تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وبعد هذه المشاهدات، عاد النبي – صلى الله عليه وسلم – إلى مكّة، وأدرك أن ما شاهده من عجائب، وما وقف عليه من مشاهد، لن تتقبّله عقول أهل الكفر والعناد، فأصبح مهموماً حزيناً، ولما رآه أبوجهل على تلك الحال جاءه وجلس عنده ثم سأله عن حاله، فأخبره النبي – صلى الله عليه وسلم – برحلته في تلك الليلة، ورأى أبو جهل في قصّته فرصةً للسخرية والاستهزاء، فقال له: " أرأيت إن دعوت قومك أتحدثهم بما حدثتني؟ "، فقال له النبي – صلى الله عليه وسلم –: (نعم)، فانطلق أبو جهل ينادي بالناس ليسمعوا هذه الأعجوبة، فصاحوا متعجّبين، ووقفوا ما بين مكذّب ومشكّك، وارتدّ أناسٌ ممن آمنوا به ولم يتمكّن الإيمان في قلوبهم، وقام إليه أفرادٌ من أهل مكّة يسألونه عن وصف بيت المقدس، فشقّ ذلك على النبي – صلى الله عليه وسلم – لأن الوقت الذي بقي فيه هناك لم يكن كافياً لإدراك الوصف، لكنّ الله سبحانه وتعالى مثّل له صورة بيت المقدس فقام يصفه بدقّة بالغة، حتى عجب الناس وقالوا: " أما الوصف فقد أصاب "، ثم قدّم النبي – صلى الله عليه وسلم – دليلاً آخر على صدقه، وأخبرهم بشأن القافلة التي رآها في طريق عودته ووقت قدومها، فوقع الأمر كما قال.

وفي ذلك الوقت انطلق نفرٌ من قريش إلى أبي بكر رضي الله عنه يسألونه عن موقفه من الخبر، فقال لهم: " لئن كان قال ذلك لقد صدق "، فتعجّبوا وقالوا: " أو تصدقه أنه ذهب الليلة إلى بيت المقدس وجاء قبل أن يصبح؟ "، فقال: " نعم؛ إني لأصدقه فيما هو أبعد من ذلك، أصدقه بخبر السماء في غدوة أو روحة "، فأطلق عليه من يومها لقب " الصديق ".

وكان في هذه المواقف المتباينة حكم إلهيّة عظيمة، ففي تصديق أبي بكر رضي الله عنه إبرازٌ لأهميّة الإيمان بالغيب والتسليم له طالما صحّ فيه الخبر، وفي ردّة ضعفاء الإيمان تمحيصٌ للصفّ الإسلامي من شوائبه، حتى يقوم الإسلام على أكتاف الرّجال الذين لا تهزّهم المحن أو تزلزلهم الفتن، وفي تكذيب كفار قريشٍ للنبي – صلى الله عليه وسلم – وتماديها في الطغيان والكفر تهيئةٌ من الله سبحانه لتسليم القيادة إلى القادمين من المدينة، وقد تحقّق ذلك عندما طاف النبي – صلى الله عليه وسلم – على القبائل طلباً للنصرة، فالتقى بهم وعرض عليهم الإسلام، فبادروا إلى التصديق والإيمان، ليكونوا سبباً في قيام الدولة الإسلامية وانتشار دعوتها في الجزيرة العربية

ـ[أبو عبدالله الجبوري]ــــــــ[14 - 11 - 09, 04:48 م]ـ

قبسات من رحلة الإسراء والمعراج 1

وارتدّ أناسٌ ممن آمنوا به

لم يثبت ارتداد أحد من الصحابة، رضي الله عنهم، بعد معجزة الإسراء، والآثار الواردة في ذلك إما ضعيفة وليست صحيحة أو صحيحة ولكنها ليست صريحة.

ليكونوا سبباً في قيام الدولة الإسلامية وانتشار دعوتها في الجزيرة العربية [/ B]

لم يكن الهدف هو قيام دولة ولا انتشار دعوتها بل كانت الدولة تحصيل حاصل لدعوة الخير. والملاحظ أن كثيرا من كتاب اليوم يفسرون السنة والسيرة على وفق أصولهم السياسية المستحدثة ويحاولون تجيير النصوص وتأويلها وفق مناهجهم.

والله أعلم

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير