[هل يحدث معك ما يحدث معي في الصلاة السرية؟]
ـ[أبو حسن عبد الحكيم]ــــــــ[01 - 11 - 09, 08:31 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة على رسول الله وآله وصحبه وسلم. أخوة الدين بالملتقى المبارك، السلام عليكم ورحمة الله، وبعد: فقد استوقفني أحدهم بعد صلاة الظهر وكنت قد صليت بهم.
قال: أنت تسرع في صلاتك عند القيام، فلا أكاد أدرك معك بعد الفاتحة إلا آيتين أو ثلاث! وتعتدل في السجود والركوع. هذا، مع أني أقرأ الفاتحة وربما صفحة أو أقل مما تيسر من القرآن. فراجعت نفسي ووجدت أن صلاة الظهر تأخذ مني من سبع دقائق إلى عشر و لا تزيد. فهل ترونه قصيراً كما أفاد أخونا؟
ثم أني وجدت شيئاً آخر، وهو أني أقرأ في نفسي بنفسٍ مستمر. أي أني أقرأ زفيراً وشهيقاً. ولما كانت القراءة كذلك، لم أكن لأقف كثيرا،
ولا أحتاج لالتقاط نفس للاستمرار، وإن كنت أقرأ مجودا. فحسبت قراءة الفاتحة في خمس عشرة ثانية إلى عشرين فقط ولا تزيد!
فسألته بعد ذلك كيف تقرأ؟ فإذا به يقرأ ببطء، وبالزفير دون الشهيق فيلتقط نفساً ويقف.
تعلمون - رحمكم الله - أن الأذكار في الصلاة كالتشهد والركوع والسجود وقراءة القرآن في السرية، مما لا بد فيه من تحريك اللسان والشفتين على اختلاف بين العلماء هل يُسمع نفسه، أم يكفيه التحريك، ورجّح الشيخ ابن عثيمين – رحمه الله رحمة واسعة - أنه يكفيه إظهار الحروف.
والقراءة أو الذكر في السر لا يخرج عن ثلاثة أحوال أما أن يكون بالقلب واللسان، أو بأحدهما دون الآخر. فلو أخذنا الذكر باللسان لاعتباره، لوجدنا أنه أما أن يكون بالزفير كعادة القارئ، أو أن يكون بالشهيق، أو بهما معاً! وكل ذلك ممكن. كما أن الحروف تكون ظاهرة، بل ومسموعة للنفس أيضا!
ولما رجعت إلى بعض التفاسير لم أجد من ذكر منهم أن الذكر في النفس يكون شهيقاً أم زفيرا، فمثلا: في قوله تعالى: (واذكر ربك في نفسك تضرعا وخيفة ودون الجهر من القول ... ). قال الشوكاني - رحمه الله -: ثم أمره الله سبحانه أن يذكره في نفسه. فإن الإخفاء أدخل في الإخلاص، وأدعى للقبول. (فتح القدير - الشوكاني)
وقال البفوي في قوله تعالى: {وَ?ذْكُر رَّبَّكَ فِي نَفْسِكَ}، قال ابن عباس: يعني بالذكر: القراءةَ في الصلاة، يريد يقرأ سرّاً في نفسه. (معالم التنزيل – البغوي).
فالذكر في السر والخفاء باللسان يمكن أن يكون بالشهيق والزفير، ألا أن الهمس لا يكون إلا بالزفير دون الشهيق كما جرت عادة الناس (فيما أرى)، ولا أعتقد أن أحداً يهمس لأحد بشهيقه! إلا أن بالنفس شيء من قوله تعالى: (ودون الجهر من القول) أليس فيه إشارة إلى الزفير دون الشهيق، لأن القول في الجهر لا يكون إلا بالزفير كما هو معلوم، إذا سلمنا بأن القول لا يكون إلا بالصفة المذكورة. أعني: إن كانت الجملة المعطوفة حالية تبين الكيفية.
تبقى نقطة: إن كان الذكر بالقلب – دون اللفظ وتحريك اللسان– له أجر ومثوبة عند الله نتعالى، فلم لا يكون له اعتبارٌ في الصلاة كما أفتى الشيخان رحمهما الله (أي لا اعتبار إلا بتحريك الشفتين)، ولم لا يكون القول قولاً بالنفس فإن المرء يحدث نفسه بدون صوت مسموع ولكن بعبارات مفهومة وجمل صحيحة!
خلاصة القول:
1 - أتمنى من الأخوة الأئمة أن يخبرونا كم يأخذوا من وقت في صلاة الظهر، وهل سبع دقائق كافية.
2 - هل تجوز القراءة في النفْس بالشهيق والزفير أم لا تجوز إلا بالزفير؟
3 - لماذا لا تعتبر القراءة القلبية في الصلاة (وأعتقد أن المبحث هنا في الأصول) أصول الفقه والله أعلم.