تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وإنما ينتفع المُتَعَلِّم بكلام العالم إذا كان فيه خِصال التَّواضع في نفسه، والحرص على التَّعَلُّم، والتَّعظيم للعالم، فبتواضعه ينجح فيه العلم، وبحِرْصِه يستخرج العلم، وبتعظيمه يستعطف العلماء.

ويُقال: المُخْتَصُّ بالمُتَعَلِّم من التوفيق أربعة: شِدَّة العِناية، وذكاء القَرِيْحَة [32]، ومُعَلِّمٌ ذو نصيحة، واستواء الطبيعة؛ أي: خُلوُّها من المَيْل لغير ما يُلْقَى إليها.

وإذا جَمَع العالمُ ثلاثًا، تَمَّت النِّعْمَة على المُتَعَلِّم: الصبر، والتواضع، وحسن الخلق، وإذا جمع المتعلم ثلاثًا، تمت النعمة على العالم: العقل، والأدب، وحُسْن الفهم.

ويقال: العلم يَفْتَقِر إلى خمسة أشياء، متى نقص منها شيء، نقص من علمه بقَدْر ذلك، وهي: ذِهْن ثاقب [33]، وشهوة باعثة [34]، وعُمُر، وجِدَة، وأُستاذ.

والجِدَة: الاستغناء، والمُراد به: ما كان من ضروريات المعيشة، التي لا يُتَوَصَّل للعلم إلا به؛ إذ لا يتَفَرَّغ للعلم إلا من كُفي ذلك، والمراد بالفقر في قول مالك: حتى يُذاق فيه طعم الفقر: عدم الزيادة على ذلك القدر.

وله خَمسُ مراتب: أن تذهب وتستمع، ثم أن تسأل فتفهم ما تسمع، ثم أن تحفظ ما تفهم، ثم أن تعمل بما تعلم، ثم أن تُعَلِّم ما تَعْلَم، والله الموفق.

قاله جامِعُه ومُلَفِّقُه، عَبْدُ رَبِّه، جعفر بن إدريس الكِتَّاني، مَنَحَه اللهُ دار التَّهاني، بفَضْله ومَنِّه، آمين.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[1] هذه الترجمة مستفادة من كتاب "فهرس الفهارس والأثبات" لمحمد عبدالحي بن عبدالكبير الكتَّاني، رحمه الله تعالى (1/ 186 - 188) ومن الترجمة التي صنعها الشيخ الدكتور حمزة الكتَّاني، وقد أرسل إليَّ بنسخة منها، جزاه الله خيرًا.

[2] من أولاده: العلاَّمة محمد بن جعفر الكِتَّاني صاحب "الرسالة المُسْتَطْرَفَة".

[3] يشير إلى ما رُوي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من قوله "أنا مَدينة العِلْم، وعَلِيٌّ بابُها" وفي لفظ "أنا دارُ الحِكْمَة، وعَلِيٌّ بابُها" وهو حديث كذب، لا أصل له؛ كما قال ابن معين، وابن حبان، وحكم عليه بالوضع غير واحد من الأئمة، منهم: ابن طاهر، وابن الجَوْزي، والنَّووي، وابن تَيْمِيَّة، والذَّهَبي، وغيرهم، واسْتَغْرَبَه التَّرمذي بعد أن رواه، ووَصَفَه في بعض نُسَخِه بالنَّكارة، ونقل الأئمَّة الذين خَرَّجَوا الحديث عن البخاري إنكار أن يكون له وجهٌ صحيحٌ، وعن أبي زُرْعَة قوله في هذا الحديث: كم خَلْق افْتُضِحُوا فيه، ووَصَفَه الدَّارقُطني بالاضطراب وعدم الثُبوت، وقال العُقَيْلي: لا يَصِحُّ في هذا المتن حديث.

نعم، صَحَّحَه الحاكم، وحَسَّنَه بمَجْموع طُرُقه العَلائي، وابن حجر.

أمَّا الحاكم، فقد صَحَّح غَيْرَ مَتْنٍ موضوع في مُسْتَدْرَكه، وهذا منها.

وأمَّا تحسين الحديث بمجموع طرقه، فلا يَستقيم مع تصريح الأئمَّة كابن حبان، وابن عدي بأنَّ هذا الحديث إنَّما يُعرف بأبي الصَّلْت الهَرَوي، وإنَّما كَثُرَت طُرُقه لكون سُرَّاق الحديث سرقوه منه، ورَكَّبُوا له أسانيد عِدَّة.

انظر: "المجروحين" لابن حبَّان (2/ 94،152،151)، و"الكامل" لابن عدي (1/ 189،192)، و (2/ 341)، و (3/ 412)، و (5/ 177،67)، و "ضعفاء العُقيلي" (3/ 149)، و"علل الدارقطني" (3/ 247)، و"مجموع الفتاوى" لابن تيمية (4/ 410)، و (18/ 123،377)، و"كشف الخفاء" للعجلوني (1/ 234 - 236)، و"الفوائد المجموعة" للشوكاني (ص349،348)، و"السلسلة الضعيفة" للألباني (برقم2955).

وكنتُ أنوي تَخريج الحديث هنا، ثم أعْرَضْتُ عن ذلك خَشية الإطالة؛ إذ مثل هذه الرسالة لا تتَحَمَّل مثل هذا التَّطويل، لا من حيث حجمُها، ولا من حيثُ طبيعة موضوعها، فالله المستعان.

[4] ناف الشيء: ارتفع، وأشرف، فلَعَلَّ المصنف أراد وَصْفَ تقييده للرسالة برفعة الشأن، والله أعلم.

وانظر: لسان العرب، مادة (نَوَفَ)

[5] أخرجه الطَّبَرَاني في "الأوسط" (6/ 58)، والقُضَاعِي في "مُسند الشِّهاب" (1/ 108)، (2/ 223)، وأبو سعيد النَّقَّاش في "فوائد العِراقيين" برقم 99، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" (8/ 404)، وغيرهم من حديث جابر بن عبدالله - رضي الله عنهما - بلفظ ((خير الناس أنفعهم للناس))، وهذا اللفظ جزء من الحديث، وليس هو بتمامه.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير