تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[[هل الأرض كوكب؟؟]]

ـ[أبو سليمان الأسعدي]ــــــــ[08 - 11 - 09, 09:46 م]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله، والصلاة والسلام على الرحمة المهداة، وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه .. أما بعد ..

هذه كلمات مستعجَلة في هذه المسألة، وهي تحتمل البحث والزيادة، فمن كان عنده منها فضل علم فليعد به وليفد ..

[الفرق بين النظريتين القديمة والحديثة]

إلى وقت قريب كان القول السائد أن الأرض هي مركز الكون وحولها كواكب سبعة سيارة في أفلاك .. وترتيبها حسب قربها من الأرض: القمر ثم عطارد ثم الزهرة ثم الشمس ثم المريخ ثم المشتري ثم زحل.

[وتسميتهم لها بالكواكب إنما هو على سبيل التغليب .. لأن الشمس والقمر ليسا كوكبين .. لقوله تعالى على لسان يوسف عليه السلام: "إني رأيت أحد عشر كوكباً والشمس والقمر رأيتهم لي ساجدين" والعطف يقتضي المغايرة، ومثلها كل آية ذكر فيها الشمس والقمر والنجوم كقوله تعالى: "تبارك الذي جعل في السماء بروجاً وجعل فيها سراجاً وقمراً منيرا"، وقوله: "والشمس والقمر واالنجوم مسخرات بأمره" .. ]

أما النظرية الحديثة فإنها جعلت الشمس هي المركز للمجموعة التي سميت باسمها، وأضافت الأرض وجعلت القمر تابعاً لها، وأضافت معها ثلاثة كواكب، وأصبح المجموع عندهم تسعة كواكب تدور حول الشمس، ويعدون الشمس نجماً، والكواكب عندهم غير النجوم، بل هي تابعة لها وتدور حولها، والنجوم وكواكبها تشكل المجرة، وفي الكون ملايين كثيرة جداً من المجرات ..

هذه النظرية هي المشتهرة اليوم والمعتمدة في المناهج التعليمية ..

ومع أنها ما زالت نظرية عند أصحابها لم يُقطع بها، والأرقام التي يذكرونها في تحديد أعداد النجوم والمجرات والمسافات بينها أرقام لا يمكن تصورها أو الوصول إلى علمها في الذهن البشري مهما أوتي من بسطة، وهي أقرب إلى التخرص منها إلى العلم .. مع ذلك كله إلا أن قومنا لا يقبلون فيها جدالاً ولا قولاً آخر، حتى أصبح منا من هو أكثر تعصباً لها واحتفاءًا بها من أصحابها ..

لكننا إذا تأملنا ظاهر القرآن والسنة وجدنا القول القديم لعلماء الهيئة أحرى بالقبول وهو أدنى إلى الذهن وأقرب إلى العقول ..

انظر إلى قوله تعالى: "وإذا النجوم انكدرت" مع قوله تعالى: "وإذا الكواكب انتثرت"، فالنجوم هي الكواكب، وانكدرت هي انتثرت ..

وقوله تعالى: "إنا زينا السماء الدنيا بزينة الكواكب، وحفظاً من كل شيطان مارد" مع قوله: "والنجم إذا هوى" أي: إذا رمي به الشياطين _على قول وجّهه الحافظ ابن كثير رحمه الله في تفسيره_، ومع قوله تعالى: "النجم الثاقب" أي: يثقب الشياطين _في قول_ فالنجم هو الكوكب ..

وفي صحيح مسلم حديث حصين بن عبد الرحمن قال: كنت عند سعيد بن جبير فقال أيكم رأى الكوكب الذي انقض البارحة .. " فالكوكب هو النجم ..

وقال البخاري في صحيحه: قال قتادة: "خلق الله هذه النجوم لثلاث زينةً للسماء ورجوماً للشياطين وعلامات يهتدى بها، فمن تأول فيها غير ذلك أخطأ وأضاع نصيبه وتكلف ما لا علم له به"، وهذه الأوصاف لا تنطبق على الأرض ولا على الشمس .. فليست الأرض كوكباً ولا الشمس نجماً ..

ولا يعني ذلك أن النجوم متشابهة من جميع الوجوه، بل هي مختلفة في حجمها وقوة إضاءتها وأفلاكها ووظائفها .. لكنها لا تخرج عن الوظائف الثلاث التي ذكرها قتادة رحمه الله في الأثر السابق، ونصت عليها آيات القرآن ..

أما المسافات بين السماء والأرض، وبين كل سماء والتي تليها .. فقد جاء في بعض الأحاديث أنها مسيرة خمسمائة سنة أو ثلاث وسبعين، وهو لا يوافق ما يذكرونه اليوم من ملايين السنوات الضوئية وأشباه ذلك من التخرصات ..

والبيان النبوي للمسافات فيه دليل على أن الأرض هي مركز الكون، لأنها لو لم تكن كذلك وكانت الأرض في زاوية أو جانب من جوانب الكون السفلي للزم منه أن تكون المسافات متفاوتة بين جهات الأرض وبين السماء، ويكون بعضها أقرب إلى السماء من بعض ..

ومن مقتضى كونها مركزاً للكون أن تكون النجوم والشمس والقمر في أفلاك حول الأرض، وهو ما يشهد له حديث أبي ذر رضي الله عنه _وهو في صحيح البخاري_ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له حين غربت الشمس: " أتدري أين تذهب؟ " قال: قلت الله ورسوله أعلم، قال: "فإنها تذهب حتى تسجد تحت العرش فتستأذن فيؤذن لها ويوشك أن تسجد فلا يقبل منها وتستأذن فلا يؤذن لها يقال لها ارجعي من حيث جئت فتطلع من مغربها فذلك قوله تعالى: "والشمس تجري لمستقر لها ذلك تقدير العزيز العليم"" .. وهو صريح في الدلالة على أن الشمس هي التي تذهب كل يوم وليست الأرض ..

وقوله تعالى: "لا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر ولا الليل سابق النهار وكل في فلك يسبحون" رتب فيه حدوث الليل والنهار على حركة الشمس والقمر في أفلاكها منتظمةً .. لا على حركة الأرض ..

فالآية والحديث ينقضان ما يقوله أصحاب النظرية الحديثة من ثبات الشمس بالنسبة لمجموعتها ودوران الأرض حولها ..

ما أريد قوله هنا أن إطلاق لفظ الكوكب على الأرض انسياق خلف نظريات قوم لم يهتدوا بنور الوحي المنزل على خير مرسل .. والحمد لله الذي جعل لنا في الكتاب والسنة غَناء عما سواهما، وجعلهما هداية لنا ونجاة من الحيرة والشك ..

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير