2 - أنه اقتصر في كل حديث على طريق واحد عن كل صحابي، فتراه يذكر الصحابي، ثم يورد عنه طريقاً واحداً، ولعله أراد الاختصار في ذلك، بدليل أننا نجده أحياناً يذكر أنه روي عن هذا الصحابي من أكثر من طريق، ويقتصر على أحدها، فيقول مثلاً: وعبدالله بن عمرو، من طرقٍ أصحها، ثم يورد الطريق إليه.
وهذا يعني أن عنده طرقاً أخرى، ولكنه أراد الاختصار على رواية واحدة.
3 - أنه يعتني بالتفريق بين ألفاظ الرواة، فتراه مثلاً في الحديث الأول يفرق بين لفظ ابن نمير للحديث، ولفظ الثوري وجرير.
4 - اهتمامه بمتون الأحاديث، وما فيها من زيادات، فتراه مثلاً في الحديث رقم 5 يقول بعده: وليس في كل الحديث:"ذكر قذف المحصنات".
5 - عنايته بتعليل الأحاديث، فتراه في الحديث التاسع يفرق بين من رواه مرفوعاً، ومن رواه موقوفاً.
6 - ومن منهجه أيضاً العناية بالأسماء والألقاب، ففي الحديث التاسع قال: وهو طيسلة بن ميَّاس، وميّاس لقب، وهو طيسلة بن علي الحنفي.
الملاحظات على الكتاب:
ليس هناك من ملاحظات تذكر على الكتاب، إلا عدم شموله للأحاديث الواردة في الكبائر.
ويمكن الجواب على هذا بأن يقال: إن هذه الأحاديث هي التي وقعت للمؤلف بإسناده، ويدل على ذلك قول المؤلف في بداية الكتاب: "روى أحد عشر رجلاً من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في الكبائر ". فهذا دليل على أنه لم يقع له غير أحاديثهم، وإلا لذكرها.
ومن الملاحظات أيضاً سياقه لبعض الأحاديث التي في أسانيدها ضعفاء، وعدم التنبيه على ذلك.
وهذا يمكن الجواب عليه بأن سياقه للإسناد كاف في ذلك، وهذا منهج معروف عند الكثير من العلماء.
وصف النسخة الخطية:
اعتمدت في تحقيق هذا الكتاب على النسخة الوحيدة له - حسب علمي - وهي من محفوظات المكتبة الظاهرية، ضمن المجموع رقم 81، من الورقة 1 إلى الورقة 5.
وهي من رواية الضياء المقدسي، وقد روى معها أيضاً إملاءان من أمالي أبي سعيد محمد بن أحمد بن جعفر بن ملة.
كما أن الحافظ الضياء المقدسي قد استدرك بعض الأحاديث على البرديجي، وساق أكثرها بإسناده.
وهذه النسخة مكتوبة بخط واضح، وقد استدرك الناسخ في الهامش بعض الأخطاء والسقط، إلا أنه في مواضع قليلة قد فاته بعض الشيء، كما سيأتي.
وهذه النسخة عليها الكثير من السماعات، وسيأتي ذكر بعضها.
تراجم رواة الكتاب
وصل إلينا هذا الكتاب من رواية الضياء المقدسي أبي عبدالله محمد بن عبدالواحد، عن أبي القاسم عبدالواحد بن القاسم، عن أبي علي الحسن بن أحمد الحداد، عن أبي نعيم الأصبهاني، عن أبي علي الصواف، عن مؤلفه.
وفيما يلي تراجم موجزة لهؤلاء الرواة:
1 - الضياء المقدسي:
هو أبو عبدالله محمد بن عبدالواحد بن أحمد بن عبدالرحمن المقدسي.
ولد سنة تسع وستين وخمسمائة.
وهو ثقة حافظ متقن، أثنى عليه كل من ترجم له.
وأخباره، وثناء العلماء عليه كثير جداً، ليس هنا مجال التفصيل في ذلك.
قال ابن النجار: هوحافظ متقن، ثبت ثقةصدوق، نبيل حجة، عالم بالحديث وأحوال الرجال، له مجموعات وتخريجات، وهو ورع تقي زاهد عابد، محتاط في أكل الحلال، مجاهد في سبيل الله، ولعمري ما رأيت مثله في نزاهته وعفته، وحسن طريقته في طلب العلم.
وقال الذهبي: برع في هذا الشأن، وكتب عن أقرانه ومن هم دونه، وحصَّل الأصول الكثيرة، وجرَّح وعدَّل، وصحح وعلل، وقيّد وأهمل، مع الديانة والأمانة، والتقوى والصيانة، والورع والتواضع، والصدق والإخلاص، وصحة النقل.
وقد ألف عدداً من المؤلفات المشهورة، كالأحاديث المختارة، وغيرها.
توفي سنة ثلاث وأربعين وستمائة.
2 - أبو القاسم عبدالواحد بن أبي المطهر القاسم بن الفضل الأصبهاني الصيدلاني.
سمع من أبيه، وجعفر بن عبدالواحد، وابن أبي ذر الصَّالحاني، وغيرهم.
حدَّث عنه الضياء المقدسي، وابن خليل، وجماعة.
قال الذهبي في السير: الشيخ الجليل المسند الرّحلة.
وقال في تاريخ الإسلام: شيخ مُسند مُعمر مشهور ببلده.
ولد في ذي الحجة سنة أربع عشرة وخمسمائة.
وتوفي في جمادى الأولى، سنة خمس وستمائة، عن إحدى وتسعين سنة.
3 - أبو علي الحسن بن أحمد بن الحسن الحداد الأصبهاني.
وهو ثقة حافظ مشهور، ترجم له غير واحد، ووصفوه بالحفظ والإتقان، وقد روى عن أبي نعيم الأصبهاني أكثر كتبه.
قال السمعاني: كان عالماً ثقة صدوقاً، من أهل العلم والقرآن والدين.
¥