وما يؤول إليه، فإنها بديهة بطريق العقل والاختبار والمفتونون بالتقليد يعلمون من مضاره المتولدة عنه أكثر مما ذكرنا، لكنهم يستحبون العمي على الهدى،» وأن يروا سبيل الرشد لا يتخذوه سبيلا «، وأن يروا سيبل الغي يتخذوه سبيلا، فهم يفضلون ترك هذه الآداب الإسلامية والأخلاق العربية ويهزؤن بمن يفعلها وبمن يخالف رأيهم في تركها من كل ما يسمونها تمدنا وتجديدا ..
عمي القلوب عموا عن كل فائدة ... لأنهم كفروا بالله تقليدا
يتبع .......
ـ[أبو مريم العراقي]ــــــــ[15 - 11 - 09, 02:35 م]ـ
إن الغيرة على المحارم تعد من شيم ذي الفضائل والمكارم، فالغيور مهاب ومن لا غيرة فيه مهان، والغيرة الواقعة في محلها هي بمثابة السلاح لوقاية حياة الشخص وحماية أهله، لأن الغيرة الممدوحة هي كراهة القبائح وبغضها والنفرة منها ومن أهلها، وكلما اشتد حفظ الإنسان لصيانة نفسه وأهله قوت غيرته واشتدت شكيمته، بحيث لا تخلوا بواديه الأراجيل.
وكلما كثرت ملابسته للقبائح وخاصة الزنا وتوابعه، فإنها تنطفي من قبله حرارة الغيرة، فلا يستنكر معها فعل القبيح لا من نفسه و من أهله، بل ربما يلطف فعل الفاحشة ويزينها لغيره، كما يفعل الديوث الذي يقر السوء في أهله ولهذا صارت الجنة عليه حرام، كما ثبت بذلك الحديث، أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال:» لا يدخل الجنة ديوث «، والديوث هو الذي يقر أهله على عمل السوء، لأن من يهن في نفسه وأخلاقه، فإنه يسهل عليه الهوان.
فالفاسدة أخلاقهم وبيوتهم يحبون أن تفسد أخلاق الناس وبيوتهم لينظفيء بذلك عارهم ويختفي ذلهم وصغارهم، فمثل هؤلاء يحبون أن تشيع الفواحش في بلدهم والغيرة من الدين ومن لا غيرة له لا دين له، لأن من لوازم عدم الغيرة الرضا بانتهاك حدود الله ومحرماته، ولما قال رجل للنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ يا رسول الله، أرأيت لو وجد أحدنا على امرأته رجلا، ماذا يصنع، إن قتله قلتتموه، وإن تركه ذهب، فقال سعد بن عبادة: أما أنا لو وجدته لضربته بالسيف غير مصفح، فقال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ» أما تعجبون من غيرة سعد وأنا أغير منه والله أغير مني، فمدح سعدا على غيرته الواقعة في محلها «.
إن الرجل العاقل والمفكر الحازم، يجب عليه أن يراقب العواقب، وأن يقابل بين المصالح والمفاسد، فإن لهذه القضية ما بعدها، إذ المنكرات يقد بعضها إلى بعض وتكون الآخرة شر من الأولى، فعند نجاح القائلين بإباحة الاختلاط في مثل هذه القضية، فإنه يقودهم إلى المطالبة بإباحة الرقص، ثم المطالبة بإعطاء المرأة كمال حريتها تتصرف كيف شاءت ليس لزوجها و لا لأبيها عليها من سلطان، كفعل المرأة الأوربية، وكأن هذا هو هدفهم الأكبر وبعمله يعملون.
إن عذر دعاة الاختلاط هو الحرص على حصول العلم والتعلم من كل الرجال والنساء، مع اختصار مصرف النفقة في سبيله، وهذا سهل ميسر وليس بعذر يبيح أكل الميتة للمضطر،» ومن يتق الله يجعل له من أمره يسرا «، فالحكومة القائمة بالمصارف على كافة شئون المعارف ومنها الجامعات، فإنها لن تعجز عن النفقة في حالة انفصال كل جنس عن الآخر،وأما القول بدعوى الحرص منهم على حصول العلم كما يزعمون، فإن الاختلاط يعد من أسباب موانع العلم، وتعويق حصوله، إذ هو ضار المتعلمين والمتعلمات، لكونه يغري الشباب والشابات بالفتنة ويولعهم باللذة ويصرفهم عن فهم العلم وتعلمه، لأن من طبيعة النفوس أنها متى أخذت بمبادئ الأمور المستلذة من النظرة والمحادثة، فإنها تسترسل بأفكارها ويشتد شغفها بها ويتدرج بشتى الوسائل ونصب الحبائل إلى أن تصل إلى غايتها منها وتكون قبل وصول الغاية في هم وبلبال وشغل فكر وبال، تهيم به داعية الشهوة بدافع من التأثر العصبي الناشئ عن المشاهدة والمحادثة، حتى يضيع الكثير من وقته ودروسه في شغل قلبه بالتفكير وحتى يضيع السعي في كسبه ومعيشة أهله، وقد يذهب ماله وعقاره في سبيل متابعته لشهوته مع ما يصاب به من توقع الأنكاد والأكدار الناشئ عن عداوة الأغيار، وقد لا يكتفي بشغفه بواحدة فقط، بل ينتقل في مراتع الفسوق من واحدة إلى أخرى حتى ينصرف كل الانصراف عن زوجته الشرعية التي كان يحبها قبل معاشرته لغيرها، فيكتفي بالمسافحة واتخاذ الأخذان عن زوجته الحلال مع فساده لغيرها، وفي هذا من المضار ما لا يخفى على أحد. وإن فاعله يحرم من السعادة الزوجية التي ملاكها قناعة كل واحد منهما بصاحبه، وكذلك المرأة إذا اعتادت ذلك فإنها تنبوا بنظرها عن زوجها، وتلتحق بالشاردات عن أهلهن، وفي هذا من الشقاء والجناية على النفس والنسل والأهل وخراب البيوت وحرمان السعادة ما لا يخفى على عاقل ولكن الهوى يعمى ويصم. وقد روى في الحديث» لعن الذواقين من الرجال والذواقات من النساء «.
أيها العقلاء، إعتبروا وفكروا اعلموا بأن المسلمين إنما نكبوا في مجتمعهم وأخلاقهم إلا بعد ما نكبوا في نظام عائلتهم وفساد تربيتهم لنسائهم وأبنائهم التربية الدينية الصحيحة المبنية على التحلي بالفضائل والتخلي عن منكرات الأخلاق والرذائل.
وسبب إهمالهم لحسن تربيتهم وفساد تعليمهم ساءت طباعهم وفسدت أوضاعهم، وأخذوا يتناسون التعاليم الإسلامية والأخلاق العربية، لأنه إذا ساء التعليم ساء العمل، وإذا ساء العمل ساءت النتيجة،» ومن يرد الله فتنة فلن تملك له من الله شيئا، أولئك الذين لم يرد الله أن يطهر قلوبهم لهم في الدنيا خزي ولهم في الآخرة عذاب عظيم «.
فهذه محض نصيحتي لكم، قصدت بها نفعكم ودفع ما يضركم، وإني أرجو أن تقع منكم بموقع القبول والتنفيذ والإصلاح والتعديل وإلا فستذكرون ما أقول لكم والله خليفتي عليكم، وأستودع الله دينكم وأمانتكم، وأستغفر الله لي ولكم.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
* * * * * * *
هذه الرسالة منقولة من بعض المواقع ...........
¥