تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

و بحسب العاقل أن يعرف مبدأ الاختلاط و غايته و سوء عاقبته، و أن الدعاة إليه يريدون أن تكون نساءهم و بناتهم و أهل بلدهم كحالة المرأة الغربية، فإن لم يريدوا ذلك، فإن التقليد و الإتباع يصيرهن إليه اضطرار لا اختيارا، والدفع للمنكرات قبل وقوعها أيسر من رفعها بعد وقوعها، و حسبك من شر سماعه فما بالك برؤيته.

أما دخول هذا الاختلاط على بعض بلدان العرب المسملين، فإن سببه معروف و أصله ضعف الدين، فإن لما كثر اختلاط العرب المسلمين بالنصارى الأوروبيين و كثر احتكاكهم بهم و تعلموا في مدارسهم و شاهدوا ما شاهدوه من اختلاط نسائهم برجالهم، تأثروا بكثرة المشاهدة حتى زال بها الإحساس عنهم لأن رؤية المنكرات تقوم مقام ارتكابها في سلب القلوب نور التمييز والإنكار، لأن المنكرات متى كثر على القلوب ورودها، و تكرر في العين شهودها ذهبت وحشتها من القلوب شيئا فشيئا، إلى أن يراها الناس فلا يرون أنها منكرات و لا يمر بفكر أحدهم أنها معاصي، و ذلك سبب سلب القلوب نور التمييز و الإنكار على حد ما قيل:» إذا كثر الإمساس قل الإحساس «. و لهذا السبب أخذوا يقتبسون من أخلاق النصارى تدريجيا لضعف الوازع الديني في نفوسهم لهذه الأسباب أخذت بعض البلدان العربية تنادي بعملية الاختلاط في الجامعات اتباعا لكثرة الأصوات و ترتب على أثره من التوسع في الفاسد و المنكرات و هتك الأعراض و حدوث الشقاق و النفاق و سوء الأخلاق ما لا يخفي على أحد، و كان النبي صلى الله عليه وسلم يستعيذ بالله من منكرات الأخلاق و الأقوال و الأعمال، و نقل صاحب المنار قائلا::: إن القائمين على عملية المطالبة بالاختلاط في مصرهم المنحلون عن دين الإسلام و آدابه و أخلاقه، و الذين يودون لو مرق جميع المسلمين منه، يحبون أن يعيشوا في الدنيا عيشة البهائم، ليس عليهم أمر و لا نهى و لا صلاة و صيام و لا حلال و لا حرام … انتهى.

و ساعد على هذا كثرة ما يشاهدونه من عرض الأفلام الخليعة و الصور الشنيعة ,والفواحش الفظيعة التي تعبث بالعقول و توقع في الفضول و التي هي بمثابة الدروس تطبع في نفوس النساء و الشباب محبة العشق و الميل إلى الفجور، بحيث تجعل القلب الخلي شجيا تساوره الهموم و الغموم، و يبتلي بطول التفكير الذي من لوازمه السهر و حرمان لذة النوم الذي جعله الله راحة و رحمة للناس و من أسباب الصحة لأجسامهم.

فهي بمثابة شرك الكيد و حبائل الصيد للقلوب الضعيفة من الشباب و النساء التي و صفهن رسول الله ــ صلى الله عليه وسلم في تكسرهن و سرعة ميولهم بالقوارير، لأن رؤية ما فيها من الصور المتحركة المضطربة، و سماع ما فيها من أصوات الغناء و الألحان المطربة هو مما يعلم بالحس و المشاهدة أنه يغري النفوس و يهيجها على الاندفاع إلى ما يشاهدونه فيها من تعاشق و تعانق و مجاراة و مباراة، حتى يضعف الإيمان و حتى يصير محبا للفسوق والعصيان، فيغرق في حضيض الذل و الهوان، فهي من الأعمال الضارة التي تفسد عليهم عقائدهم و عفافهم و آدابهم و تقطع روابط الزوجية فيما بينهم و تدينهم من الإباحة المطلقة و لم يزل حكماء الإسلام و رؤساء الأنام يشكون منها الويلات على أثر الويلات، من جراء ما أفسدت عليهم من أخلاق البنين و البنات و سائر بيوت العائلات، تفسد منهم الأديان و تدعوا إلى الافتنان، و إنها و الله لن توجد في بيتي و لم أشاهدها بعيني و إنما بلغني من ضررها ما يبلغ العذراء في خدرها، فمتى كان القائم ببث أفلامها ممن لا حظ لهم في الأخلاق الدين، و يحبون أن تشيع الفواحش بين المسلمين فإنها حينئذ يترتب عليها فتنة في الأرض و فساد كبير،

والحاصل أنها من منكرات الأخلاق و من مضلات الفتن الذي كان النبي صلى الله عليه وسلم يستعيذ منها، و مع ابتلاء بها، فإنني أنصح المراقبين عليها في عرض منكرات الأخلاق الساقطة و الأعمال السافلة، كما يوجبه الدين و الشرف و الأمانة، فإن الله لا يجب الفحش والتفحش، و إذا لم تستح فاصنع ما شئت.

والحاصل، أنه يجب على الحكومة نصب رقابة عدلية لها حظ من الأخلاق الدينية، تمنع نشر الفواحش الموحشة، و تمنع نشر ما يقبح منظره و يسوء خيره صيانة لكرامة الناس واتقاء فتنتهم و استبقاء حسن سمعتهم.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير