(وبالجملة) الظاهر أن القدماء كانوا مختلفين في المسائل الأصولية أيضا فربما كان شئ عند بعضهم فاسدا أو كفرا غلوا أو تفويضا أو جبرا أو تشبيها أو غير ذلك ذلك وكان عند اخر مما يجب اعتقاده أولا هذا ولا ذاك. . . انتهى
وأما فقهيا فقد تجاوزتم الخلاف الذي عند أهل السنة
عدة الأصول (ط. ج) - الشيخ الطوسي - ج 1 - ص 136 - 138ومما يدل أيضا على جواز العمل بهذه الاخبار التي أشرنا إليها ما ظهر بين الفرقة المحقة من الاختلاف الصادر عن العمل بها فاني وجدتها مختلفة المذاهب في الاحكام، يفتي أحدهم بما لا يفتي به صاحبه في جميع أبواب الفقه من الطهارة إلى أبواب الديات من العبادات، والاحكام، والمعاملات، والفرائض، وغير ذلك، مثل اختلافهم في العدد والرؤية في الصوم. واختلافهم في أن التلفظ بثلاث تطليقات هل يقع واحدة أم لا؟ ومثل اختلافهم في باب الطهارة وفي مقدار الماء الذي لا ينجسه شئ. ونحو اختلافهم في حد الكر. ونحو اختلافهم في استئناف الماء الجديد لمسح الرأس والرجلين. واختلافهم في اعتبار أقصى مدة النفاس. واختلافهم في عدد فصول الأذان والإقامة وغير ذلك في سائر أبواب الفقه حتى أن بابا منه لا يسلم الا (وقد) وجدت العلماء من الطائفة مختلفة في مسائل منه أو مسألة متفاوتة الفتاوى! وقد ذكرت ما ورد عنهم عليهم السلام من الأحاديث المختلفة التي تختص الفقه في كتابي المعروف ب (الاستبصار) وفي كتاب (تهذيب الأحكام) ما يزيد على خمسة آلاف حديث، وذكرت في أكثرها اختلاف الطائفة في العمل بها وذلك أشهر من أن يخفى حتى انك لو تأملت اختلافهم في هذه الأحكام وجدته يزيد على اختلاف أبي حنيفة، والشافعي، ومالك. . . انتهى موضع الشاهد من النص
قلت: فإن سلمنا جدلا وقلنا أن وجود الخلاف في مسألة ما دليل على ترك مذهب أهل البيت
فترككم أشد وأعظم.
ثالثا: ليس الخلاف بيننا وبين مخالفينا هو رضاع الكبير فليس من يعتقد به دخل في الإسلام ولا
من إعتقد بخلافه خرج منه , ليس هذا خلافنا الحقيقي , ونقول للرافضة هل القول برضاع الكبير حق أم باطل؟ إن كان حقا فقد قال به
من قاله منهم وإن كان باطل بمعنى أنه غير محرم فعليه جمهور أهل السنة وأكثر علمائهم قال شيخ الإسلام: " ولهذا كان جمهور العلماء والأئمة الأربعة وغيرهم على أن رضاع الكبير لا تأثيرله واحتجوا بما فى الصحيحين. . . "
فعلى هذا كان الحق مع جماهير أهل السنة والأئمة الأربعة وأكثر أهل العلم وبهذا فليس في طرح القوم لهذه المسألة إلا تثبيت الحق مع جمهور أهل السنة , بمعنى أنه على كلا التقديرين فالحق لا يخرج من أهل السنة وان كنا لا نقول بعصمة آحادهم.
قال شيخ الإسلام في أحد مسائله: " فالشناعة التي شنع بها على أبي حنيفة إن كان حقا فجمهور أهل السنة يوافقون عليها وإن كانت باطلا لم تضرهم شيئا "
وقال أيضا: " وكذلك ان هذا القول لم يقله جميعهم، فان كان حقا فقد قاله بعضهم، وان كان الحق هو نقيضه
فقد قال بعضهم ذلك , فعلى التقديرين لم يخرج الحق عن أهل السنّة "
رابعا: أن موضوع رضاع الكبير لا يطرح غالبا إلا حين يحرج القوم ولا يجدون ملجأ ولا مغارات ولا مدخرا في مقابلة محاوريهم لهم ببعض القضايا في الجنس والمتعة , كفتوى مرجعهم حين سأل: [هل يجوز أن تمتهن المرأة، أو الفتاة زواج المتعة كمهنة ضمن الضوابط الشرعية تعيش وتتكسب من خلالها؟
الفتوى: يجوز] وفتوى مرجعهم الآخر [سؤال: هل يجوز لمس العورة من وراء الثياب من الرجل لعورة رجل آخر، ومن المرأة لعورة أخرى، لمجرد اللعب والمزاح، مع فرض عدم إثارة الشهوة؟ الخوئي: لا يحرم في الفرض، والله العالم] فيحرج ويرمي مخالفيه بدائه وينسل محاولا قلب الطاولة أو رمي الكرة في ملعبهم! بمعنى أن هذا
الموضوع لا يطرح غالبا في ما نعلم من بعضهم إلا تشفيا لا طرحا يراد منه الوصول إلى حقيقة المسألة وفهمها من جميع جوانبها.
علما أن كلامنا هنا – للإنصاف - عن المتشددين والمعاندين المكابرين عن الحق , أما عوام الشيعة وعقلائهم الباحثين عن الحقيقة
فهؤلاء نمد لهم أيدينا محبين لهم الخير والهداية والله نسأل أن يوفقنا وإياهم إلى الحق وإلى طريق مستقيم.
ـ[أبو عبد الرحمن العاقل]ــــــــ[18 - 11 - 09, 11:24 م]ـ
¥