(َإِنَّ الْقُرْآنَ يَلْقَى صَاحِبَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حِينَ يَنْشَقُّ عَنْهُ قَبْرُهُ كَالرَّجُلِ الشَّاحِبِ. فَيَقُولُ لَهُ: هَلْ تَعْرِفُنِي؟ فَيَقُولُ: مَا أَعْرِفُكَ. فَيَقُولُ لَهُ: أَنَا صَاحِبُكَ الْقُرْآنُ الَّذِي أَظْمَأْتُكَ فِي الْهَوَاجِرِ وَأَسْهَرْتُ لَيْلَكَ، وَإِنَّ كُلَّ تَاجِرٍ مِنْ وَرَاءِ تِجَارَتِهِ، وَإِنَّكَ الْيَوْمَ مِنْ وَرَاءِ كُلِّ تِجَارَةٍ، فَيُعْطَى الْمُلْكَ بِيَمِينِهِ وَالْخُلْدَ بِشِمَالِهِ وَيُوضَعُ عَلَى رَأْسِهِ تَاجُ الْوَقَارِ وَيُكْسَى وَالِدَاهُ حُلَّتَيْنِ لَا يُقَوَّمُ لَهُمَا أَهْلُ الدُّنْيَا. فَيَقُولَانِ: بِمَ كُسِينَا هَذِهِ؟ فَيُقَالُ: بِأَخْذِ وَلَدِكُمَا الْقُرْآنَ ثُمَّ يُقَالُ لَهُ اقْرَأْ وَاصْعَدْ فِي دَرَجَةِ الْجَنَّةِ وَغُرَفِهَا فَهُوَ فِي صُعُودٍ مَا دَامَ يَقْرَأُ هَذًّا كَانَ أَوْ تَرْتِيلًا)
رواه أحمد في "المسند" (394) وابن ماجه في "السنن" (3781) وحسنه البوصيري في الزوائد والألباني في "السلسلة الصحيحة" (2829)
يقول السيوطي في شرح الحديث (2/ 1242):
" (كالرجل الشاحب) قال السيوطي: هو المتغير اللون، وكأنه يجيء على هذه الهيئة ليكون أشبه بصاحبه في الدنيا، أو للتنبيه له على أنه كما تغير لونه في الدنيا لأجل القيام بالقرآن كذلك القرآن لأجله في السعي يوم القيامة حتى ينال صاحبه الغاية القصوى في الآخرة." انتهى.
ولم أقف على شيء من السنة الصحيحة في تمثل العمل الصالح رجلا في القبر إلا هذين الحديثين.
أما الحديث الذي ذكرته – أخي السائل الكريم – فلم يرد في كتب السنة المعتمدة، ولم نقف له على إسناد صحيح ولا ضعيف، بل هو مما ينتشر في بعض المنتديات والمواقع من غير تحرٍّ ولا تثبت، ولعل بعض الجهلة من الناس كتبه من قبل نفسه ثم عزاه إلى النبي صلى الله عليه وسلم ليحث الناس على الاهتمام بالقرآن والعناية به، ولم يدر هؤلاء أن الكذب على النبي صلى الله عليه وسلم من أعظم الذنوب التي توبق صاحبها في نار جهنم، وأن النية الحسنة لا ترفع الإثم عن هؤلاء الذين يكذبون ويضعون الحديث على لسان النبي صلى الله عليه وسلم.
يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ كَذِبًا عَلَيَّ لَيْسَ كَكَذِبٍ عَلَى أَحَدٍ فَمَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ) رواه البخاري (1291) ومسلم (4)
والله أعلم.
الإسلام سؤال وجواب
.................................................. ...................................
.................................................. .....................
هل يأتي القرآن صاحبه في القبر في صورة رجل وسيم
السؤال:
أحب التأكد من هذا الكلام وشكراً، فضل القرآن على الإنسان عند موت الإنسان وأثناء انشغال أقربائه بمناسكِه الجنائزيةِ، يقفُ رجلٌ وسيمُ جداً بجوار رأس الميت، وعند تكفين الجثّة، يَدْخلُ ذلك الرجلِ بين الكفنِ وصدرِ الميّتِ، وبعد الدفنِ، يَعُودَ الناس إلى بيوتهم، ويأتي القبرِ ملكان مُنكرٌ ونكير، ويُحاولانَ أَنْ يَفْصلاَ هذا الرجلِ الوسيم عن الميتِ لكي يَكُونوا قادرين على سؤال الرجلِ الميتِ في خصوصية حول إيمانِه، لكن يَقُولُ الرجل الوسيم: هو رفيقُي، هو صديقُي، أنا لَنْ أَتْركَه بدون تدخّل في أيّ حالٍ منَ الأحوالِ، إذا كنتم معينين لسؤالهِ، فأعمَلوا بما تؤمرونَ، أما أنا فلا أَستطيعُ تَرْكه حتى أدخلهْ إلى الجنةِ، ويتحول الرجل الوسيم إلى رفيقه الميت ويَقُولُ له: أَنا القرآن الذيّ كُنْتَ تَقْرؤه بصوتٍ عال أحياناً وبصوت خفيض أحياناً أخرى، لا تقلق، فبعد سؤال مُنكرٍ ونكير لا حزن بعد اليوم، وعندما ينتهى السؤال، يُرتّبُ الرجل الوسيم والملائكة فراشا من الحرير مُلئ بالمسكِ للميت في الجنة. فلندعو الله أن يُنعم علينا بإحسانه من هذا الخير. آمين آمين آمين.
يقول رسول الله (صلى الله عليهِ وسلم)، فيما معناه: يأتي القرآن يوم القيامة شفيعاً لأصحابه لا يعادل شفاعتهُ أمام الله نبي أو ملاك. رجاءً انقل هذا المحتوى إلى كُل شخص تعرفه، فالنبي (صلى الله عليهِ وسلم) يقول: بلغوا عني ولو آية.
الجواب:
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنا لم نعثر على ما يفيد صحة هذا الكلام بالصيغة التي ذكر بها في السؤال، إلا أنه ثبت في الحديث أن العمل الصالح يأتي صاحبه في قبره بشكل رجل في صورة حسنه، كما ثبت أن القرآن يشفع لصاحبه، وراجع في هذا الفتاوى ذات الأرقام التالية: 69957، 56153، 35857، 71977.
وعلى المسلمين أن يعتنوا بتعليم القرآن للناس وتحريضهم على حفظه والإكثار من تلاوته، وعلى تعلم السنة والإكثار من مطالعتها والعمل بها وحضهم على التقرب من الله بما ثبت من نصوص الوحي، فذلك أولى وأهم من نشر المقالات التي تحوي ما لا يثبت، وهو التطبيق الفعلي لحديث البخاري: بلغوا عني ولو آية.
والله أعلم.
المفتي: مركز الفتوى بإشراف د. عبدالله الفقيه