تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وإذا كان بر الوالدين في كل الأوقات مطلوباً فإن البر في حال الكبر مؤكد ومطلوب ولهذا جاء الأمر الرباني من رب العزة والجلال سبحانه (إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلا كَرِيمً).

إنه وتأكيد من رب العزة والجلال، إن هذا الضعف الذي يصيب الوالدين مع كبر السن، ينبغي على الولد أن يقف معهما ويجبر ضعفهما، قال الإمام القرطبي رحمه الله: خص حالة الكبر لأنها الحالة التي يحتاجان فيها إلى بره لتغير الحال عليهما بالضعف والكبر، فألزم في هذه الحالة من مراعاة أحوالهما أكثر مما ألزمه من قبل، لأنهما في هذه الحالة قد صارا كلا عليه، فيحتاجان أن يلي منهما في الكبر ما كان يحتاج في صغره أن يليا منه، فلذلك خص هذه الحالة بالذكر.

وأيضا فطول المكث للمرء يوجب الاستثقال للمرء عادة ويحصل الملل ويكثر الضجر فيظهر غضبه على أبويه وتنتفخ لهما أوداجه، ويستطيل عليهما بدالة البنوة وقلة الديانة، وأقل المكروه ما يظهره بتنفسه المتردد من الضجر.

وقد أمر أن يقابلهما بالقول الموصوف بالكرامة، وهو السالم عن كل عيب فقال: " فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما ".

وفي هذا المقام جميل أن أهمس همسة في أذن إخواني من الشباب والطلاب، أن ينتبهوا وينتبهوا لأمر هو بالأهمية بمكان، فالبعض منهم هداهم الله، يصف والديه أو أحدهما ويعيرهما بأن أفكارهما قديمة وسطحية ولا تتناسب مع هذا العصر، ويقصد بذلك مدح نفسه وأنه يستطيع أن يتعامل مع التقنيات الحديثة وما يتعلق بها، وبالتالي يسفه رأيهما ولا يعتد به، وهذا مع ما فيه من سوء الأدب، وضعف البر، مندرج تحت قلة العقل والبصيرة.

يا أيها الابن المبارك لامانع أن تأخذ بتقنيات العصر مالم تخالف مستنداً شرعياً أو نظامياً، لكن اجعل لوالديك مكانتهما ولا تسفه رأيهما، وإن سبقتهما بالعلم والتقنية فقد سبقاك بالحِمل والحَمل والتربية.

يا أيها الابن المبارك تلطف في حديثك مع والديك، لا ترفع صوتك عليهما، تأدب في ندائهما والمزاح معهما، علم أولاد أن يوقروهما ويحترموهما، افرح لفرحهما، وشاورهما، وراعى مشاعرهما، وتجنب مايغضبهما، قبل رأسهما، أشعرهما بمكانتهما الكبيرة عندك، احرص على إكثار الجلوس معهما فوالله لو فقدتهما أو أحداً لتتمنى لحظة أن تجلس معهما، وتأدب في جلوسك معهما، أصغ لهما إذا تحدثا، ولب طلبهما إذا أمرا.

ثم إن بر الوالدين لا ينقضي حتى مماتهما، وإنهما في هذه الحالة لهما أشد الحاجة إلى البر، في الحديث الصحيح أن رجلا قال يا رسول الله هل بقي من بر أبوي شيء أبرهما به بعد وفاتهما؟ قال: نعم الصلاة عليهما والاستغفار لهما وإنفاذ عهدهما من بعدهما وإكرام صديقهما وصلة الرحم التي لا توصل إلا بهما.

نعم يتبقى لك من البر أيها الابن المبارك: الدعاء لوالديك وسؤال اللهَ لهما المغفرة والرحمة، ثم إن من البر متابعة عهدهما من بعدهما وإكرام صديقهما وصلة الرحمالتي لا توصل إلا بهما، وهذا من الوفاء لهما بعد موتهما.

اللهم ارحم والدينا واغفر لهما، اللهم منهم حياً فأطل عمره على الطاعة واختم له الخاتمة الحسنة، ومن كان منهم ميتاً فوسع مدخله وأكرم نزله وأرفع درجته واجعله من ورثة الفردوس الأعلى.

كتبته يوم الخميس 11/ 11/1430هـ

ـ[أبوراكان الوضاح]ــــــــ[29 - 10 - 09, 09:59 م]ـ

أحسنت وجزاك ربي خير الجزاء ...

ـ[د. محمد بن عدنان السمان]ــــــــ[31 - 10 - 09, 05:43 م]ـ

بارك الله فيك (أبو راكان الوضاح) وزاد الله الجميع علماً وعملاً

ـ[أبومالك المصرى]ــــــــ[01 - 11 - 09, 07:27 ص]ـ

وهذا موضوع الشيخ سامى

مقترحات وأفكار في: " بر الوالدين".

http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=159595

ـ[د. محمد بن عدنان السمان]ــــــــ[15 - 11 - 09, 06:33 م]ـ

أبو مالك المصري شكر الله اضافتك القيمة

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير