تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[هذه الآية هدتني إلى الحق في مسألة الربا في دار الحرب]

ـ[محمد رشيد]ــــــــ[13 - 11 - 09, 11:53 ص]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين وبعد ..

فربما يعلم البعض أني حنفي في مدرستي التي تلقيت وأتلقى خلالها الفروع الفقهية، والتي ينبغي - ولا أقول هو واقعنا - أن تؤول بنا إلى اتباع أصول الشرع ذاتها في نهاية الأمر، فالمدارس الفقهية والمناهج المدونة هي جسر عبور ومرور، لا وادي مقام وقرار .. وهي - في صورتها المرضية - مرتبة وسطى بين المنتحلين لها المتخذين من أصحابها مصادر تشريع من دون الله! وبين الرافضين لها المتحرريسن من عظيم مناهجها التي ندرك بها علم فروعنا.

وكان من الفروع التي توقفت عندها كثيرا مسألة الربا في دار الحرب، فقد قرأت تقعيدها في مذهبنا، وهو تقعيد كان كافيا ألا ترده الأساليب التي تبعد أو تقرب من الموضوعية، مثل إثارة قضية المساواة وعدم الكيل بمكيالين .. إلخ وكذلك ما يثور به البعض على الفقهاء الحنفية بقولهم إن هذا هو منهج اليهود؛ حيث مانوا لا يرون حرجا في أن يؤذوا غيرهم اعتمادا على أن إلههم الذين يعبدونه هو إله بني إسرائيل، وأنهم ليس عليهم في الأميين سبيل .. فما كنت رأيت في ذلك حجة؛ إذ فعل اليهود فيه الإيذاء كما تدل عليه الظواهر وكما تدل عليه أفعالهم التي ذمهم القرآن بها، والقرآن ذمهم على الفعل، ولم يذكر تحايلا منهم في الأمر؛ بينما الحنفية لا يقولون بهذا، بل هم يأخذون الزيادة الربوية التي رضي بها الكافر، ولا يتأذى بها، ولما كانت أصول أموالهم مباحة لنا، وأننا أخذناها دون إيذاء وغدر، وأخذناها برضاهم، فالممنوع هو أخذها بسبيل غير مرضي، وإلا فهي ملكنا لعلة كفرهم. فاختلف عما يذكره المشنعون على الحنفية.

حتى كانت تلك اللحظات التي أكتب فيها تلك الكلمات، وكنت أقرأ قبلها بدقائق في كتاب الله تعالى وأتأمله، فاستوقفني قوله تعالى في سورة النساء:

{إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُم بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا (58)}

فهداني الله تعالى بتلك الآية إلى الحق في المسألة .. فقد أمرنا الله تعالى أن نحكم بين (الناس) أي جميع الناس .. وأمرنا أن نحكم (بالعدل) وهذا العدل مصدره خارج عن المسلمين وعن الكافرين؛ إن مصدره رباني بحت، إنه المساواة التي يقررها القرآن، والتي ما فرّق فيها بين الكافر والمؤمن .. ولا تأثير لرضا الكافر أو عدم رضاه لو كان فعلي هو خلاف العدل .. مثلما أنه لا تأثير في رضا معطي الزيادة الربوية في حل هذه المعاملة.

والحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله

ـ[أيمن بن خالد]ــــــــ[13 - 11 - 09, 11:26 م]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم

شيخنا محمد رشيد، أرشدك الله وإياي إلى الحق

سطرت فأوجزت فأجدت، رحمك الله. ويشهد الله أني أحبك في الله، وأسعد بقراءة مشاركاتك وأتتبعها وإن كنت شافعياً (ابتسامية).

عندي بعض الإستفسارات والتعقيبات لعل صدرك يتسع لها فهي أقرب للمدارسة و التفقه أكثر من كونها تعقيبات ردود. وما عندي من كلام يخص المسألة المثارة عند السادة الحنفية والتي تفضلت بذكرها في هذا الموضوع، لذا أرجو إن أسعفك الوقت، إيضاحها وتبيان وجه الصحة والخطأ في قولي:

أقول، مستعيناً بالله:

أولاً: أليس تعليل الجواز بأنّ أخذ الزيادة الربوية من الكافر تكون برضاه أمر لا يعقل صحته، لأنّ الرجل إن سلم من الجنون، فإنك لن تجده يشترط على نفسه الزيادة الربوية، فكيف يرضى أحد أن يزاد على دينه ما لم يأخذه، فيلزم برده؟ لذا ألا تظن أنّ القول أنه رضي لا يصح من حيث الوصف، فيكون الأصح أن نقول أنّ الرجل وافق على أخذ الزيادة الربوية منه مجبراً، فالعقل يقضي بأن لا يحمل الرجل نفسه ديناً لم يأخذه، وهي الزيادة الربية في هذه الحال!

ثانياً: أرى تخصيص السادة الحنفية جواز هذه المعاملة مقيداً، وذلك بأن تقع المعاملة في دار حرب وأن تكون الزيادة الربوية من حق المسلم فقط. وهذا لأنّ مشايخنا الحنفية يرون بحل أصول أموالهم. وقد إستشكل علي تطبيق المسألة على واقعنا الحالي، لغموض التقييد.

فتقيدهم وقوع المعاملة في دار الحرب كان بناءً على أنّ أهلها من المحاربين، فيكون مفهوم منطوق القيد متعلق حال قاطني البلد لا نفس البد، لذا أظن السادة الحنفية قالوا بحل أصول أموالهم بل ودمائهم، لكن في يومنا هذا يعلم الجميع أنّ الكثير ممن يسكنون بلاد الحرب يعارضون أمر بلادهم في محاربتهم للمسلمين، وعليه فهل يصار إلى مثل هذا التفريق؟ وهل هذا التفريق واجب في حق من أراد ابتداء مثل هذه المعاملة إن إفترضنا تقليد هذا العامي لهذا الرأي؟

ثالثاً: إن كان الجواز بناءً على علة حل أصول أموالهم لنا فهل تصح سرقة مصارفهم ومحالهم؟

من المعلوم أنّ الربا محرم في شرعنا، لكن جوزه السادة الحنفية على التقييد الذي ذكرته مسبقاً، على ما ظهر لي، لأن الضرر متحقق على المحارب (أو الكافر غير المحارب أو كلاهما، وأرجو تصحيحي)، لذا هل نستطيع قياسه على جواز عقد المسلم معهم معاملات هي محرمة في شرعنا، ما زال أنّ الضرر متحقق عليهم فقط؟ وعليه هل يجوز السادة الحنفية على أصل هذا الحكم تجارة المخدرات والخمر والدعارة متى تُحقّق حصر الضرر وأثره على الحربي أو الكافر فقط؟ فإن لم يجوزا التفريق، فعلى أي اصل إستندوا؟

حفظكم الله ونفع بكم وعذراً على الإطالة

محبكم في الله

أيمن بن خالد

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير