تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الملكة التي أهلته لتربيتها استعداداته ومواهب الفطرية يقدر على حل المشكلات واستنباط المسائل، يلحق الفرع بأثله ويهتدي إلى معرفة الدليل وكيفية الاستدلال به في موضعه، وهكذا نجد الفرق الكبير بين ذي الملكة وفاقدها الذي لا يستحق وإن كثرت محفوظاته أن يوصف بالعالمية، والله تعالى يؤتي فضله من يشاء."

أهل وهران

قال الشيخ المهاجي (83 - 84):" .. قد كنت قدمت أني بعد اختياري سكنى الحاضرة استوطنت بلدة وهران، واتخذتها دار إقامة لي، ولكنها ساءت مستقرا ومقاما، لأن سكانها إلا من رحم الله لا خلاق لهم ولا مروءة ولا حياء، وكأن الشاعر الحكيم يعنيهم بقوله:

أَتْيُ الفواحش عندهم معروفة**** ولديهم ترك الجميل جميل يتبعون الأوهام و ويؤمنون بالخرافات ويتشبثون بالعوائد القبيحة والتقاليد الممقوتة، وكلهم يعتقدون أن ما هم عليه من الباطل يقربهم إلى الله زلفى، وينجيهم من أهوال يوم الفزع الأكبر، وإذا نصح لهم ناصح أو أرشدهم مرشد اعتبروه الخصم الألد والعدو المبين ورموه بالزندقة والإلحاد، كما أنهم إذا قال لهم قائل: من أين لكم هذا؟ قالوا: هو من العلوم الباطنية التي فُتح بها لأشياخنا لا تعلمها أنت ولا من هو محجوب عن الأسرار مثلك، وهكذا زين لهم الشيطان أعمالهم فصدهم عن السبيل، أصلح الله حالنا وحالهم والمسلمين أجمعين، فإن قلت إذا كان سكان بلدة وهران بهذه المثابة فبم طاب لك استطانها؟

قلت: نعم استوطنتها ولكن لا لرغبة فيها ولا لمحبة أهلها وإنما اخترتها دار إقامة لي من أجل أمر واحد، هو قربها من أرض قومي ومقر أسلافي ومقابر آبائي وأضرحة أجدادي، فأنا أحب أن أسكن قريبا لأكون دائما على اتصال بعشيرتي وذوي قرابتي إذ لم يكن بينهم وبين مدينة وهران سوى خمسين ميلا جنوبا."

من مؤلفات الشيخ

قال المهاجي (89):" .. ولي من المؤلفات تأليف في علم البيان وآخر في المنطق مختصران ورسالة في أصول الفقه وأخرى في الصرف وثالثة في خصوص باب معرفة علامات الإعراب، وستطبع بعد إن شاء الله."

شرح آية الوصية

قال الشيخ المهاجي (89):" ... وحضرت أيضا درس شيخ يقرأ أصول الفقه، إما جمع الجوامع أو تنقيح القرافي فتعرض لمسألة النسخ، وقال نسخت آية الوصية للأقربين من سورة البقرة بآية الإرث من سورة النساء، وهي قوله تعالى: (يُوصِيكُمُ اللّهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ .. ) الآية (النساء: 11)

فقلت له لا يعزب عن سيادتكم أن النسخ لا يصار إليه إلا عند تعارض النصين ولا تعارض والله أعلم بين الآيتين إذ لا منافاة في الجمع بين ما يؤخذ بسبب الوصية وما يؤخذ بسبب الإرث كالجمع بين الفرض والتعصيب لمن يرث بهما، وكالجمع في الرد على ذوي السهام بعد أخذ حظوظهم من التركة عند من يقول من العلماء برد الفاضل بعد القسمة على ذوي السهام، ثم قلت له لعل الناسخ لآية الوصية للأقربين هو حديث (لا وصية لوارث) بناء على نسخ الكتاب بالسنة وهو أصح القولين؛ فأجابني بقوله: هكذا قال الشارح، وإني لا أتجاوز حكاية ما قال، فسكت وقلت في نفسي إن الشيخ أسير التقليد."

مذاكرة مع الشيخ ابن باديس في توحيد النصارى

قال الشيخ المهاجي (90 - 92):" .. ثم ودعت الجميع وركبت القطار الليلي راجعا إلى أهلي، ونزلت بمدينة قسنطينة لآخذ راحتي ليلا إلى وهران، وقد سنحت الفرصة بزيارة الأستاذ الشيخ عبد الحميد بن باديس رحمه الله فاغتنمتها وزرته بمدرسته العامرة بالعلم وبطلابه، ولما رآني تهيأ للقيام وتأهب لقطع الدرس فأبيت ذلك وحلفت فأبر قسمي وأقبل على الدرس وبعد الفراغ منه قام فصافحني وعانقني وأقبل علي يسألني عن أحوالي وقال: فاجأتنا بهذه المقابلة السارة التي ما كنت في الوقت الحاضر تخطر لنا على بال وأنشد:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير