووازن بين ما قاله عمر وبين ما قاله شيخ الأزهر، لتعلم البون الشاسع بينهما، في العلم والأدب والحكمة.
ثم إن الفتاة الأزهرية لم تعارض شيخ الأزهر في شيء، ولم تجادله، كما جادلت تلك المرأة عمر، بل اختارت أن تستر وجهها عن شيخ الأزهر وهي إن كانت ترى وجوب ستر وجهها عن الرجال الأجانب فلها سلف من الصحابة والتابعين، وهو مذهب مشهور.
وإن كانت ترى استحبابه، فلها سلف من الصحابة والتابعين، وهو مذهب الجمهور.
أما شيخ الأزهر فقوله لا دليل عليه من كتاب ولا سنة ولا قول أحد من سلف الأمة، وهو رأي شاذ مهجور.
ومن هنا يظهر أن طالبة الأزهر أفقه من شيخ الأزهر.
100% للطالبة الأزهرية
¥