تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[من اخترع لفظ (الاختلاط)؟]

ـ[الموسى]ــــــــ[11 - 11 - 09, 10:36 ص]ـ

من الذي اخترع لفظ (الاختلاط)؟

إبراهيم السكران

• -مدخل:

بعد أزمة الاختلاط الكاوستي ظهر على السطح الإعلامي شريحتان كتبتا بغزارة مذهلة، في وقت قياسي، وبشكل يومي مكثف.

• فأما الشريحة الأولى فهي فريق من المنتسبين إلى (البحث الشرعي) كانت تردد وتعيد وتكرر بأن مفردة الاختلاط إنما هي (بدعة مصطلحية لاتعرف في كتب أهل العلم)، وقال بعضهم بأن (الاختلاط لفظ دخيل لايعرف في التراث الإسلامي)، وقال آخرون بأن (الاختلاط لفظ معاصر لاتعرفه سائر المذاهب الفقهية الأربعة لأهل السنة)، وذكر آخرون بأنه لاتعرف لفظة الاختلاط إلا في (خلط المالين في الزكاة) وقال آخرون بأنهم تتبعوا كتب التراث الإسلامي ولم يجدوا لفظة الاختلاط إلا في (اختلاط الراوي) في علم الجرح والتعديل، وتوسع بعضهم وقال إن لفظ الاختلاط لفظ "لاهوتي-كنسي" استورده الإسلاميون المعاصرون ولاذكر له أصلاً عند علماء التراث الإسلامي.

وبنى هؤلاء على ذلك كله أنه لاداعي للحماس لاستنكار وشجب تدشين الاختلاط في جامعة (كاوست) باعتبار أن لفظ الاختلاط أصلاً ليس من ألفاظ المنكرات عند علماء الشريعة في سائر المذاهب السنية الأربعة.

• وأما الشريحة الثانية فهي فريق من المنتسبين إلى (البحث الفكري) أخذت تكرر وتعيد بأن الفصل بين الجنسين في التعليم نظام شاذ غريب غير مقبول كلياً في عالم اليوم، ولاتعترف الحضارة الغربية المعاصرة بهذا النظام العنصري، بل هو جزء من الماضي السحيق والتاريخ الغابر، وبنى هؤلاء على ذلك كله بأننا لو استمرينا على هذا النظام في التعليم فإننا سنقع في إحراجات سياسية دولية، وسنصبح مضحكة للمجتمع الغربي الذي لم يسمع بشئ اسمه الفصل بين الجنسين إلا في غرائبيات الميثولوجيا الدينية، وإلى متى نصادم العالم ونتقوقع داخل تقاليد يسخر منها عالم اليوم.

• هاتان أطروحتان تم ضخهما وبكثافة طوال الأيام الماضية في الصحافة المحلية، وتم استكتاب الكثيرين للإدلاء بآراء فقهية أو فكرية تدور حول هذين المعنيين.

• وفي هذه الورقة الموجزة سنحاول سوياً أن نفحص هذين السؤالين اللذين طرحهما هذان الفريقان:

السؤال الأول: هل فعلاً أن المذاهب الفقهية الأربعة لاتعرف لفظ "الاختلاط" بين الرجال والنساء؟

السؤال الثاني: هل فعلاً أن المجتمع الغربي المعاصر لايعرف فكرة "التعليم غير المختلط"؟

• -الاختلاط في المذاهب الأربعة:

ثمة مرتبتان للاختلاط يدركهما ببساطة كل من تأمل هذا الموضوع، أولهما مرتبة (الاختلاط العارض) كالذي يكون في الطريق ونحوه. والثاني هو (اختلاط المجالسة) كالذي يكون في مجال التعليم والعمل، وهو الذي يترتب عليه رفع الكلفة، وانكسار الحواجز، والمضاحكة، وإلف كل من الطرفين للآخر، ونشوء العلاقات غير المشروعة.

• فمن ذكر أن المذاهب الفقهية الأربعة تبيح جميع مراتب الاختلاط، أو أن فقهاء المذاهب السنية الأربعة لايعرفون أصلاً لفظ الاختلاط، فهذا قد وضع نفسه في حرج علمي بالغ، لأن لفظ الاختلاط لم يرد بشكل نادر في كتب الفقه الإسلامي، بل ولم يرد في باب واحد فقط، وإنما هو كالأصل الفقهي المنبث في أبواب كثيرة بحيث يؤثر على كثير من الأحكام الشرعية، واستخراج معالجات الفقهاء لمنكر اختلاط الجنسين لايحتاج لعبقرية فقهية أصلاً، وأشهر المواضع التي يعالج الفقهاء فيها موضوع "اختلاط الجنسين" هي:

باب صلاة الجماعة (مسألة مكث الرجال بقدر ما ينصرف النساء) وفي كتاب الجمعة (مسألة علة عدم وجوب الجمعة على النساء) وفي كتاب الجنائز (مسألة الدفن في القبور الفساقي) وفي كتاب الاعتكاف (مسألة صيانة المسجد عن الاختلاط) وفي كتاب الحج (مسألة علة منع التعريف) وفي كتاب الجهاد (مسألة علة منع خروج النساء للمباضعة، ومسألة شرط الذكورة في الإمامة الكبرى) وفي كتاب النكاح (مسألة محرمات الزفاف، ومسألة الفرق بين الحرة والأمة في مخالطة الرجال، ومسألة حبس المرأة زوجها بحقها) وفي كتاب القضاء (مسألة علة منع استقضاء المرأة، ومسألة اختلاط الجنسين في مجلس القضاء)، وفي باب الوصية (مسألة مبطلات الوصية) وفي كتاب الأدب (الذي يسمى كتاب الكراهية عند الحنفية) عالجوه في مسألة (حكم مخالطة من تعطلت غريزته للنساء)، وغيرها من المواضع.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير