«المَسَائل المشكلة فِي الحَجِّ»، للشيخ عبد الكريم الخضير حفظه الله.
ـ[أبو البراء القصيمي]ــــــــ[12 - 11 - 09, 09:33 م]ـ
«المَسَائل المشكلة فِي الحَجِّ»،
للعلاّمة المُحَدِّثِ عَبد الكَرِيم الخُضَيْر
ـ سَلَّمَهُ اللَّهُ تَعَالَى ـ
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
أيها الأخوة الحضور والأخوات الحاضرات، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وحياكم الله جميعاً في مجلس من مجالس العلماء الذين لهم الفضل بعد الله -عز وجل- في تبيين الحق والدعوة إليه.
يقول: فضيلة الشيخ: هل لوقوف الحاج بعرفة داعياً من دليل الذين يقفون في عرفة ويدعون يعني لفترة طويلة، هل لهذا من دليل؟
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فإجابة على هذا السؤال: النبي -عليه الصلاة والسلام- جمع بين صلاتي الظهر والعصر جمع تقديم في يوم عرفة؛ ليتوفر الوقت للذكر والدعاء والإلحاح على الله -جل وعلا-، ووقف -عليه الصلاة والسلام- راكباً، ولذا يرى جمع من أهل العلم أن الركوب أفضل، وأن يستقبل القبلة راكباً ويدعو الله -جل وعلا- ويخلص في دعائه ويستحضر ما يدعو به ويصدق اللجأ إلى الله -جل وعلا-؛ فإن هذا الموقف عظيم، ينبغي أن يستشعر، تستشعر عظمة هذا الوقف وقرب الرب -جل وعلا-.
ومن المؤسف أن نجد كثيراً من طلاب العلم يقضونه إما بالنوم أو بالأحاديث المباحة، وقد يتجاوز بعض الناس في ذلك فيقع في شيء من المحرم، من الكلام وغيره، وقد يوجد من الحجاج في هذا الموقف العظيم من يرتكب بعض المحظورات كإرسال النظر إلى النساء، إضافة إلى القيل والقال الذي لا ينفع بل يضر، وبعضهم يسترسل يأتي بما حرم الله عليه من غيبة ونميمة ووقوع في أعراض الناس، ولا سيما أهل العلم، هذا موقف عظيم ينبغي أن يستشعره كل حاج فضلاً عن طالب علم.
وبعض الناس يتشاغل بما لا ينفعه، همه أن ينتهي هذا اليوم ثم الذي يليه، ثم الذي يليه ليعود إلى أهله ويزاول أعماله، كأن هذا النسك العظيم صار عبئاً على الناس، والمسألة مسألة أربعة أيام، كيف تستثقل هذه الأيام الأربعة، وقد كان المسلمون على مر العصور يقضون الأشهر، أشهر متتابعة، شهر أو شهرين في الطريق قادماً على الحج، ثم يجلس في مكة والمشاعر مدة طويلة ليست بيوم أو يومين أو ثلاثة، يأتون قبل الحج بمدة طويلة؛ ليحتاطوا لحجهم، ثم بعد ذلك إذا قفلوا أمضوا الوقت الطويل في الرجوع والله -جل وعلا- يقول: ? لَّمْ تَكُونُواْ بَالِغِيهِ إِلاَّ بِشِقِّ الأَنفُسِ ? [(7) سورة النحل]، والآن قد يصوم الشخص في بلده يوم عرفة وبين أهله ويفطر معهم ثم يحج ويرجع بعد ثلاثة أيام، هذا من تيسير الله -جل وعلا- وهذه نعمة يجب شكرها، فعلى الحاج أن يستحضر وعلى أصحاب الحملات -وهذا شيء مشاهد بالنسبة للحملات- من بعد صلاة العصر مباشرة الذي هو وقت اللزوم، وقت تأكد واستحباب الدعاء، ووقت نهاية الوقت الذي ينبغي أن يحرص عليه أشد الحرص قبل فواته، أصحاب الحملات كثير منهم بعد صلاة العصر يتأهبون للانصراف، نعم لا ينصرفون إلا بعد الغروب، لكنهم يتأهبون للانصراف، وبعد الفتاوى التي سمعت في الأعوام المتأخرة أنه يجوز الانصراف قبل غروب الشمس، انظر ماذا سيحدث يمكن يمرون مرور بعد صلاة الظهر يجمعون ويصلون الظهر ويمرون مروراً، ووقوفهم مجزئ عند عامة أهل العلم، وإن أوجب عليهم جمع من أهل العلم الدم إذا انصرفوا قبل الغروب، فإذا انتشرت هذه الفتاوى وشاعت لن يكون للوقوف أي أثر في نفس الحاج، فعلى أهل الحملات أن يرفقوا بمن معهم، وهم مؤتمنون على هذا، إنما دفعت لهم الأموال ليتفرغ الحاج لحجه ويؤدي حجه على الوجه المشروع، فعلى الحاج إذا جمع بين الصلاتين جمع تقديم وتوفر له من الوقت ما يكفي للذكر والدعاء والتلاوة والتضرع والانطراح والانكسار بين يدي الله -عز وجل- فهذا أمر لا بد منه وهذا وقته، لكن مع الأسف أن الأعمال قيدت أربابها وأصحابها، تجده طول العام في القيل والقال، فمثل هذا لا يوفق لاغتنام مثل هذه الأوقات.
¥