تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

و إذا أردت أن تعرف خسارة فقد الحياء فانظر إلى بعض البلدان الذي هجر نسائهم الحياء و تجافين عن التخلق به و اعتقدن أن الإنسان حيوان ترى فيهم العجب من فساد الأخلاق والآداب و نكوس الطباع و فساد الأوضاع، و الإخلاد إلى سفاسف الشرور و الفجور، فلا تبالي بما فعلت أو فعل بها، شبه الحيوان، فلا تستحي من الله و لا من خلقه، و لا ترغب في أن يبقى لها شرف أو ذكر جميل تذكر به، و هذا معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم:» إذا لم تستح فاصنع ما شئت «.

و إن قلنا: إن النساء في حاجة إلى العلم و الأدب و الإصلاح و تعلم العلوم و الفنون كالرجال، فهذا صحيح و العلم النافع مطلوب و مرغوب فيه في حق الرجال و النساء، لكن من العلم ما يكون جهلا، و قد استعاذ النبي صلى الله عليه وسلم إلا من الشر، و هذا العلم النافع يمكن تحصيله له وحدها و في بلدها، بمراجعة الكتب و الفنون و سائر المؤلفات و بسؤال العلماء عن المشكلات، لأن هذا هو طريق حصول العلم للرجال و النساء، فالراسخون في العلم و المتوسعون في إنما يتوصلون إلى ما تحصلوا عليه بهذه الطريقة، فلماذا تترك المرأة هذا، ثم تحرص و يحرص أهلها على السفر الذي حرمه الشارع، بقوله» لا يحل لامرأة تؤمن بالله و اليوم الآخر أن تسافر يوما و ليلة إلا مع ذي محرم «.رواه البخاري و مسلم، خصوصا مثل السفر البعيد الذي تتعرض فيه إلى الأخطار و الأضرار، ثم إلى الافتتان بها، الناشئ عن الخلوة بها و اختلاطهن بالرجال في الملاهي و المجتمعات و سائر الأحوال و الأوقات، تقليدا بما يسمونه تحرير المرأة عن رق أهلها و زوجها.

فبالله قل لي ماذا ينفع العائلة المسلمة من سفر ابنتهم إلى مدرسة نصرانية تتربي بأخلاقهم و مساوئ آدابهم، و إن أكبر ما تستفيده هي اللغة الأجنبية التي لا يمكن أن تخاطب بها أمها و لا أباها و أخواتها، أو تتعلم ألحان الغناء و الرقص و إذا رجعت إلى أهلها رجعت إليهم بغير الأخلاق و الآداب الذي يعرفونها منها، فترى أهلها كأنهم عالم غير العالم الذي نشأت فيه، و تحمل في نفسها الكبر و الازدراء و الاحتقار لأهلها، فتعيب عليهم في كل ما يزاولونه من معيشتهم وأخلاقهم وآدابهم وعوائدهم، فتثور العداوة والبغضاء والتنافر بينها وبينهم في كل شيء وغايتها أنها تبغض أهلها وأقاربها وتبغض كل ما أحبوا وألفوا، ويبغضونها أفلا يكون سفرها للتعلم على هذه الحالة شقاء وضلالة وقطع لأواصر العائلة وبذر شقاق ونفاق بين أفراد عائلتها. وما تستفيده من الدريهمات في مرتباتها، فإنها ستكون أبعد وأبعد عن أهلها، أو لم يكن الأوفق والأليق لهذا البنت ولأهلها أن تتعلم مبادئ العلوم الشريفة عند أهلها وفي مدارس بلدها وأهل ملتها لتستعين بالبيئة والمجتمع على تحسين تربيتها لتكون في بيت زوجها وأهلها صالحة مصلحة، تعاملهم بالحفاء والوفاء، بدون نفرة ولا جفاء، فتكون مثالا صالحا لأخواتها وأقاربها، قادرة على إدارة شئون بيتها وكاليد الكريم لزوجها والصدر الرحب لجيرانها وأقاربها، فتعيش سعيدة بيت وسيدة عشيرة ولا يوفق لهذا إلا خيار النساء عقلا وأدبا ودينا، لأن الإصلاح الصحيح هو إصلاح النشئ بتربية الأخلاق والآداب الدينية.

نهي القرآن نهيا صريحا عن إبداء النساء زينتهن لغير أزواجهن ومحارمهن، ومن المعلوم أن المرأة في حالة هذا الاختلاط ستظهر محاسنها ومفاتن جسمها، فتبدي يديها إلى قريب العضد وبها أسورة الذهب وساعة الذهب وتبدي رجليها إلى نصف الساق وتكشف عن رأسها ورقبتها وقلائدها وحلق الأذان، ولن تذهب إلى هذا المجتمع إلا بعد تكلفها بتجميل نفسها من الأصباغ والأدهان العطرية لعلمها أن الشباب سينظرون إليها، فهل يشتبه على عاقل بعد هذا تحريم إبداء هذه الزينة مع الرجال الأجانب، إذ لا محل للتردد في تحريم هذا العمل، وتحريم التعاون عليه، وتحريم المساعدة لأهله، بل ولا في تحريم إقرارهم عليه والسكوت عن الإنكار عليهم، ولا حاجة إلى تطويل الكلام في مفاسده.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير