وآيات القرآن العزيز المشتملة على الأحكام، معظمها في المعاملة تنظم أحوالها وتقرر شروطها وموانعها، وتضبط أوقات المؤجل منها باليوم والشهر والسنة، وما إلى ذلك مما لا تجد مثله ولا ما يقرب منه فيما تسنه القوانين الوضعية، وتنظمه المحاكم الغير الاسلامية؛ وهاهي آية المداينة من سورة البقرة تنطق بما قلنا من اعتناء الإسلام بشؤون الحياة الاجتماعية والفردية مثل اعتنائه بشرح أسباب السعادة الأخروية أو أشد."
حكمة التشريع
قال الشيخ المهاجي (11):" .. فسبحان الإله الحكيم جعل أحكام شرائعه مبنية على مراعاة مصالح المبدأ والمعاد، وتلك المراعاة هي المعبر عنها بحكمة التشريع المقصودة من خطاب التكليف وخطاب الوضع."
سبب تأخر المسلمين
قال الشيخ المهاجي (12):" .. ألا إن هذا التأخر الطارئ على المسلمين بعد تقدمهم ليس سببه الإسلام كما يقول الخرّاصون، بل سببه الوحيد هو انحراف المسلمين عن العمل بتعاليم دينهم وإعراضهم عن الأخذ بنصائحه وإرشاداته وإهمالهم لوصاياه التي لو ساروا عليها وراعوها حق الرعاية لكانوا كما كان سلفهم سادة العالم أجمع، وللأمير شكيب أرسلان تأليف سماه (لماذا تأخر المسلمون ولماذا تقدم غيرهم) استوعب فيه جميع أسباب تأخر المسلمين وهي وإن تعددت، تلتقي عند نقطة واحدة هي عدول المسلمين عن تعاليم دينهم كما قلنا، ولله الأمر من قبل ومن بعد."
إباحة تصرف المرأة بمالها قياسا على العصمة
قال الشيخ المهاجي (13):" قوله تعالى: (وَلاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَأْخُذُواْ مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئاً إِلاَّ أَن يَخَافَا أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ اللّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ اللّهِ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ) (البقرة: 229).
أي فيما دفعت من المال للزوج لتفتدي به وتخلص عصمتها من يده ويحل لهذا الزوج ما أخذ منها ويسمى ذلك في عرف الفقهاء خلعا، وطلاقا بعوض، وإذا رفع الإسلام الجناح على المرأة وأباح لها التصرف بعوض في نظر شيء غير متمول، وهو العصمة، فبالأولى أن يبيح لها التصرف بعوض في متمول تنتقل ملكيته لها بواسطة عقد المعاملة على ذلك المتمول ثمنا كان أو مثمنا ثم حق التصرف المالي وغير المالي على الوجه الذي ذكرنا، يمنح شرعا للمرأة متزوجة وغير متزوجة."
مفهوم الصَّداق
قال الشيخ المهاجي (14):" .. والصداق المفروض لصحة عقد الزوجية ليس هو ثمنا مدفوعا في مقابلة ذات المرأة، وغنما هو مبلغ مالي تستحقه بالعقد عليها، كما تستحق النفقة والسكنى، وسمي المبذول من المال صداقا لأنه دليل على صدق المتناكحين في موافقة الشرع."
صيانة الإسلام للمرأة
قال الشيخ المهاجي (16):" .. وبالجملة فالإسلام بعد محافظته على شرف المرأة وصيانة كرامتها منحها من الحقوق ما لم يمنحها سواه لا من الأديان السماوية ولا من القوانين الوضعية، فقد جعلها تساوي الرجل في التكاليف الشرعية، وفي التصرفات المالية وغير المالية، وفي حضور مجالس العلم والوعظ والتذكير وسائر مشاهد الخير بشرط أمن الفتنة وعدم مخالطة الرجال، كما جعل لها أيضا بمقتضى عقد الزوجية حقوقا على الزوج تحفظ بها ما دامت في عصمته، فإذا طلقت ثبت لها بالطلاق على المطلق السكنى مدة العدة ونفقة الحمل إن كان، وأجرة الرضاع إن أرضعت ولدها من المطلِّق، قال تعالى: (أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنتُم مِّن وُجْدِكُمْ وَلَا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ وَإِن كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُم بِمَعْرُوفٍ وَإِن تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى) (الطلاق: 6).
المتعة بعد الطلاق
قال الشيخ المهاجي (16):" كما يثبت للمطلقة بالطلاق المتعة وهي مبلغ مالي يقدَّر بحال المطلِّق فقرا وغنى يسلمه لمطلَّقَته جبرا لخاطرها المنكسر، والمتألم من الفراق غالبا، قال الله تعالى: (وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدْرُهُ مَتَاعاً بِالْمَعْرُوفِ حَقّاً عَلَى الْمُحْسِنِينَ) (البقرة: 236)
مسألة تعدد الزوجات عند صاحب تفسير المنار
¥