تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الفرق ُ بين البُكاءِ .. والبُكى .. والتّبَاكي ..

ـ[أبو الهمام البرقاوي]ــــــــ[15 - 11 - 09, 10:48 م]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين ..

وبعد.

تكلّم الإمام ابن القيّم عن أنواع البكاء .. وذكر الفرق بين بكاء الحزن والفرح .. ثم ذكر لطيفة ً جميلة ً عن الفرق بين البكاء والبكى والتباكي.

قال ابن القيّم –رحمه الله-

{هيئات البكاء}

وما كان من ذلك دمعا بلا صوت فهو بكى ... مقصور وما كان معه صوت فهو بكاءٌ ممدودٌ على بناء الأصوات ...

وقال الشاعر:

بكت عيني وحق لها بكاها

وما يغني البكاء ولا العويل

وما كان منه مستدعى متكلفا فهو التباكي ....

وهو نوعان:

1_محمود

2_ مذموم

فالمحمود أن يستجلب لرقة القلب ولخشية الله لا للرياء والسمعة.

والمذموم أن يجتلب لأجل الخلق وقد قال عمر بن الخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم وقد رآه يبكي هو وأبو بكر في شأن أسارى بدر: أخبرني ما يبكيك يا رسول الله؟ فإن وجدت بكاء بكيت وإن لم أجد تباكيت لبكائكما ولم ينكر عليه صلى الله عليه وسلم وقد قال بعض السلف: ابكوا من خشية الله فإن لم تبكوا فتباكوا. (1)

من آداب التلاوة: البكاء عند تلاوة القرآن الكريم

وكذلك من آداب التلاوة البكاء عند تلاوة القرآن الكريم، لأن الله قال: {وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعاً} [الإسراء:109]؛ ولأن النبي صلى الله عليه وسلم لما أمر ابن مسعود أن يقرأ عليه التفت إليه ابن مسعود فإذا عيناه تذرفان عليه الصلاة والسلام، والبكاء عند قراءة القرآن لا شك أنه دليل الخشوع إذا كان بكاءً صادقاً.

فإن البكاء على أنواع:

1 - منه ما يكون بكاء رحمة ورقة.

2 - ومنه ما يكون بكاء خوف وخشية.

3 - ومنه ما يكون بكاء محبة وشوق.

4 - ومنه ما يكون بكاء فرح وسرور.

5 - ومنه ما يكون بكاء حزن وجزع.

فالبكاء المطلوب عند تلاوة القرآن هو بكاء الخشوع وليس بكاء النفاق، وليس البكاء المستعار، أما التباكي فهو تكلف البكاء، وقد جاء في حديثٍ: (إن لم تبكوا فتباكوا) ولكن الحديث ضعفه الشيخ ناصر، وذكر الشيخ عبد العزيز بن باز في بعض فتاويه أنه لا يعرف صحته، والحديث رواه أحمد وغيره، فالبكاء عرفنا دليله من الكتاب والسنة، وعرفنا أن البكاء عند قراءة القرآن يكون بكاء خشوع وليس بكاء نفاق، مثل التظاهر بالبكاء لأجل أن يقول الناس عنه: إنه خاشع، وإنما هو بكاء خشوع، لو سمعه الشخص ارتاح إليه، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: (إن من أحسن الناس صوتاً بالقرآن الذي إذا سمعته يقرأ رأيت أنه يخشى الله)

(2) رواه ابن ماجة، وهو حديثٌ صحيح.

السؤال: ورد عن بعض السلف أنهم كانوا يصعقون عند سماع القرآن، فهل هذا صحيح؟ ...

الجواب: بعض السلف حصل له ذلك، ومنهم زرارة بن أوفى الذي يأتي في الأسانيد، فقد ذكر ابن كثير في تفسيره أنه قرأ قوله تعالى: فَإِذَا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ * فَذَلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ [المدثر:8 - 9] وكان يصلي بالناس وكان أمير البصرة، فخر مغشياً عليه، ثم مات رضي الله عنه وأرضاه، لكن هذا الأمر ليس تكلفاً، بل هو شيء يأتي من الله عز وجل، وبعض الناس يتكلفون شيئاً وهو يخالف ما في بواطنهم، مثل البكاء والتباكي، فالبكاء أن يبكي من غير اختياره، وأما التباكي فهو أ، يتكلف البكاء. وهذا الكلام يقال في المتكلفين الذين يتمايلون ويتساقطون، وهو: إذا كانوا صادقين فليكونوا فوق جدار ويفعلو هذا الفعل؛ لأنهم سوف يقعون ويموتون، وهم لا يريدون الموت. (2)

حكم التباكي في الصلاة لجلب الخشوع

ـــــــــــــــــــــــــ

[السؤال] فضيلة الشيخ: ما حكم التباكي في الصلاة جماعةً في المساجد بصوت مرتفع لجلب الخشوع؟

الجواب: التباكي المصطنع -كما يفعله بعض الناس- غير مشروع، وأما البكاء الذي يأتي من خشوع القلب واستحضاره لعظمة الرب والخوف منه، فإن هذا مشروع، وإذا ظهر منه صوت بغير اختياره وبغير تكلف منه فلا حرج، لكن التباكي المصطنع هذا أمر لا يُشرع ولا ينبغي، بل الذي ينبغي أن يتأمل الإنسان كلام الله عز وجل، فإذا تأمله بصدق ومعرفة للمعنى فإن قلبه يلين ويخشع ويبكي عند ذكر العذاب خوفاً منه، وعند ذكر الثواب طمعاً فيه، وعند ذكر الرب تعظيماً له، وعند ذكر الرسول عليه الصلاة والسلام وسيرته محبة له وشوقاً إليه. (3)

ــــــــــ

(1) 175__1 زاد المعاد في هدي خير العباد

(2) سلسلة الآداب الإسلامية 13__ 18

(3) 1_115اللقاء الشهري

ـ[أحمد بن شبيب]ــــــــ[15 - 11 - 09, 11:53 م]ـ

جزاك الله خيرا على هذا الموضوع الطيب يا أيها الطيب,

السؤال: ورد عن بعض السلف أنهم كانوا يصعقون عند سماع القرآن، فهل هذا صحيح؟ ...

الجواب: بعض السلف حصل له ذلك، ومنهم زرارة بن أوفى الذي يأتي في الأسانيد، فقد ذكر ابن كثير في تفسيره أنه قرأ قوله تعالى: فَإِذَا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ * فَذَلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ [المدثر:8 - 9] وكان يصلي بالناس وكان أمير البصرة، فخر مغشياً عليه، ثم مات رضي الله عنه وأرضاه، لكن هذا الأمر ليس تكلفاً، بل هو شيء يأتي من الله عز وجل، وبعض الناس يتكلفون شيئاً وهو يخالف ما في بواطنهم، مثل البكاء والتباكي، فالبكاء أن يبكي من غير اختياره، وأما التباكي فهو أ، يتكلف البكاء. وهذا الكلام يقال في المتكلفين الذين يتمايلون ويتساقطون، وهو: إذا كانوا صادقين فليكونوا فوق جدار ويفعلو هذا الفعل؛ لأنهم سوف يقعون ويموتون، وهم لا يريدون الموت. (2)

يقال أن علي بن الفضيل بن عياض رحمهم الله قد مات وهو في الصلاة مع أبيه فسمي بشهيد القرآن.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير